انتهت النسخة الثالثة عشرة من مهرجان السينما الوطنية بطنجة على وقع فضائح بالجملة، كانت آخرها منح الجائزة الكبرى لفيلم لم يحظ لدى الجمهور بأي صدى، في الوقت الذي تم تهميش أفلام خلفت أصداء جيدة وتوقع كثيرون أن تحصد أغلب الجوائز. وعرف اليوم الأخير من المهرجان مواجهة مشينة بين المخرج أحمد بولان، الذي حاول الاعتداء على المخرج نبيل لحلو، في الفندق الذي يقيمان فيه بطنجة. وقال شهود عيان إن بولان، توجه غاضبا نحو لحلو، وسأله لماذا وصف فيلمه «عودة الابن»، بأنه ضعيف المستوى، ثم حاول نطحه برأسه بقوة، غير أن لحلو تجنب نطحة بولان، فيما تدخل أحد معارف الطرفين وأمسك ببولان ومنعه من الاعتداء على لحلو. وتدخلت عدة أطراف وطلبت من نبيل لحلو التكتم على الاعتداء، غير أن هذا الأخير، استغل ندوة صحفية أدارها مدير المركز السينمائي المغربي، وروى تفاصيل الاعتداء، حيث كان يجهش بالبكاء وهو يحكي طريقة اعتداء بولان عليه. وجاءت هذه الحادثة ضمن حوادث أخرى كثيرة عرفها المهرجان، بدءا من التنظيم الكارثي، ومرورا بالصراع على أطباق الأكل وتوزيع بطاقات الدخول على المعارف، وانتهاء بتوزيع جوائز المهرجان الذي أثار استهجانا كبيرا في المهرجان. ولوحظ أن حفل توزيع الجوائز لم يحضره أي مسؤول محلي أو مركزي، إذ غاب عنه وزير الاتصال، كما غاب والي وعمدة طنجة. وشكل عدم حصول أفلام وازنة وقوية، مثل فيلم «أياد خشنة»، للمخرج محمد العسلي، وفيلم «عمر قتلني»، للمخرج رشدي زم، صدمة قوية لدى من حضروا حفل الاختتام، ليلة الأحد الماضي، الذي عرف تتويج فيلم على الحافة للمخرجة ليلى الكيلاني، بالجائزة الكبرى للفيلم الطويل، وحصول «الطريق إلى الجنة» لهدى بنيمينة، على جائزة الفيلم القصير. وفور الإعلان عن منح الجائزة الكبرى لكيلاني، بدا على المخرجة فرح هستيري وذهول غير مفهوم، وقالت معتذرة إنها لم يكن لديها الوقت الكافي لتصفيف شعرها، فيما كانت تحاول عناق الجميع فرحا بهذه الجائزة التي لم تكن تتوقعها بالمرة. وفور الإعلان عن النتيجة، رددت الألسن أن المخرجة المذكورة قريبة لنور الدين الصّايل، في الوقت الذي نفت مصادر أخرى ذلك، واعتبرت منح الجائزة لهذا الفيلم محاولة لتجنب منحها لأفلام أخرى، خصوصا فيلم «أياد خشنة» لمحمد العسلي، لأسباب مرتبطة بتوجه العسلي نحو سينما مرتبطة بهموم الناس ومشاكلهم، في الوقت الذي يجر الصايل السينما المغربية نحو مظاهر البذاءة وتبذير الأموال العمومية على أعمال تافهة ومناقضة لتقاليد وأخلاق المغاربة. وعرف الحفل الختامي تتويجات كانت غير متوقعة، فيما أسقطت 3 من أصل 4 أفلام كانت مرشحة بقوة للظفر بالجائزة الكبرى للمهرجان وجوائز أخرى عديدة، (أسقطت) نهائيا من لائحة المتوجين، ويتعلق الأمر ب«عمر قتلني» لرشدي زم، و«شي غادي شي جاي» لحكيم بلعباس، و«الأحرار» لإسماعيل فروخي، فيما تم الاكتفاء بمنح فيلم «أياد خشنة»، الذي كان من أبرز المرشحين للتتويج بالجائزة الكبرى، جائزة أفضل دور رجالي، التي نالها الممثل محمد بسطاوي. وظفر الفيلم المثير للجدل «موت للبيع»، لفوزي بن سعيدي، بجائزة لجنة التحكيم، وهو فيلم لقي استهجانا كبيرا بسبب مشاهده البذيئة وحواره السمج، فيما نال المخرج محسن البصري جائزة العمل الأول عن فيلمه «المغضوب عليهم»، بينما نال فيلم «موشومة» جائزة أحسن سيناريو، الذي كتبه كل من مخرجه لحسن زينون ومحمد سكري. ونالت جليلة تلمسي جائزة أحسن دور نسائي عن دورها في فيلم «أندرومان من دم وفحم»، هذا الفيلم توج أيضا بجائزة أحسن دور رجالي ثان، والتي ذهبت للممثل أمين ناجي، فيما نالت نادية النيازي جائزة أفضل دور نسائي ثان عن أدائها في فيلم «عاشقة من الريف». وكان توزيع الجوائز التقنية محل استغراب كبير، وصل إلى درجة الاستياء والاحتجاج، وتجلى ذلك بقوة عند منح جائزة أحسن مونتاج لفيلم «السيناريو» لمخرجه سعد الله عزيز، حيث ووجه الإعلان عن منحه الجائزة، بصيحات الاستهجان والاحتجاج، وامتنع معظم من في القاعة عن التصفيق له، كما لم يكن تتويج فيلم «الابن الشيخ» لحميد بناني بجائزة أفضل صورة، محل رضى الجميع، في الوقت الذي ذهبت فيه جائزة أحسن موسيقى أصلية لمحمد أسامة، مؤلف موسيقى «أندرومان من دم وفحم»، الذي حظي ب3 جوائز في حفل اختتام المهرجان، وحصل فيلم «موشومة» على جائزة ثانية هي جائزة الصوت، فيما حظي فيلم «الطريق إلى كابول» لإبراهيم الشكيري بتنويه خاص من لدن لجنة التحكيم. وكانت جوائز الفيلم القصير أقل إثارة للجدل، إذ نال فيلم «إرث» لرضى مصطفى جائزة لجنة التحكيم، وظفر فيلم «الليلة الأخيرة» بجائزة السيناريو، الذي كتبته مخرجته مريم التوزاني، إلى جانب فوز فيلم الطريق إلى الجنة، لهدى بنيمينة بالجائزة الكبرى، فيما نال فيلم اليد اليسرى لفاضل اشويكة تنويها خاصا من لجنة التحكيم. واعتبر عدد من المخرجين والنقاد أن توزيع الجوائز لم يكن صائبا، في حالات كثيرة، بل منهم من مضى إلى اعتبار الأمر «ترضية لأطراف ولو على حساب أطراف أخرى»، وعبر سينمائيون عن ذلك مباشرة بعد خروجهم من حفل الاختتام، حيث صرح المخرج محمد إسماعيل قائلا «إن هناك جوائز غير مستحقة سلمت لبعض الأعمال، فيما لم تنل أعمال أخرى ما تستحق»، فيما وصف المخرج حسن بن جلون الأمر ب»الشوهة» مبديا عدم رضاه عن الطريقة التي وزعت بها الجوائز.