قدم عبد الإله بنكيران، صباح أمس، تصريح حكومته داخل البرلمان وسط احتجاجات غير مسبوقة رفعت خلالها نساء برلمانيات من مختلف الفرق النيابية لافتات منددة باستوزار امرأة واحدة داخل فريقه الحكومي ضمن 30 وزيرا من الرجال، فيما لم تحتج أي برلمانية من نساء العدالة والتنمية على هذا الأمر. وتزامنا مع ذلك، تظاهرت فعاليات نسائية أمام البرلمان احتجاجا على الحضور الباهت للمرأة داخل الحكومة، فيما واجه بنكيران هذه الاحتجاجات النسائية بالتأكيد على أن الحكومة ستعمل على اعتماد سياسة فعالة وطموحة للنهوض بوضع المرأة. ووعد بنكيران النساء المحتجات بإقرار نظام مؤقت للتمييز الإيجابي لفائدة المرأة في التعيينات والتنزيل الفعلي لمقتضيات الدستور المتعلقة بالمساواة بين الرجال والنساء والسعي إلى تحقيق المناصفة، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن حكومته ستعمل على تأهيل النساء وتمكينهن سياسيا واقتصاديا وتعزيز مشاركتهن في الحياة العامة والوصول إلى مراكز القرار. وفي الوقت الذي صفقت بعض البرلمانيات لكلام بنكيران، نظر هذا الأخير إلى نساء المعارضة وقال لهن: «إنكن تعلمن بأنني صادق فيما أقول».
ومن جهة أخرى، سطر البرنامج الحكومي خمسة توجهات كبرى، هي تعزيز الهوية الوطنية الموحدة وصيانة تلاحم وتنوع مكوناتها والانفتاح على الثقافات والحضارات ثم ترسيخ دولة القانون والجهوية المتقدمة والحكامة الرشيدة الضامنة للكرامة والحقوق والحريات والأمن والقائمة على المواطنة الحقة وربط المسؤولية بالمحاسبة والحقوق بالواجبات، إضافة إلى مواصلة بناء اقتصاد وطني قوي ومتنوع الروافد القطاعية والجهوية وتنافسي ومنتج للثروة وللشغل اللائق وسياسة اقتصادية ضامنة للتوزيع العادل لثمار النمو. أما التوجه الرابع فهو تطوير وتفعيل البرامج الاجتماعية بما يضمن الولوج العادل إلى الخدمات الأساسية، خصوصا التعليم والصحة والسكن، ويكرس التضامن وتكافؤ الفرص بين الأفراد والفئات والأجيال والجهات. أما التوجه الخامس فهو تعزيز التفاعل الإيجابي مع المحيط الجهوي والعالمي وتقوية الأداء العمومي لخدمة المغاربة المقيمين في الخارج.
وحدد البرنامج الحكومي، الذي جاء في 94 صفحة، ثلاثة مرتكزات سواء في وضع السياسيات أو في تنفيذها، وهي العمل المندمج والمتكامل والمقاربة التشاركية وربط المسؤولية بالمحاسبة.
وكرر عبد الإله بنكيران أكثر من مرة عبارة الصرامة في المحاسبة والحكامة، معلنا عن أن الحكومة ستقدم الحساب إلى عموم المواطنات والمواطنين في متم الولاية التشريعية صونا لمصداقية الانتخابات وفعالية المؤسسات.
وتحدث رئيس الحكومة عن أن الدفاع عن السيادة والوحدة الوطنية والترابية والقضايا العادلة للمغرب، وفي مقدمتها النزاع المزمن حول الصحراء المغربية، تعتبر أولية الأوليات للبرنامج الحكومي، مؤكدا أن الحكومة ستسخر كافة جهودها من أجل الوصول إلى حل سياسي نهائي متوافق عليه في احترام تام للوحدة الوطنية والترابية للمغرب.
وفي تعليق أولي على ما جاء في البرنامج الحكومي، أكد أحمد الزيدي، رئيس الفريق الاشتراكي، أن البرنامج جاء غارقا في العموميات دون تقديم الإجابة عن أسئلة مطروحة من قبيل السياسة التي ستنهجها الحكومة في مواجهة الأزمة المالية.
وقال الزيدي في تصريح ل«المساء»: نحن لا نعارض النوايا والأهداف النبيلة، ولكن نعارض البرنامج وسيأتي الوقت لنعرض موقفنا بدقة».
ومن جهته، أوضح حكيم بنشماس، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس المستشارين، أن البرنامج الحكومي لم يؤسس لقطيعة مع التدبير الحكومي السابق، وإن كان البرنامج الحكومي قد تحدث في كثير من الفقرات عن الحكامة، لكن دون ذكر الكيفية، يضيف بنشماس الذي قال، في تصريح ل«المساء»: «بغض النظر عن النوايا، فإن البرنامج يفتقر إلى الأرقام ولم يضع جداول زمنية، كما غلبت عليه مفردات القاموس الأخلاقي، وإن كنا نعتبر هذا جيدا ولكنه غير كاف».
وطالب رئيس فريق «البام» بالغرفة الثانية رئيس الحكومة بالاعتذار عن تمثيلية امرأة واحدة تماشيا مع ما سبق أن أبان عنه من كونه مستعد للاعتذار إذا ما حصل هناك خطأ، مضيفا أن وجود امرأة واحدة ضمن الحكومة هو من خطايا الحكومة الجديدة، إضافة إلى وجود وزير ذكر اسمه في تقرير المفتشية العامة للمالية في قضية فساد، حسب بنشماس.