هؤلاء مغاربة ليسوا كغيرهم، أشخاص مختلفون عن باقي الناس. إنهم خارقون، يتمتعون بقدرات جسدية وروحية وعقلية مذهلة. يثير بعضهم جدلا واسعا ويناطحون الدين بالعلم والعقل بالخرافة ويجذب إليهم بعضهم عدسات كاميرات العالم ويُحيّرون علماء دين ونفس واجتماع. في هذا الملف، نُطْلعكم على بروفايلات مغاربة يتوفرون على قدرات خارقة ونعرض لحكايات آخرين شدّوا إليهم أنظار الأجانب بفضل قواهم المذهلة. يتناقل المغاربة، حتى اليوم، قصصا أغربَ من الخيال حول أشخاص يحظَوْن بقوى خارقة للعادة. كتب تاريخ وتصوف تشير إلى إن أولياء ومتصوفين مغاربة كانوا يتوفرون على قدرات تفوق الطبيعة البشرية، إذ تشير روايات متصوفة إلى أن بعض الأولياء كانت لديهم القدرة على المشي فوق الماء.. كما كانت لآخرين «كرامات» استثنائية، من قبيل محاربة السباع وترويض ومعاشرة الذئاب والحيوانات المفترسة.. لم تكن هذه القدرات الخارقة حكرا على أشخاص بعينهم، إذ ما زال اعتقاد شائع عند المغاربة، حتى اليوم، ينسب قوى مبهرة إلى قبائل بعينها، مثل اشتهار أبناء «الدغوغيين» بقدرتهم الخارقة على قلع الأسنان والأضراس دون ألم، باستعمال طقوس غاية في الغرابة، أو اشتهار قبائل في دكالة بكونهم يعالجون العقم ولدغات الأفاعي والعقارب، كما أنهم يتباهَوْن بحمل عقارب مسمومة بأيديهم، دون أن يَمسَّهم سوء. قصص المغاربة من القدرات الخارقة توثقها أيضا كتب سحر أسود، تشير إلى أن قدرة «فْقْها» على الإتيان بأمور تدخل في باب الإعجاز وتمثل غاية تطويع «الفقيه» للجن وتسخيرهم لخدمته، إذ يشيع وسط مغاربة أن ل«فْقها» قدرات خارقة على التنقل، في رمش العين، بين أصقاع الكرة الأرضية، وهو ما يُسمّونه «طي الأرض»، كما بمقدور بعضهم الاختفاء عن الأنظار أو ما يسمى في قاموس السحر الأسود «الإخفاء». كانت تعقد مواسم من أجل معاينة الطاقات الاستثنائية التي يمتاز بها مغاربة، تُشَد فيها الرحال إلى أضرحة أولياء وتنظم فيها «حلاقي» يتباهى فيها «المجاذيب» بشرب الماء الحارق وبأكل الزجاج وبالمشي فوق النار ومراقصة الأفاعي والقيام بألعاب سحرية عجيبة.. في الحقيقة، لقد حظيّ مغاربة قدماء بقدرات خارقة اضطرت باحثين أجانب إلى الاهتمام بهذه الظواهر من منظار علم الاجتماع. في مقدمة هؤلاء الباحثين بول باسكون، عالم الاجتماع الشهير، الذي أفرد لهذه الظواهر الغريبة كتابا أسماه «أساطير ومعتقدات من المغرب». في جزء من هذا الكتاب، يتحدث باسكون عن أمور تفوق الخيال، من بينها أن أستاذا للفلسفة قدِم إلى المغرب من أجل دراسة حقيقة «عيشة قنديشة»، وبعد بحث طويل، اضطر إلى إحراق ما كتبه ومغادرة المغرب بعد توالي أحداث غامضة وقعت له منذ شروعه في البحث.. صار المغاربة، الآن، أكثر إعمالا للعقل، لكنهم في المقابل لا يخفون اندهاشهم من ظهور علامات خارقة على أشخاص بعينهم. هذا ما يتأكد من خلال تناثر أحاديث عن امتلاك أشخاص قدراتٍ عقليةً وجسدية وروحانية خارقة. تكاد لا تخلو مدينة مغربية من رجل يحشد إليه آلاف الزوار سنويا، يطلبون العلاج على يديه ويشتهر بين الناس بكونه صاحب قدرات خارقة على العلاج، إما بالاستعانة بالقرآن والرقية الشرعية أو ب»تسخير الجن». في الدارالبيضاء، يشتهر شاب يدعى «الشيخ ربيع»، يقيم في أحد أحياء المدينة ويستقبل يوميا عشرات الزوار الذين يعانون مسا من الجن. علاج «ربيع» للممسوسين بالجن يتم بشكل فردي، مقابل 100 درهم، أو بشكل جماعي، مقابل 50 درهما، إذ تجتمع في شقته مجموعة من المرضى ويبدأ في صرعهم، جماعيا، إلى درجة أن المكان يضُجّ بصياحهم، المنسوب إلى «جن» يسكنون أجسادهم. يحدث الأمر ذاته داخل أحد منازل المدينة القديمة في الدارالبيضاء، حيث يقيم معالِج بالقرآن، يأتي لزياراته أشخاص من مناطق شتى. يدخلون اليهود المغاربة، أيضا، قائمة الأشخاص الذين يتوفرون على قدرات علاجية خارقة، أبرزهم شخص يدعى «الحاخام أوهايون»، والذي يستقبل عشرات المرضى يوميا داخل شقته في شارع المسيرة في الدارالبيضاء، كما يستقطب معالج يهودي آخر، يقيم بإحدى فيلات آنفا الفخمة في العاصمة الاقتصادية، عشرات المرضى الذين يأتونه من كل أصقاع المغرب. لا تقتصر هذه «القوى الخارقة» لدى مغاربة على أشخاص يحترفون السحر أو العلاج الروحاني، بل تشمل مغاربة يتوفرون على قدرات خارقة يصعب تفسيرُها، أحيانا، حتى على العلم نفسِه. في هذا الملف، نكشف لكم عن مغاربة «خارقين»، شيوخ وشباب وأطفال ورجال ونساء يحظون بقوى استثنائية ويُبهِرون الجميع بذكائهم وبأجسادهم وبقدراتهم الروحية...