شهدت مدينة وزان، في الأسبوع الماضي، تنظيم يوم دراسي، احتفاء بحلول العام الهجري الجديد، تحت شعار «إشارات وبِشر مما هي الهجرة النبوية من دلالات وعبر»، من طرف مؤسسة «جمعية الصفا لمدح المصطفى»، بتنسيق مع الزاوية الوزانية بالمدينة، وتوزعت أنشطة اليوم الدراسي بين فضاء العمالة ومقر الزاوية. وخلال كلمته، أكد ممثل الزاوية الوزانية على أهمية اللقاء ضمن الأفق التربوي والروحي لمسار الزاوية، بينما شرح رئيس «جمعية الصفا لمدح المصطفى»، أحمد الحراق، الأبعاد الثقافية والروحية والمقاصد العلمية والتربوية، التي يندرج في إطارها هذا النشاط الثقافي الجامع بين «قوت الأفهام وقوت القلوب»، حسب تعبيره، والمحكوم بسياق خاص وعام، تطرح فيه بقوة أسئلة القيم والأخلاق وقضايا الهوية والاختلاف والعلاقة بالذات والآخر، والتي يمكن الاهتداء إلى حدث الهجرة النبوية في إضاءة الكثير منها. وهي القضايا التي طرحتها الجلسة الأولى، التي تدخلت في بدايتها الدكتورة كريمة بوعمري، مديرة مركز خديجة رضي الله عنها، لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث كشفت عما تحبل به الهجرة النبوية «من قيم الإيمان الراسخ والمحبة الصادقة والتوكل الحق». بعد ذلك، تدخل محمد الزريولي، خطيب المسجد الأعظم بوزان، الذي استلهم من أحداث الهجرة دلالات تتعلق بأهمية ومحورية دور فئتي الشباب والنساء في بناء صرح الأمة الإسلامية، فضلا عما تنضح به تلك الأحداث من قيم إنسانية كونية، مثل الوفاء بالعهود والثبات على المبادئ وحتمية انتصار الحق. فيما تدخل عدنان زهار في موضوع مخصوص عنونه ب«الأخذ بالأسباب بين مقام النبوة والتشريع»، ليقف عند علامات مقام النبوة في الوقائع الدالة على الأخذ بالأسباب في حدث الهجرة، معتبرا أن كل ما كان يأخذ به النبي صلى الله عليه وسلم من إجراءات وأسباب ذات مقصد تشريعي، يقابله ما يختص به من ميزات تفرد مقامه بوصفه نبيا خاتما معصوما. واختتم محمد الخيراوي الجلسة الصباحية بمداخلة تحت عنوان «نجوم الهجرة»، تعرض فيها لنماذج من أعلام الصحابة، الذين شهدوا الهجرة النبوية، مبرزا بعض المكارم والخصال التي استحقوا بها صحبة النبي عليه السلام، ومتأملا بعض المواقف الدالة، التي عبروا من خلالها عن عظيم محبتهم للجناب النبوي الكريم، وعن صادق سعيهم إلى نشر الدعوة الإسلامية وقيمها وسخي بذلهم من أجل تبليغها للإنسانية. وبعد الزوال، واحتفاء بصدور كتاب تأصيلي لفن السماع وإنشاد المديح النبوي، خصص المنظمون الجلسة الثانية لتقديم قراءات في كتاب «فتح الأنوار في بيان ما يعين على مدح النبي المختار» للشيخ محمد بن العربي الدلائي، الذي درسه وحققه الدكتور محمد التهامي الحراق، وهي القراءات التي تولاها كل من الدكتور عبد الإله الغزاوي، الذي قدم وصفا دقيقا لمنهج وأبواب وفصول العمل، وأبرز الحضور الوزاني في مجال المديح النبوي والسماع الصوفي، منتهيا إلى التنويه بالقيمة الاستثنائية لهذا التأليف، مقاربة ومعطيات ونتائج. وعلى ذات النهج سارت مداخلة الدكتور عبد العزيز بن عبد الجليل، أحد أعلام البحث الموسيقي، حيث وضع كتاب «فتح الأنوار» في سياقه، مبرزا جهود الدارس والمحقق في إخراج هذه الوثيقة النفيسة وإسهامه في تأصيل فن السماع المغربي من النواحي الأدبية الفنية والصوفية والفقهية. فيما ركز الدكتور مصطفى الخراز، الكاتب العام لجمعية الصفا، على جملة من القضايا والإشكالات التي يطرحها الكتاب، مضيئا خصوصية التناول المنهجي والمعرفي، اللذين عامل بهما الدارس المتن الفني لكتاب «فتح الأنوار». وقد تلا هذه الجلسة حوار عميق مع الدارس والمحقق، كما تمت مناقشة مستفيضة لمختلف العروض الصباحية، الأمر الذي جعل من هذا اللقاء فضاء للحوار العلمي الرصين والنقاش المفتوح والجاد حول مختلف الأبعاد التي يثيرها حدث الهجرة النبوية، روحيا وسياسيا وحضاريا وجماليا. وقد توج هذا اليوم بحفل سماع قدمته «جمعية الصفا» برحاب فضاء الزاوية، أَنشدت فيه برنامجا سماعيا خاصا بالمناسبة، عنونته ب«مديح هجرة وسماع حضرة»