اضطر المحجوبي أحرضان، مؤسس حزب الحركة الشعبية، إلى إرجاء توقيع الجزء الأول من مذكراته التي تغطي مابين بداية انطلاق جيش التحرير إلى تولي الملك الراحل الحسن الثاني مقاليد الحكم، والذي كان ينتظر حدوثه مساء أول أمس الأربعاء بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط، بالتزامن مع عرضه لآخر لوحاته التشكيلية. وكشفت مصادر مطلعة أن قرار وزير الدفاع الوطني الأسبق إرجاء التوقيع جاء بناء على تخوفات عبر عنها عدد من المقربين منه بخصوص ما يمكن أن تثيره مضامين المذكرات من جدل ونقاش في الساحة السياسية لا يستساغ إثارتهما في اللحظة السياسية الراهنة. وقالت المصادر إن أحرضان اتخذ جميع الترتيبات لإحضار مذكراته، التي أشرف عليها وزير الخارجية السابق روبير فيدرين، إلى المغرب لتوقيعه، وبالتالي طرحها في الأسواق، بيد أن نقاشا حول التأثيرات السلبية التي يمكن أن تكون لتلك المذكرات، خاصة في ما يتعلق بوقائع تعود إلى فترة ما قبل الاستقلال وما بعده، وصولا إلى تقلد الراحل الحسن الثاني لمقاليد الحكم خلفا لوالده الملك محمد الخامس، وعلاقاته ببعض القيادات الحزبية التاريخية من قبيل صديقه الدكتور عبد الكريم الخطيب. وحسب المصادر، فإن التخوف من التشويش على التجربة الحكومية الحالية التي يقودها ورثة الخطيب كان له كبير الأثر في قرار أحرضان إرجاء توقيع الجزء الأول من المذكرات وطرحه للبيع إلى وقت لاحق، والاكتفاء بتوقيع كتاب لأحد النقاد الفرنسيين بشأن تجربته التشكيلية. ويستحضر «الزايغ» في مذكراته التي تحمل عنوان «امسترا» بالأمازيغية، ومعناها بالعربية «مهما كان الثمن»، ذكرياته مع الشخصيات التي جمعته معها السياسة والمقاومة، ومن بينها الراحل الخطيب، الذي يعتبره «رفيقا وصديقا، تموت عليه، ويموت عليك». وفيما تداعى عدد من السياسيين الحاليين والسابقين ووزراء في حكومة بنكيران من أمثال وزير الداخلية والتقدمي محمد أمين الصبيحي، وزير الثقافة، وزراء الحركة الشعبية ، والاستقلالي محمد الوفا، وزير التعليم المدرسي، فضلا عن عبد الحق المريني، الحاجب الملكي السابق ومؤرخ المملكة الحالي، لحضور معرض أحرضان، سجل غياب ملحوظ لوزراء وقياديي حزب العدالة والتنمية، رغم العلاقة المتميزة التي تربطهم بالزعيم الحركي. إلى ذلك، لم يتخل أحرضان عن حس الفكاهة المعروف عنه خلال حفل افتتاح معرضه التشكيلي، إذ علق خلال تجاذبه أطراف الحديث مع العنصر والوفا وأوزين على زيارة سعد الدين العثماني، وزير الخارجية والتعاون، وكشف هذا الأخير عن جزئيات من محادثته مع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، والتي خصت مقامه بوجدة وعلاقته برجالات المقاومات والتحرير، وفي في مقدمتهم الخطيب وأحرضان، بالقول: «كون عرفتو أنه غادي يمشي إلى الجزائر كون قلت له سولو على بلغتي». وتربط أحرضان والرئيس الجزائري علاقة صداقة متينة منذ سنوات المقاومة والتحرير، حيث كان يقيم بوتفليقة بمنزله، وهي العلاقة التي ما زالت مستمرة إلى حدود اليوم، إذ دأب أحرضان بمناسبة شهر رمضان على بعث هدية (علبة تمر) إلى صديقه عبر السفير الجزائري بالرباط. كما أنه دائم الاتصال به هاتفيا كل شهر، تقول مصادر مقربة من أحرضان.