أعلن حزب التقدم والاشتراكية، في نهاية الأسبوع الماضي، عن مشاركته في الحكومة التي سيشكّلها حزب العدالة والتنمية في الأسابيع القادمة، وهو الحدث الذي يُدخِل الفعلَ السمعيّ -البصري والإعلاميَّ، على وجه العموم، في صلب النقاشات التي تسبق الإعلان عن توزيع الحقائب الوزارية على الأحزاب الائتلافية. ومبعث هذا النقاش أنه من المرجح، بشكل قوي، أن يطالب حزب التقدم والاشتراكية بحقيبة وزارة الاتصال، التي ظل الحزب يديرها لأكثرَ من ثمان سنوات، إذ انتقلت من نبيل بنعبد الله إلى خالد الناصري، ف«تركة» الأول ورثها الثاني وتركة الثاني سيرثها، لا محالة، قيادي آخر من الحزب، رغم ما تردد حول عودة نبيل بنعبد الله إلى وزارة الاتصال. وكان لافتا أن حزب التقدم والاشتراكية كان حريصا، في الأشهر الأخيرة، على إعطاء إشارات على ضبطه مسار الإعلام وعثراته ومُنجزاته، والكل يتذكر استضافة مصطفى العلوي لنبيل بنعبد الله في برنامج «حوار» وقوله، بشكل صريح، إن «جهات» تتدخل لإفساد تدبير وزارة الاتصال للإعلام. كما حرص الحزب، منذ توليه حقيبة الاتصال، على تقوية تواجده داخل مؤسسات الإعلام السمعي -البصري العمومي عبْر دعم قيادته وطاقاته داخل القطب العمومي.. وإذا صدقت «النبوءة» ومُنِحت حقيبة وزارة الاتصال لحزب التقدم والاشتراكية، فإن الأخير سيجد نفسه أمام ملفات يتوارثها قياديوه على امتداد سنوات.. أولها أن وزارة الاتصال مُطالَبة بإصلاح قانون الصحافة وتعزيز التشريعات بما ينسجم مع مبدأ رقيّ التشريعات والمواثيق الدولية، بإلغاء العقوبات السالبة للحريات وقطع الطريق على أيّ تجاوز للقانون المعدَّل لصالح القانون الجنائي، كما حدث مع الزميل رشيد نيني. وثاني الملفات أن الوزير الجديد مُلزَم بفتح حوار وطني موسع مع كل الأطياف النقابية لإصلاح المنظومة المهنية والقانونية لاشتغال الصحافي وإخراجه من حالة الاستثناء التي يعيشها. وثالث الملفات أن الوزارة الجديدة مُطالَبة باستكمال هياكل القطب العمومي وبوضع إطار قانوني لوضعه أو الكف عن استغلال هذا المكون الافتراضي، أي القطب، في قبة البرلمان. ورابع الملفات أن على وزارة الاتصال، إذا استمر تواجدها في الأصل، أن تدفع، من جانبها، في اتجاه تقوية النقاش حول استكمال تحرير المجال السمعي -البصري والمساهمة في تشجيع الخواص على الانخراط بفاعلية في السوق الإشهارية، مما يخول تقوية إمكانيات إطلاق قنوات خاصة بإمكانها أن تعطي الثقة للمواطن وتقنعه أن المجال السمعي -البصري قد تحرَّر بالفعل. وخامس الملفات المطروحة على وزارة الاتصال أن يدفع الوزير الجديد في اتجاه تشجيع استقلالية الإعلام تأسيسا على روح الدستور الجديد، وهذا يفرض نقاشا كبيرا وتشاركيا بين مكونات الجسم الإعلامي المغربي من وزارة ونقابات وهيآت حقوقية معنية بحقوق الإنسان، مع العلم أن استقلال السلطة الإعلامية بشكل مطلق يعني، بشكل مباشر، إلغاء وزارة الاتصال، وهو مرتبط بجرعة الديمقراطية الممنوحة للإعلام. وتحصيل ما سبق أن رهان حزب التقدم والاشتراكية على وزارة الاتصال يُجدّد، بحدة، أهمية طرح قضايا حرية التعبير واستقلالية الإعلام وخوصصة الفعل البصري وإصلاح القطب العمومي وتحسين أداء وسائل الإعلام الوطنية.. مع جعل مبدأ حرية الصحافي في مقدمة الإصلاحات، فأي إصلاح مزعوم يمر، بالضرورة، عبر تكريس هذا المبدأ وأيُّ تراجع عن المكتسبات والحريات هو تراجع يوسّع الفجوة بين الساسة والمواطنين.