صلاح العلوي يفصلنا قرابة شهر عن نهائيات كأس أمم إفريقيا في كرة القدم التي تحتضنها الغابون وغينيا الاستوائية، حيث يشارك المنتخب الوطني الذي تنتظره مهمة التتويج بالكأس الإفريقية التي انتظرناها طويلا. حسابيا، يصنف المنتخب المغربي ضمن كبار القارة الإفريقية، خصوصا بتواجد لاعبين يمارسون ضمن فرق كبيرة في أوروبا. وبالنظر إلى أن التشكيلة التي ستدافع عن الألوان المغربية تضم لاعبين شكلوا فريقا يفترض أن يكون التوافق والانسجام بين مكوناته قد تحقق. وبالنظر أيضا لكل هذا الأمل المعقود على منتخب لم يشارك في آخر كأس إفريقية سنة 2010، وغادر في 2008 الدور الأول من هذه الكأس، على الرغم من أنه كان من ضمن أقوى المرشحين للعب أدوار طلائعية. هذا دون أن ننسى أن جامعة الكرة ومعها كل مكونات الدولة، وفرت وتوفر للكتيبة المغربية كل شروط النجاح. لقد انتقل مساعد المدرب وطبيب الفريق إلى مدينة «ليبروفيل» الغانية، حيث سيكون مقام المنتخب المغربي، ليضع الترتيبات اللازمة لكي يكون المقام في المستوى. بالإضافة إلى قيمة المنح التي تصرف للاعبين سواء خلال الإقصائيات، أو بعد التأهيل، أو خلال فترة النهائيات. وهي منح يمكن أن تصنف بالخيالية. ولم يعد سرا مثلا أن كل نقطة يحصل عليها المنتخب المغربي في مباراة رسمية كانت تساوي 2.5 مليون سنتيم لكل لاعب، وضعفها للمدرب وطاقمه التقني والطبي، ما يعني أن نتيجة الفوز تساوي 7.5 مليون، وأن حصيلة المنتخب المغربي خلال تصفيات هذه الكأس هي 11 نقطة التي تعني 27.5 مليون سنتيم بالتمام والكمال التي ستصرف لمل لاعب، قبل أن تعدل اليوم. وضعفها للمدرب، دون الحديث عن منحة التأهيل الخاصة التي ستدخل محطة المفاوضات. لكل هذه النقط البيضاء في مسيرة منتخب وطني يحلم معه المغاربة بالتتويج ويتمنون أن تخرجهم أهداف الشماخ وحجي والسعيدي للاحتفال، تماما كما حدث مع مباراة الجزائر، أو كما حدث في نهائيات كأس أمم إفريقيا لسنة 2004 بتونس.. توجد نقط سوداء كثيرة يجب أخذها بعين الاعتبار إذا كان الهدف هو المشاركة من أجل اللقب. نعترف أن الظروف العامة التي تجرى فيها المباريات الإفريقية هي غير الظروف التي يلعب فيها جل لاعبي المنتخب. ثمة طقس خاص بحرارة مرتفعة، ورطوبة غير عادية. وثمة ملاعب ليست في مجملها صالحة. وثمة تحكيم إفريقي له مزاجه الخاص. وثمة أيضا تلك الأجواء العامة التي ننقل إليها لاعبا من أصقاع أوروبا إلى أدغال إفريقيا دفعة واحدة، خصوصا وأن منافسات الكأس الإفريقية ليست مجرد مباراة واحدة تنتهي في تسعين دقيقة، ولكن المنافسة هي سلسلة من المباريات، وسلسلة من الإكراهات التي يمكن ألا تكون عاملا مساعدا للمغاربة من أجل التتويج. ولعل هذا هو سر تألق منتخبات جنوب الصحراء كلما نظمت هذه الكأس في ضيافتهم. إنهم يتأقلمون مع أجواء جربوها، على الرغم من أن جلهم يلعب في أوروبا. غير أنه قبل الوصول إلى القارة العجوز، يكون اللاعب الكاميروني أو الإيفواري أو الغاني قد تمرس بأجواء بلده. وهو ما لا يتحقق لنا حيث يضم المنتخب الوطني في مجمله لاعبين ولدوا وتعلموا الكرة في أوروبا قبل أن يختاروا اللعب لمنتخب الأب أو الأم. لذلك يبدو الفارق شاسعا بين لاعب مثل دروغبا الإيفواري أو إيطو الكاميروني، ولاعب مغربي مثل حجي أو الشماخ. إنها الجزئيات التي يفترض في مدرب مثل غيريتس أن يضعها في اعتباره. وقد تكون فرصة الإعداد مواتية للكشف عن هذه الحقيقة وتوفير الأجواء التي تساعد أسود الأطلس على كسب الرهان الإفريقي المنتظر. يتداول المغاربة فيما بينهم نكتة تقول إن المنتخب الوطني لكرة القدم هو منتخب المباريات الودية. وإذا قدر أن تنظم منافسة للمباريات الودية فسنكون أبطالا للعالم. ويتذكرون ما حدث قبيل كأس أمم إفريقيا لسنة 2008 حيث وقف الأسود ندا للند أمام منتخب فرنسا بكل نجومه. ويتذكرون الفوز الذي تحقق على منتخبي السينغال وبلجيكا. وهي نتائج أعطت انطباعا على أننا الأحسن وأننا سنكون الأقوى في غانا، التي كانت تحتضن التظاهرة الإفريقية. والحصيلة هي أننا عدنا بفوز واحد من الدور الأول. اليوم نحن مطالبون بوضع ما يشبه «الفلاش باك» لأخذ العبرة، خصوصا وأن مدة الإعداد لا بد أن تتضمن مباريات ودية. لا نريد من منتخب الكرة أن يفوز في مباراة إعدادية ويخسر في الرسمية. ولا نريد من مدربه أن يختار منتخبا غير إفريقي لكي يتمرس اللاعبون على اللعب الأفريقي بكل طقوسه. ولا عيب أن نضع ضمن برنامج الإعداد فترة تنقلنا إلى بلد جنوب الصحراء للتمرس على أجوائه وظروفه العامة. أي أننا لا نريد من أسود الأطلس أن يبيعونا جلد الدب قبل اصطياده.