في كتابه «جرأة الأمل»، يشارك المرشح للرئاسة الأمريكية عن الحزب الديمقراطي باراك أوباما القارئ أفكاره عن كيفية معالجة الانقسامات الداخلية الأمريكية، حيث يطالب بنوع مختلف من السياسة ويعرض لعدم الاستقرار الاقتصادي المتزايد في الأسر الأمريكية والصراعات العرقية والدينية داخل المؤسسات السياسية والمخاطر الخارجية التي تهدد الولاياتالمتحدة من العنف إلى الأوبئة. لهذا اعتبر أوباما ما جاء في كتابه أفكارا للمطالبة بالحلم الأمريكي. بأدائي اليمين الدستورية في مجلس الشيوخ في يناير 2005، أكملت العملية التي بدأتها في اليوم الذي أعلنت فيه عن ترشيحي قبل سنتين وتغيرت حياتي من حياة مجهولة إلى الحياة العامة. مما لا شك فيه أن العديد من الأشياء ظلت على حالها. فأسرتنا مازالت في شيكاغو، كما أنني مازلت أذهب عند صالون الحلاقة نفسه في هايد بارك لأحلق شعري، وميشال وأنا لدينا الأصدقاء أنفسهم الذين يأتون إلى منزلنا كما كنا قبل الانتخابات، كما أن ابنتينا مازالتا تلعبان في الأمكنة نفسها. رغم ذلك، فإنه مما لا شك فيه أن العالم قد تغير بشكل كبير بالنسبة إلي، بطرق شتى لم أعترف بها. كلماتي، أفعالي، خطط سفري والضرائب التي أدفعها، كل هذا أصبحت أجده على صفحات جرائد الصباح أو يتم بثه في نشرات الأخبار الليلية. ابنتاي أصبحتا تعانيان، في كل مرة يأخذهما فيها والدهما إلى حديقة الحيوانات، من الانقطاعات من طرف الغرباء. وحتى خارج شيكاغو، فقد أصبح من الصعب التنقل في المطارات دون أن أحظى بالاهتمام. وكقاعدة عامة، فإنني أجد أنه من الصعب أن أكون محور كل هذا الاهتمام، فرغم كل شيء، ففي بعض الأحيان فإنني أرتدي، عند خروجي من المنزل، سترة بذلة لا تتناسب مع السروال. كما أن أفكاري هي أقل أناقة، وأيامي أقل تنظيما من الصورة التي لدى العالم عني. مازلت أتذكر اليوم الذي قبل تأدية القسم. كنت قد قررت مع فريق عملي تنظيم مؤتمر صحفي في مكتبي. كان ذلك أول يوم لي في المبنى، ولم أقم بتصويت واحد، ولم أعرض مشروع قانون واحد. في الواقع أنا لم أكن قد جلست بعد على كرسي مكتبي، عندما رفع أحد الصحفيين يده وسألني قائلا: “سيناتور أوباما، ما هو مكانك في التاريخ؟”، وقد ضحك الصحفيون الآخرون من السؤال. بعض من هذا الغلو يمكن إرجاعه إلى خطابي في المؤتمر الديمقراطي لسنة 2004 الذي انعقد في مدينة بوسطن، والذي حظيت فيه لأول مرة بالاهتمام الوطني. في الواقع، فإن العملية التي تم بموجبها اختياري كمتكلم رئيسي في المؤتمر مازال الغموض يكتسيها. كنت قد التقيت بجون كيري للمرة الأولى في إلينوي خلال الانتخابات الرئاسية التمهيدية. لقد تحدثت في حملته لجمع التبرعات ورافقته في حملة لتسليط الضوء على أهمية فرص العمل وبرامج التدريب. بعد أسابيع قليلة من ذلك، أخبرنا العاملون في حملة كيري بأنهم يريدونني أن أتكلم في المؤتمر رغم أن قدراتي لم تكن قد اتضحت بعد. في إحدى الأمسيات، عندما كنت عائدا في سيارتي من سبرينغ فيلد إلى شيكاغو بعد مشاركتي في حدث ضمن الحملة الانتخابية، اتصلت بي مديرة حملة كيري، ماري بيث كاهيل، لتقول لي الخبر. بعد أن أقفلت الخط معها، التفت إلى سائقي مايك سغناتور: “أعتقد أن الأمر كبير إلى حد ما”، فيجيب مايك: “يمكنك قول ذلك”. أيام قليلة بعد المكالمة الهاتفية للسيدة كاهيل، عدت إلى غرفتي في الفندق بسبرينغ فيلد، وبدأت أكتب بعض الملاحظات حول مشروع الخطاب، بينما كنت أشاهد مباراة كرة السلة في التلفاز. كنت أفكر في المواضيع التي كنت قد سمعت عنها في الحملة، والمتمثلة في رغبة الشعب في العمل بجد إذا أتيحت له الفرصة لذلك، وضرورة أن تساعد الحكومة على البحث عن أساس لخلق فرص العمل، والاعتقاد بأن الأمريكيين لديهم شعور متبادل بالمسؤولية المشتركة تجاه بعضهم البعض. قمت بكتابة قائمة بأهم القضايا التي تمس الأمريكيين وهي الرعاية الصحية، التعليم والحرب على العراق. لكن الأهم من ذلك هو تذكري لأصوات الناس الذين التقيتهم في الحملة الانتخابية. تذكرت تيم ويلر وزوجته اللذين يحاولان إيجاد كبد لابنهما المراهق. تذكرت شابا اسمه سياموس كان في طريقه إلى العراق بعد أن انضم إلى صفوف الجيش الأمريكي. تذكرت امرأة شابة سوداء قالت لي إنها تبذل قصارى جهدها للدخول إلى الجامعة رغم أنه لم يسبق لأحد من عائلتها أن أكمل تعليمه الثانوي. لم يكن صراع هؤلاء الرجال والنساء فقط هو الذي حرك مشاعري وأثار إعجابي، بل كذلك تصميمهم واعتمادهم على أنفسهم، وتفاؤلهم في مواجهة المصاعب والتحديات. لقد ذكرني ذلك بجملة قالها القس جيريمياد ورايت ذات يوم في خطابه بالكنيسة.. إنها “جرأة الأمل”.