فوضت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، في أول اجتماع تعقده بعد تعيين الملك محمد السادس، أول أمس الثلاثاء بميدلت، عبد الإله بنكيران، الأمين العام للحزب، رئيسا للحكومة الثلاثين في تاريخ المغرب الحديث، صلاحيات نسج تحالفات تشكيل الأغلبية الحكومية. وإلى حدود الساعة الواحدة من بعد زوال أمس الأربعاء، كان النقاش بين أعضاء الأمانة العامة لحزب «المصباح» مستمرا، وانصبّ بدرجة أولى حول السبل الكفيلة بوضع خريطة طريق تفضي إلى تشكيل الحكومة القادمة. وحسب مصادر من الأمانة العامة للحزب، فقد ساد نقاش بين أعضاء الهيأة التنفيذية حول تدبير مرحلة ما بعد التعيين الملكي للأمين العام، خاصة على مستوى التحالفات الممكن نسجها في ظل الواقع الانتخابي والسياسي لما بعد 25 نونبر، والتوجهات العامة التي ستحكم عمل حكومة العدالة والتنمية، فضلا عن العروض التي ستتقدم بها إلى الأحزاب التي سيطرق الحزب أبوابها لضمّها إلى التحالف الحكومي. وكشفت المصادر أن أعضاء الأمانة العامة لم يستقروا، بعد ما يربو على ثلاث ساعات من النقاش، على أي قرار في ما يخص تحالفات الحزب، مشيرة إلى أن هناك إجماعا على أن تكون مفاوضات تشكيل الأغلبية مفتوحة على كل الأطراف السياسية. وفي خطوة دالة، قام بنكيران، مباشرة بعد عودته من مراسيم تعيينه أول أمس الثلاثاء، رئيسا للحكومة، بزيارة بيت الدكتور عبد الكريم الخطيب، مؤسس الحزب، بمعية أعضاء في الأمانة العامة للحزب، يتقدمهم محمد يتيم وعبد القادر عمارة وعبد العالي حامي الدين وبسيمة الحقاوي وقيادات من حركة التوحيد والإصلاح. واعتبر عمر الخطيب، نجل مؤسس العدالة والتنمية، أن فوز هذا الأخير كان متوقَّعاً وأن «الزمان هو زمان العدالة والتنمية»، مشيرا حسب ما نقله الموقع الإلكتروني للحزب، إلى أن «روح الدكتور الخطيب ستكون جد مسرورة بهذا الإنجاز الرائع». وتُواجه قيادة حزب العدالة والتنمية، المنتشية بفوز تاريخي حمله إلى رئاسة الحكومة لأول مرة في تاريخه، امتحان نسج تحالفات تشكيل الأغلبية الحكومية. ويبدو السيناريو الأقرب إلى التحقق من الناحية المنطقية والواقعية، في ظل الخريطة الانتخابية التي أفرزتها انتخابات ل25 نونبر، وجعلت الحزب الإسلامي على رأس الأحزاب السياسية، هو سيناريو تحالف إخوان بنكيران مع أحزاب الكتلة الديمقراطية (الاستقلال، الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية). غير أن ذلك لا يمنع من مد الإسلاميين يدهم إلى حزب الحركة الشعبية والاتحاد الدستوري، في حال توجه أحد أحزاب الكتلة إلى الاصطفاف في المعارضة. وفيما ينتظر أن تشكل الأيام القادمة محطة حاسمة في تشكيل التحالف الذي سيقود الفريق الحكومي خلال الخمس سنوات القادمة، فإن أسئلة عدة تثار حول طبيعة ومدى التنازلات التي سيقدمها إخوان بنكيران في مفاوضتهم مع أحزاب الكتلة لإغرائهم باقتسام الحكم، خاصة في ظل تشكّي قياديين في الحزب الإسلامي من «الشانتاج» الذي بدأت تمارسه أطراف في الكتلة، خاصة في حزب الاتحاد الاشتراكي. غير أن قياديا اتحاديا بارزا في الاتحاد الاشتراكي، طلب عدم ذكر اسمه، اعتبر أن الحزب ليس له، إلى حد الآن، أي موقف مبدئي من حكومة بنكيران وأنه ينتظر تقديم هذا الأخير عرضَه إلى الاتحاديين لتشكيل الحكومة الجديدة، لكي يتم الحسم في قرار الدخول إلى الحكومة من عدمه، بالرجوع إلى المجلس الوطني للحزب، كاشفا، في اتصال مع «المساء»، عن احتمال التقاء الكاتب الأول للحزب، عبد الواحد الراضي، بأمين حزب «المصباح» مساء أمس الأربعاء، لتقديم عرض الالتحاق بالحكومة.