ماكرون يزور المغرب غداً وهذه تفاصيل برنامج زيارته    البواري يطلق عملية الزرع المباشر من إقليم الحاجب    عشرات الإصابات في عملية دهس قرب مقر الموساد في تل أبيب    ارتفاع حصيلة الضربات الإسرائيلية على إيران وإدانة واسعة للهجوم..    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل أربعة جنود    هذا هو الثمن الغالي الذي ستدفعه إسرائيل وأميركا    السلطات الإسبانية تحقق في واقعة اعتداء رجل أمن على مواطن مغربي داخل قنصلية مورسيا    اختتام فعاليات مهرجان ليكسا للمسرح في دورته الخامسة عشرة بمدينة العرائش    فيلم "عصابات" يتوج بالجائزة الكبرى للمهرجان الوطني للفيلم في طنجة    افتتاح معهد البحرين للموسيقى الشرقية في مدينة أصيلة    طقس الأحد.. أمطار رعدية بعدد من المناطق    مدرب أسود الأطلس سابقا يعود لتدريب المنتخب السعودي    المنتخب الوطني لكرة القدم الشاطئية ذكور يتوج باللقب للمرة الثالثة على التوالي    المحامون يصعّدون في وجه وهبي.. إضراب مفتوح وتوقف شامل عن المرافعات    لفتيت: أزيد من 12 مليار درهم لإنجاز أوراش تنموية مهيكلة ستجعل جهة فاس مكناس قطبا اقتصاديا وسياحيا رائدا على المستوى الوطني    موثقو إفريقيا يشيدون بنظرائهم المغاربة    آلاف الأشخاص يتظاهرون في لشبونة احتجاجا على عنف الشرطة    بنكيران: دعم العدالة والتنمية لفلسطين واجب وطني وديني رغم اتفاق التطبيع    تجار: استيراد اللحوم الحمراء لن يخفض اسعارها الا في حدود 80 درهم    حجز 72 كلغ من الكوكايين خلال عمليتين منفصلتين بميناء "طنجة ميد" والكركارات    قنصلية المملكة بمورسيا تخرج عن صمتها حول واقعة الاعتداء على مواطن مغربي    هذا برنامج زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمغرب    فوز ثمين لنهضة بركان على الوداد    جهة طنجة تحافظ على المرتبة الثانية في دينامية إحداث المقاولات بالمغرب    تسجيل حالة إصابة جديدة بفيروس "كوفيد-19"    البواري يعلن عن تدابير لدعم الفلاحين    الرئيس الفرنسي سيلقي خطابا في البرلمان المغربي    جمعية المحامين تقرّر مقاطعة الجلسات    "أدباء العراق" يحتفي بالشاعر بنيس    بسبب ضعف الإقبال... سعيدة فكري تغيب عن سهرة لها بأكادير    فيلم "عصابات" لكمال الأزرق يتوج بالجائزة الكبرى للدورة ال 24 لمهرجان الفيلم بطنجة    البطولة الاحترافية "إنوي" للقسم الأول (الدورة 8) .. نهضة بركان يفوز على مضيفه الوداد الرياضي (1-0)    الرياضة للجميع / جمع عام: السيدة نزهة بدوان تؤكد أن موسم 2023-2024 كان بحق استثنائيا بكل المقاييس    إيران تعلن خسائرها بعد الضربة الإسرائيلية    مؤزارا بضباط الشرطة... مجلس المنافسة يقتحم مقر شركة لتوصيل الطلبات قال إنه يشتبه "ارتكابها ممارسات منافية" للمنافسة    تساقطات مطرية محليا قوية يوم السبت والأحد بعدد من أقاليم المغرب    الكاف يحسم جدل مباراة ليبيا ونيجيريا بعد احتجاز بعثة الأخيرة بالمطار    طالب طب يضع حدا لحياته بسبب أزمة طلبة الطب والصيدلة    السينغال تحرز لقب "كان الشاطئية"    توقعات بتسجيل تساقطات مطرية وانخفاض في درجات الحرارة بالمغرب    الملك محمد السادس يهنئ الرئيس الفيدرالي لجمهورية النمسا بمناسبة العيد الوطني لبلاده    من بينها الحسيمة وتطوان.. المكتب الوطني للمطارات يعتزم استثمار 123 مليار لتوسيع عدد من المطارات    ارتفاع عدد حالات التسمم الغذائي في "ماكدونالدز" بالولايات المتحدة الأميركية    منظمون: الدورة ال15 من الماراطون الدولي للدار البيضاء ستعرف مشاركة عدائين عالميين يمثلون أزيد من 50 بلدا    انخفاض مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي بميناء طرفاية    وهبي: القانون الدولي يخدم البلدان القوية .. و"التأويلات المفرطة" تستدعي اليقظة            هجوم إسرائيلي جديد يستهدف مواقع لتصنيع الصواريخ في إيران    أكاديمية المملكة تتذوق "الطبخ الأندلسي" .. مؤرخ: المطبخ يصنع الأخوة الحقيقية    بعد وفاة شخص وإصابة آخرين إثر تناولهم "برغر" من "ماكدونالد" بأمريكا.. السبب هو البكتيريا الإشريكية القولونية    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    فرط صوديوم الدم .. الأعراض والأسباب    التغير المفاجئ للطقس بيئة خصبة لانتقال الفيروسات    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شريط «أياد خشنة» لمحمد العسلي.. مشروع سينمائي وطني
نشر في المساء يوم 31 - 01 - 2012

هنا يمكن القول إن شريط «أياد خشنة» يكرم المرأة المغربية ويقدم صورة إيجابية عنها عبر بعض الشخصيات النسائية، ويتبين هذا مع قول مصطفى لزكية في بداية الفيلم: «حرام هاد ليدين يخدمو في جني التوت في إسبانيا»؛ وأيضا مع زكية التي أجهشت بالبكاء وهي تتحدث هاتفيا إلى خطيبها حين قالت: «كن شفتي التبهديلة اللي بهدلوني... وإلى بغيتيني أجي أنت عندي»،
وهي كلمات لها حمولتها السيكولوجية؛ ثم من خلال قيام أم مصطفى بواجبها في البيت كأم رغم أنها فاقدة لبصرها؛ ومن خلال أم زكية صانعة الزرابي. وفي هذا الصدد، فالفيلم يوجه رسالة قوية (دون السقوط في الربورتاج) لمن يهمه الأمر حينما قام المخرج بتسليط الضوء على الإهانة التي تتعرض لها النساء الراغبات في التوجه إلى إسبانيا عندما تتم مراقبة أيديهن وأرجلهن من طرف الإسبان، بمعنى أن غنى (اقتصاد) أوربا قام على سواعدهن وسواعد أبنائهن.
ومن بين مميزات شريط/مشروع «أياد خشنة» -الذي يختلف صراحة، في نوعه، عن شريط «فوق الدار البيضاء الملائكة لا تحلق» ذي الطابع الدرامي- اعتماده على الرموز الثقافية، مثل آلة القانون التي ترمز إلى الفن العربي الأصيل (حيث إيقاع الكاميرا المصاحب للعزف أشرك المشاهد في عالم العازف)، والزربية المغربية الضاربة جذورها في تاريخ الشعب المغربي والتي تشكلت مع أحداث الشريط، ذلك أنها تحيل سيميائيا أولا على البيت والعائلة، فالانتهاء من صنعها يصادف رغبة مصطفى (الاسم له دلالة الإنسان المختار للمهام الصعبة في الشريط، وأيضا العراب) في الزواج من زكية (طيبة الروح والكلام)، والمعمار المغربي البارز بشكل واضح في فيلات الطبقة الغنية، والحي المغربي أي «الحومة» وما تمثله في المخيال الجماعي المغربي من تآزر وتلاحم وفضاء اجتماعي تتشكل فيه شخصية الإنسان المغربي، ف«الحومة» هنا لم تعد فضاء المهمشين والفقراء والمنحرفين، بل تمت إعادة صياغتها لتصبح فضاء الحب والكد والمساعدة والتغيير والرضى بالحياة.
وعلى ذكر الفضاء، فإن محمد العسلي، خلافا لبعض المخرجين المغاربة، توفق إلى حد كبير في تفكيك فضاء مدينة الدار البيضاء وتسليط كاميراه عليها من فوق ومن تحت، أفقيا وعموديا، في امتلائها وفراغها، في حركيتها وسكونها، في شساعتها وضيقها، بغناها وفقرها، ببرها وبحرها؛ لكن بشاعرية عكسها جمال الصورة والموسيقى وأوقات التصوير، خاصة في الصباح الباكر، حتى لا نقول زمن السرد، شاعرية لا تخلو أحيانا من قسوة نراها في أعين شخصية أخرى هي شخصية أخ مصطفى، الشاب الذي يعيش متنقلا في الشوارع الواسعة ومستأنسا بأقفاص طيوره (تضاد)، في إيحاء جميل بما يعانيه داخليا من صراع بين الحلم والواقع، وهو ما تم التعبير عنه في اللقطات الأولى من الفيلم حينما تم التركيز عليه وهو في السطح يتأمل الفضاء، حيث أوهمتنا الكاميرا بأنها في دوار لا منتهٍ، كما هي طبيعة الحياة وطبيعة الأحلام. وقد تكرر هذا المشهد، لكن بشيء جديد في كل لقطة، ليظهر لنا فضاء الميناء في لقطة كبيرة تذكرنا بأفلام هوليوود العظيمة وكأننا في استوديو ضخم للتصوير.
كما يعتمد هذا المشروع/الشريط على توظيف التراث المغربي توظيفا إيجابيا كمعطى هوياتي مشترك، ليس فقط من خلال فرقة أحواش التي ترفع من قيمة الثقافة الأمازيغية، وإنما أيضا من خلال الأمثلة الشعبية ونمط العيش المغربي وإبراز التقاليد الإيجابية في المجتمع، ولاسيما في ما يتعلق باحترام قدسية العائلة وخصوصية الحميمية بين الرجل والمرأة؛ فالتراث لا يعني فقط ذلك الإرث الملموس أو الحسي بل أيضا ما تتوارثه الأجيال من أشياء غير حسية أو مرئية، لها علاقة بما هو ثقافي وفكري يحقق للإنسان انتماءه إلى بيئة اجتماعية معينة.
كل هذه المعطيات تم توظيفها سينمائيا بشكل تناغمي بعيد عن أي نشاز كيفما كان نوعه، حيث يحس المشاهد بصدق الإبداع وصدق المعالجة الفنية ومصداقية الشخصيات والأحداث ومصداقية المشاعر المتولدة عنها، بمعنى أن المخرج أعطانا درسا سينمائيا بامتياز على جميع مستويات صناعة الشريط، مع التأكيد على نقطة هامة وهي أنه يمكننا الاعتماد على التقنيين الأجانب، لكن لخدمة سينمانا التي نريدها، لا تلك التي يريدها غيرنا؛ كما قدم إلينا أيضا شريطا مغربيا بكل مواصفات المغربة، يؤكد لنا أن مخرج الشريط يمتلك مشروعا سينمائيا وطنيا يمكننا من خلاله رفع تحدي المنافسة العالمية ولمَ لا «تصديره» إلى الخارج، إضافة إلى تحقيق مصالحة الجمهور مع القاعات السينمائية التي هجرها منذ سنوات غالبا بسبب رداءة أفلامها.
في هذا السياق، طرحت الأديبة الأردنية سناء شعلان، في إحدى مقالاتها، سؤالا هاما هو: «ما الذي يجعل الجماعة تفقد ثقتها في المبدع؟»، فأجابت كالآتي: «إن الجماعة ستفقد ثقتها في المبدع الوصولي الزائف المتسلق الذي يتاجر بالمواقف والأفكار والمثل وصولا إلى فائدته، لذلك سهل على الجماعة أن تكتشفه وتحتقره وتكفر به، وتحفظ نموذجه الكاذب»، وأضافت: «لتنحاز إلى المبدع الثابت على مبادئه، المخلص لقيمه، الذي يطوع موهبته من أجل مصلحة الجماعة ومن أجل إيمانه بإنسانيته وبإنسانية الآخرين. وهذه الأرضية الأخلاقية الإنسانية القائمة على أرض الوعي والإبداع هي ما يجعل الجماعة ترفض المبدع الوصولي، شأنها شأن المبدع الحق، وتقبل على المبدع الملتزم القوي ضد المغريات». (مجلة روافد الثقافية المغربية، العدد 15، 2009).
ولا شك أن شريط «أياد خشنة» سيعرف إقبال الجمهور عليه لاعتماده أسلوب «السهل الممتنع» ولالتزام مخرجه بقضايا وطنه وبأحلام مواطنيه الذين أصبحوا يتطلعون، بعد الربيع العربي، إلى سينما أكثر جدية ومسؤولية وأكثر احترافية.
ناقد سينمائي


مصطفى الطالب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.