بعد مرور أزيد من أسبوع على الانتقادات التي وجهها محمد اليازغي، وزير الدولة، إلى الطريقة التي تم بها إخراج تعديلات ظهير رجال السلطة، ووصفه بأنه «غير دستوري»، جاء الرد من الأمين العام للحكومة الجديد إدريس الضحاك، خلال اجتماع مجلس الحكومة الاثنين الماضي. الضحاك قدم مرافعة قانونية دفاعا عما قامت به الأمانة العامة للحكومة في عهد سابقه الراحل عبد الصادق ربيع، واعتبر أن المسطرة المتبعة بخصوص النظام الأساسي لرجال السلطة، أي ظهير 30 يوليوز 2008، «تتسم بانضباطها للمنظومة الدستورية والقانونية الوطنية، وتحفظ لكل مؤسسة مجال تدخلها الخاص بها». وتلا الضحاك مذكرة من سبع صفحات، تطرق فيها إلى مضمون الظهير، معتبرا أنه يتطرق إلى شروط وكيفية تعيين رجال السلطة وأصنافهم ومراتبهم، وحقوقهم وواجباتهم، وأنه تم اتخاذه حصريا طبقا للفصلين 29 و30 من الدستور، وكذا طبقا للمادة 4 من ظهير 1958 المتعلق بالوظيفة العمومية، الذي يستثني من مجال تطبيقه القوات المسلحة الملكية ورجال السلطة ورجال القضاء. ولم يكتف الضحاك بتبرير استبعاد البرلمان والحكومة من هذه المسطرة بالمقتضات الدستورية والتشريعية، بل عزز موقفه بقرارات للقضاء الدستوري تقضي بأن «تحديد شروط وكيفيات تعيين أصناف رجال السلطة يعد من مشمولات المجال الملكي الخالص»، وقال إن البرلمان يبقى له مجاله الذي احترمه الظهير الجديد، حيث لم يتطرق إلى اختصاصات رجال السلطة أو إلى الضمانات الأساسية الممنوحة للموظفين، مراعاة لما يدخل ضمن مجال القانون. كما عزز الضحاك رأيه باجتهادات فقهية، وصفها خالد الناصري، الناطق باسم الحكومة خلال ندوة صحافية أول أمس، بأنها «وازنة». وعلمت «المساء» أن الوزير الأول عباس الفاسي، تدخل بعد عرض الضحاك، داعيا إلى تجنب إعطاء أبعاد إعلامية لهذا الإشكال، معتبرا أن النقاش حول ورش الإصلاح الدستوري مفتوح ويجب أن يناقشه أطر الأحزاب ومثقفوها، داعيا إلى طي هذا الجدل. وتعليقا على الاستناد إلى الفصلين 29 و30 من الدستور، والاستثناء الوارد في الظهير المتعلق بالوظيفة العمومية، قال عمر بن دورو، أستاذ القانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن ظهير 1963 الذي يقنن وضعية رجال السلطة، أصدره الراحل الحسن الثاني مباشرة لأنه لم يكن هناك برلمان قائم، ولأن القانون يعطي الحق للملك في التشريع في المرحلة الانتقالية، أما المرجعية التي تم الاستناد إليها لاستبعاد البرلمان والحكومة، فقال بن دورو إنها الفصلان المذكوران اللذان «لا يمكن الارتكاز عليهما لتبرير استبعاد المسطرة العادية للتشريع»، وينص الفصل 29 بشكل عام على أنه «يمارس الملك بمقتضى ظهائر السلطات المخولة له صراحة بنص الدستور»، أما الفصل 30 فينص على أن «الملك هو القائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية، وله حق التعيين في الوظائف المدنية والعسكرية، كما له أن يفوض لغيره ممارسة هذا الحق». وذهب بن دورو إلى حد اعتبار الاستثناءات الواردة في ظهير الوظيفة العمومية «غير دستورية»، لأنها تتعارض مع نص الدستور الذي يحدد ضمن مجال تشريع البرلمان كل ما يتعلق بالأنظمة الأساسية للوظيفة العمومية، بما فيها نظام رجال السلطة.