تصريحات عباس الفاسي، الوزير الأول السابق وأمين عام حزب الاستقلال، كشفت المستور في الحياة السياسية المغربية. فلا أحد من المتابعين بات يعرف بالتحديد من الذي يقول الحقيقة، عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، أم عباس الفاسي؟ فهذا الأخير خرج في تصريحات مثيرة نفى فيها، جملة وتفصيلا، أن يكون قد اتفق مع بنكيران على لائحة وزراء حزبه، الأمر الذي أثار غضب بعض الاستقلاليين من تلك التصريحات. العارفون بالمطبخ الداخلي لحزب الاستقلال يؤكدون أن خرجات عباس الفاسي وراءها رغبة في كتم أسرار ما حصل في مفاوضاته مع بنكيران، من أجل ضمان بعض الحقائب الوزارية لمقربين منه، خصوصا لأصهاره، الذين يريدون حصتهم من «وزيعة» حكومة بنكيران. عباس الفاسي قضى على رأس الحكومة السابقة سنوات كانت كلها معارك سياسية واتهامات له بالفشل في تدبير أمور حكومته وضبط أغلبيته، وكنا نتمنى أن يختم أمين عام حزب الاستقلال ولايته على رأس الحكومة السابقة بمراجعة النفس والقيام بنقد ذاتي، بدل أن يجر المتاعب على نفسه وعلى حزبه. وإذا كان هناك بعض المستور فيما جرى، فقد كان الأولى لعباس الفاسي أن يخرج عن صمته ويكشف حقيقة مفاوضاته مع رئيس الحكومة. مؤسف أن تظل الحياة السياسية في بلادنا بمثل هذه الضبابية وعدم الوضوح، فالمنتظر من المسؤولين في بلادنا أن يكونوا فوق المصالح الشخصية، وأن يقدموا المصلحة العليا للبلاد، خاصة في هذا الظرف، وأن يعطوا المثال الإيجابي للناشئة، بدل تكريس هذه القيم السلبية.