قال عبد الرحيم واكيلي، اللاعب السابق للمنتخب الوطني، إن الطريقة التي لعبت بها العناصر الوطنية تعطي الانطباع على أن الاستعدادات لم تكن في المستوى، منتقدا في السياق ذاته اختيار مدينة ماربيا السياحية لاحتضان المعسكر الإعدادي للمنتخب. وأوضح الواكيلي في حوار أجرته معه «المساء» أن من أشرف على التعاقد مع غيريتس لا يفقه شيئا في كرة القدم لخلو العقد الذي يربطه بالجامعة من عقدة أهداف ضمنها بلوغ أحد الأدوار المتقدمة خلال النسخة الحالية، متسائلا هل بات مستوى المنتخب يقتصر على ضمان المشاركة فقط في العرس القاري. وانتقد واكيلي غياب اللاعبين المحليين عن تشكيلة المنتخب مقابل الاعتماد على لاعبين محترفين يعيشون العطالة مع أنديتهم أو آخرين عائدين من إصابة حكمت عليهم بالغياب لفترة طويلة عن الملاعب. - بداية، كيف تقيم المشاركة المغربية في الكأس القارية؟ سأصدقكم القول وأؤكد أنني تابعت فقط مبارتي تونس والغابون بحكم أن المباراة الثالثة أمام النيجر لم يكن لها أدنى أهمية بعد الإقصاء النهائي من المنافسة، وعليه فالمباراة الافتتاحية ظهرت خلالها العناصر الوطنية بوجه جيد رغم ارتكابها العديد من الأخطاء القاتلة سواء على مستوى الدفاع من خلال ترك العديد من الممرات الفارغة والشوارع الكبيرة التي أحسن مهاجمو نسور قرطاج التعامل معها لتوقيع الأهداف التي كانت كافية لهم للظفر بنقاطها في الوقت الذي تفنن فيه مهاجمو الخط الأمامي للمنتخب في تضييع العديد من الفرص السانحة، وكما يعلم الجميع ففي مجال كرة القدم حينما تضيع فانتظر أن تتلقى شباكك الأهداف، ورغم ذلك فالمنتخب التونسي لم يكن بذلك المستوى الكبير من الناحية التقنية عكس الجانب التكتيكي الذي كان مصدر قوته نتيجة حسن التموقع الجيد للاعبين وتطبيقهم على نحو جيد للنهج التكيتيكي المعتمد من طرف المدرب سامي الطرابلسي بفضل انضباطهم الكبير، فضلا عن الروح العالية للمجموعة ورغبتها الجامحة في الخروج بنقاط المباراة، وفي نظري هذه هي العوامل التي غلبت كفة المنتخب التونسي على حساب منتخبنا الوطني. - ( مقاطعا) هناك من يقول إن المنتخب كان هو الأفضل في المباراة وكان يستحق الفوز؟ دعني أوضح لك أن الاستحواذ على الكرة والتحكم في مجريات المباراة لفترة طويلة لا يعني بالضرورة تحقيق الفوز، الكرة تتطلب الواقعية بالقدر الذي تستوجب فيه الفاعلية لبلوغ الأهداف المنشودة، وفي غياب هذين العنصرين يستحيل بلورة الأهداف وترجمتها على رقعة المستطيل الأخضر، صحيح أن عناصرنا كانت أفضل على المستوى التقني، وبإجراء مقارنة بسيطة بين الأسماء التي نتوفر عليها وتلك التي تضمها التشكيلة التونسية سيتضح، وبكل جلاء، قوة اللاعبين المغاربة وتفوقهم من الناحية التقنية، لكن هذا الجانب يستلزم بدوره استعدادا بدنيا كبيرا، خصوصا في منافسة من حجم العرس الإفريقي. - هل نستشف من كلامك أنك تشكك في قيمة الاستعداد البدني للاعبين؟ بكل تأكيد هناك نقص في هذا الجانب، وأعتقد أن الكل وقف على هذه الحقيقة من خلال أداء اللاعبين وبطئهم داخل رقعة الميدان، لقد كان هناك تخوف قبل بداية المسابقة بخصوص الانعكاسات المرتقبة لقلة تنافسية مجموعة من اللاعبين بسبب غيابهم عن الممارسة وملازمتهم لدكة البدلاء، كما أن هناك لاعبين غير جاهزين بالمرة بعد عودتهم من إصابات غيبتهم لفترة طويلة، وهو المعطى الذي اتضح جليا، وبمنتهى الوضوح، خلال المباراة الثانية أمام الغابون ومرد ذلك في نظري إلى الاختيارات التي يتحمل المدرب مسؤوليتها لأنه وحده من له الصلاحية بالمناداة على من يراه مناسبا وبالتالي فكامل المسؤولية يتحملها في قراراته. لقد ظهر على اللاعبين نقص كبير في المخزون البدني وهو ما يعني أن الاستعدادات لم تكن بالشكل المطلوب ولم تقدم الإضافة المنتظرة، وهذه النقطة تحيلني بالضرورة إلى التطرق لموضوع اختيار ماربيا الإسبانية ذات المناخ المتوسطي والخصائص الأوروبية المحضة للاستعداد لمنافسة ستدور رحاها في الأدغال الإفريقية بما تحمله المعادلة من تناقض واضح وتباين كبير بين طبيعة المناخ السائد في المنطقتين، وهي النقطة التي خلفت بدورها بعض المخاوف بمجرد الإعلان عن المكان الذي سيحتضن الاستعدادات، وأعتقد أن حدس المتتبعين وتمرس اللاعبين السابقين كانا في محله بعد مشاركة باهتة بمستوى بدني ضعيف وغياب الروح الجماعية، نملك لاعبين جيدين لكننا لا نشتغل وفق منظومة جماعية ومترابطة، وهنا لن أترك الفرصة تمر دون التذكير، ومن باب الأمانة، بالدور الكبير الذي كان يقوم به العميد السابق نور الدين النيبت في الملعب لدرجة أنني كنت أسمع توجيهاته من مربع عمليات المنافس. - سأعود معك إلى تشكيلة المنتخب، هل من ملاحظات بخصوصها؟ كما قلت تحديدها يبقى من صلاحيات المدرب وحده وهو ما يجعلنا نتريث في إصدار الأحكام عليها إلى غاية انتهاء المباريات، لقد بدا واضحا، ومنذ البداية، أن ثمة مشاكل تلوح في الأفق بسبب قلة التنافسية ونقص الجاهزية، والدليل أن لاعبين فقط من ضمن الرسميين هما من يلعبان بشكل مستمر مع نادييهما ويتعلق الأمل ببلهندة وبنعطية، الأول اعتبر من نجوم المنتخب خلال الدورة إلى جانب العميد خرجة في المقابل لم يظهر بنعطية بمستواه المعهود كما هو الشأن بالنسبة لأغلبية اللاعبين، وهذه من الأمور التي كانت منتظرة للاعتبارات التي سبق الإشارة إليها على اعتبار أنه لا يمكن للاعب مفتقد للتنافسية وغير جاهز بدنيا أن يقدم أشياء ايجابية أو على الأقل القيام بدوره خصوصا إذا ما علمنا أن المسابقة تدور في أجواء خاصة وظروف مختلفة لتلك التي تعود عليها اللاعبون الممارسون بأوروبا، وهنا سأفتح قوسا لأتساءل عن السر وراء تهميش لاعبي البطولة الوطنية، صحيح أنني لست من متتبعيها، لكن هذا لا يمنع من ضرورة إشراك لاعبين أو ثلاثة على الأقل منها وإلا كيف يمكن تشجيع الممارسة المحلية والمساهمة في الرفع من مستواها، هذا فضلا عن كون لاعبي المغرب الفاسي راكموا تجارب مهمة بعد فوزهم باللقب الإفريقي وهو الأمر ذاته الذي ينطبق على لاعبي الرجاء والوداد البيضاويين، وبالتالي كان من الأفيد الاستعانة ببعض اللاعبين المحليين. - هناك من تحدث عن سلوكات مشينة شابت المعسكر الإعدادي بماربيا، ما تعليقك على هذه النقطة؟ أظن أنه لا يختلف اثنان في كون مثل هذه السلوكات تضر بمصلحة المنتخب وبسمعة اللاعبين، وهنا لا أجزم أنه كانت هناك تصرفات أم لا لأنني لا أعرف حقيقة ما وقع، وعليه فأنا أتحدث من باب الفرضية وأقول إنه غير مسموح بالمرة القيام بمثل هذه السلوكات التي تسيء إلى المشهد الرياضي بشكل عام والمردود الوطني بشكل خاص. - بالموازاة مع ذلك استأثر راتب غيريتس باهتمام كبير، ما تعليقك؟ سأعود معك إلى القاعدة السابقة والتي تقول إن كل مسؤول يتحمل مسؤولية اختياراته، وهنا سأوضح أن من عينوا غيريتس هم من يتحمل المسؤولية وفي نظري لا علاقة لهم بمجال كرة القدم ولا يفقهون فيها شيئا وإلا فكيف يوقعون معه عقدا دون أن يتضمن عقدة أهداف في منافسة قارية أم أن قيمة المنتخب ومستواه ينحصران في ضمان التأهل؟ فضلا عن كون راتبه أسال الكثير من المداد وطرح العديد من التساؤلات خصوصا أن المدرب لم يسبق له الإشراف على تدريب أي منتخب وعليه فغياب النتائج لا يشفع له بتلقي أموال كثيرة. - هل يمكن للمنتخب الوطني أن يفوز باللقب مستقبلا؟ يجب أن ننظر إلى المسابقة في سياقها الحالي وبمنظور الواقعية لا العيش على الأطلال لنقف على حقيقة عدم وجود منتخبات ضعيفة وأخرى حديثة، والدليل على ذلك أن المنتخب الغابوني الذي كنا ننتصر عليه بأربعة أو خمسة أهداف أصبحنا لا نستطيع مجاراة إيقاعه، وبالتالي فقد ولى زمن الفرق بين المنتخبات، بعدما قطعت تلك التي كانت تصنف إلى الأمس القريب أشواطا مهمة في درب التقدم والنسخة الحالية تؤكد هذه الحقيقة بالملموس.