فاجأت النساء البرلمانيات عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، قبل أن يبدأ عرض البرنامج الحكومي، برفع شعارات تذكره بضرورة المناصفة، طبقا لما نص عليه الدستور. وزاد احتجاج النساء البرلمانيات داخل قبة البرلمان، إضافة إلى احتجاج ثان خارج البرلمان، للجمعيات النسائية المطالبة بالمناصفة، (زاد) من صدمة رئيس الحكومة، الذي قال لهن "سنعمل على السعي لتحقيق المناصفة"، مجددا تأكيده أن "برنامج الحكومة يتضمن مقتضيات وإجراءات واقعية سيؤدي تفعيلها إلى دعم التقدم الديمقراطي، والازدهار الاقتصادي، والتكافل الاجتماعي". واستغرق عرض البرنامج الحكومي، أمس الخميس، أمام البرلمان، والمتكون من 90 صفحة، ساعة و17 دقيقة من الحديث دون توقف، شرب خلالها رئيس الحكومة أكثر من أربعة كؤوس ماء، وردد كثيرا أنه "صادق وليس ممن يبيعون الكلام". واعتمد بنكيران على تقنية إرسال الإشارات الصامتة، إذ كلما وصل، أثناء قراءته للبرنامج الحكومي، إلى إجراء حكومي يقضي محاربة الفساد والحكامة، إلا وكرر عبارة "محاربة الفساد" وعيناه تتجهان صوب صفوف المعارضة، معتبرا أن البرنامج الحكومي يشكل "تعاقدا سياسيا وأخلاقيا متجددا، يقوم على مواصلة الوفاء بالتزاماته، وتنفيذ تعهداته، مسنودا بمشاركة وثقة الناخبات والناخبين". وأكد بنكيران أن البرنامج الحكومي يعتمد على ثلاثة مرتكزات، تتعلق بالعمل المندمج والمتكامل، والمقاربة التشاركية، وربط المسؤولية بالمحاسبة. وتضمن البرنامج خمسة توجهات كبرى، تتمثل في تعزيز الهوية الوطنية، وترسيخ دولة الحق والقانون والحكامة، ومواصلة بناء اقتصاد قوي ومنتج، وتفعيل تطبيق البرامج الاجتماعية في التعليم والصحة والسكن، وتعزيز التفاعل مع المحيط الجهوي والدولي. وذكر رئيس الحكومة أن عرض البرنامج الحكومي يأتي في سياق حراك ديمقراطي عربي، تمكن فيه المغرب من التفاعل الإرادي والاستباقي مع تحدياته واستحقاقاته، وأن المغرب استطاع أن يشق مسارا متميزا واستثنائيا، نجح فيه الشعب المغربي، بقيادة جلالة الملك محمد السادس في إرساء خيار ثالث، قائم على الإصلاح في إطار الاستقرار، ومرتكز على أرضية الثوابت الراسخة للأمة المغربية، المتمثلة في التشبث بالدين الإسلامي السمح وقيمه، والدفاع عن الوحدة الوطنية أرضا وشعبا، والتشبث بالملكية الدستورية، والاختيار الديمقراطي. وقال بنكيران إن "البرنامج الحكومي توخى الإرادية والطموح، واعتمد أهدافا مرقمة، وتدابير واقعية قابلة للإنجاز، وذات وقع على المعيش اليومي للمواطن، وأثر مباشر لفائدة بلادنا وأجيالنا المقبلة، في استجابة لتطلعات وانتظارات المواطنات والمواطنين، وفي إطار التنزيل الديمقراطي والتشاركي لمقتضيات الدستور". وأكد أن البرنامج الحكومي يسعى إلى تجسيد الالتزام بتنزيل الدستور ومتطلباته التشريعية والمؤسساتية، والاستجابة للانتظارات الجوهرية والملحة للشعب المغربي بفئاته وشرائحه، داخل الوطن وفي الخارج، ولعموم الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين ومؤسسات المجتمع المدني، والوفاء بالالتزامات الدولية للبلاد، مشيرا إلى أن البرنامج الحكومي يهدف إلى توطيد مسلسل بناء مجتمع متوازن ومتماسك ومستقر ومتضامن ومزدهر، يضمن العيش الكريم لكافة المغاربة في الداخل والخارج، وقائم على تنمية الطبقة الوسطى، بتوفير الشروط اللازمة لإنتاج الثروة، وتحقيق التضامن بين مختلف شرائحه. وأوضح بنكيران أن أهداف البرنامج الحكومي تتحقق وفق خمسة توجهات كبرى، تتعلق بتعزيز الهوية الوطنية الموحدة، وصيانة تلاحم وتنوع مكوناتها، والانفتاح على الثقافات والحضارات، وبترسيخ دولة القانون، والجهوية المتقدمة، والحكامة الرشيدة، الضامنة للكرامة والحقوق والحريات والأمن، والقائمة على المواطنة الحقة، وربط المسؤولية بالمحاسبة والحقوق بالواجبات، ومواصلة بناء اقتصاد وطني قوي متنوع الروافد القطاعية والجهوية، وتنافسي ومنتج للثروة وللشغل اللائق، وسياسة اقتصادية ضامنة للتوزيع العادل لثمار النمو. وتعهد البرنامج بتطوير وتفعيل البرامج الاجتماعية، بما يضمن الولوج العادل إلى الخدمات الأساسية، خصوصا التعليم والصحة والسكن، ويكرس التضامن وتكافؤ الفرص بين الأفراد والفئات والأجيال والجهات، بتعزيز التفاعل الإيجابي مع المحيط الجهوي والعالمي، وتقوية الأداء العمومي لخدمة المغاربة المقيمين بالخارج.