منذ صدور ظهير 1.08.49 بتاريخ 22 ربيع الآخر 1429(29 أبريل 2008) والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 5630 بتاريخ 15 مايو 2008، الذي عين المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج وحدد الاختصاصات والصلاحيات المسندة إليه، وقرر في نفس الوقت، لممارسة مهامه، بأن يوضع تحت سلطته «كمندوب عام لإدارة السجون وإعادة الإدماج» موظفو وأعوان مديرية إدارة السجون وإعادة الإدماج سابقا، ولاسيما الخاضعون منهم للمرسوم 2.73.688 الصادر بتاريخ 12 نونبر كما هو منصوص عليه بالمادة الخامسة من المرسوم 2.98.385، الصادر بتاريخ 28 صفر 1419 الموافق ل23 يوليوز 1998، المتعلق بتحديد اختصاص وتنظيم وزارة العدل، قرر بأن تلحق بالمندوبية المنشأة هذه الإدارة التي كانت تابعة لوزارة العدل. فهل إلحاق «إدارة السجون وإعادة الإدماج»، وهذه تسميتها السابقة، ب«المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج»، وهي تسميتها الجديدة، ينسجم مع باقي النصوص التي لها علاقة إما مباشرة أو غير مباشرة والمتعلقة أساسا بالاعتقال؟ أو أن الوضع يقتضي إعادة النظر في هذا الاختيار، وإرجاعه إلى الجهة التي كان لها حق الإشراف على هذه الإدارة وهي وزارة العدل؟ لقد انتقد جل الحقوقيين الوضعية الجديدة لهذه الإدارة والتي عهد ظهير تأسيسها إلى الوزير الأول لتنفيذ ما جاء فيه، خصوصا تعيين المديرين المشار إليهم في المادة الثانية من نفس الظهير، وتحديد تأليف اختصاصات اللجنة المحدثة بموجب نفس الفصل. وقد أعطى الظهير اختصاصات واسعة للمندوب العام، إلا أنه ترك الإشراف وتنفيذ مقتضيات الظهير الجديد للوزير الأول. إن هذه المقتضيات خلقت وضعا جديدا فيه تناقض كبير بين المقتضيات القانونية، التي لم يطلها لحد الآن أي تعديل أو تغيير، خصوصا مقتضيات المادة 608 من قانون المسطرة الجنائية، الذي ينص على «أنه لا يجوز الاعتقال إلا بإحدى المؤسسات السجنية التابعة لوزارة العدل» وبين المقتضيات الجدية، التي جعلت إدارة السجون مؤسسة مستقلة تابعة للوزير الأول .. بل وقد ذهب بعض المهتمين بحقوق الإنسان في المغرب إلى أنه منذ صدور هذا الظهير، الذي أحدث المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج ، أصبحت وضعية السجناء غير قانونية، وبذلك أصبح الاعتقال في المؤسسات السجنية منذ إنشاء الإدارة الجديدة تعسفيا لمخالفته الصريحة لمقتضيات الفصل 608 من القانون الجنائي، لأن السجناء يوضعون في مؤسسات تابعة لغير وزارة العدل. إن وزارة العدل، وانسجاما مع مقتضيات الفصل 608 المذكور، لازالت تعتبر أن كل ما يتعلق بالوضع تحت الاعتقال يدخل ضمن اختصاصها، لأن النصوص المتعلقة بالوضع تحت الاعتقال لم يلحقها أي تغيير، وبذلك فإن القرار الصادر عن وزير العدل بتاريخ 7 جمادى الأولى 1432 الموافق ل 11 أبريل 2011 بشأن تحديد اختصاصات وتنظيم الأقسام والمصالح التابعة للمديريات المركزية لوزارة العدل، اعتبر في المادة الثانية أن من بين اختصاصات «مديرية الشؤون الجنائية والعفو» إنشاء مصلحة زيارات التفتيش ومراقبة الوضع تحت الحراسة النظرية والاعتقال الاحتياطي، وكذا مصلحة قضايا السجناء وحقوق الإنسان. فهل تحديد مصالح مديرية الشؤون الجنائية والعفو هذا تم بناء على تكريس المقتضيات القانونية السابقة، والتي لم يلحقها أي تغيير؟ أم أن وزارة العدل لم تنضبط بشكل صريح وواضح لمقتضيات الظهير المنشئ للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج التي ألحقت هذه المؤسسة بالوزير الأول ولم تبق تابعة لها أم أن وزارة العدل قامت بذلك في إطار التهييئ لإرجاع المؤسسة لوضعها الطبيعي، انسجاما مع كل القوانين والنصوص التي لها علاقة بالوضع تحت الاعتقال؟ من دون شك أن ظهير إحداث «المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج»، والتي ألحقها مباشرة بالوزير الأول، قد خلف وضعية جديدة تتناقض مع باقي النصوص، التي تنظم الوضع تحت الاعتقال، وبذلك فإنني اعتبر أن من بين الأوراش المستعجلة التي ينبغي أن تحظى باهتمام الحكومة الجديدة قصد تدارك هذا التناقض والعمل على إرجاع الأمور إلى وضعها السابق وانسجاما مع مقتضيات الفصل 608 من قانون المسطرة الجنائية والقوانين الأخرى، إلحاق هذه المؤسسة من جديد بوزارة العدل حتى يتم وضع حد للاعتقال بصفة غير شرعية، أي بصفة تعسفية، على حد التعبير الحقوقي.