من منا لم يحلم، في يوم من الأيام بأن يصبح طيارا، أو حتى مضيفا أو مضيفة، فقد ارتبطت مثل هذه المهن لدى الجميع بالحياة الممتعة؛ وما تحمله من أسفار وربط لعلاقات اجتماعية جديدة... ساعات من الطيران قد يصادف فيها هؤلاء الأشخاص طرائف أو مواقف صعبة. أكثر من سنتين مرت على ذلك الحادث، لكن ليلى ما زالت تتذكره كما لو أنه وقع أمس بالأمس القريب. فبمجرد إقلاع الطائرة، أصابها عطب تقني... اضطر معه الربان إلى العودة إلى المطار من جديد: «كان الموقف صعبا» تحكي ليلى، مضيفة طيران بالخطوط السعودية. فكانت مجبرة على التعامل مع خوفها وخوف الركاب.... بدا الوضع متوترا، لكن ما سيزيد من توتر الركاب لحظات قبل نزول الطائرة بمطار الخالدي اشتعال النيران في أسفل الطائرة: «كنت أسمع صراخ الأطفال الصغار، أما الكبار فكانوا يقرؤون القرآن» تواصل ليلى حديثها. نزلت الطائرة لكن نزولها أحدث ارتجاجا قويا في مؤخرة الطائرة، أدى إلى سقوط معظم الركاب من أماكنهم «طالب الركاب بمغادرة الطائرة، لكن لم يسمح لهم بذلك وقتها احتراما لشروط السلامة» تضيف ابنة الدارالبيضاء قبل أن تردف قائلة» مر الحادث دون خسائر، لكنها دقائق مرت كأنها ساعات». كأس القهوة «المرعب» ليست «المشاكل» فقط ما قد يعيشه طاقم طائرة ما، فحتى المواقف الطريفة تكون من نصيبهم في بعض الحالات. وعلى عكس العطب التقني الذي أرعب الركاب الذين كانت ليلى ضمنهم، فإن إهراق كوب قهوة ساخن «سيرعب» الركاب للحظات... فبمجرد إقلاع الطائرة، قام الربان بالترحيب بالركاب وتقديم النصائح والمعلومات الروتينية. لحظات بعد ذلك، سيصيح مذعورا: «أش هاد شي؟ لا حول ولا قوة إلا بالله.. ويلي، ويلي».. صرخ ربان الطائرة عبر الميكروفون، الذي نسيّ أن يغلقه بعد كلمة الترحيب الاعتيادية بالركاب وتقديم النصائح الروتينية... ساد صمت رهيب في الطائرة، تحكي ليلى. لحظات بعد ذلك، سيسمع صوت الربان مرة ثانية وهو يقول: «أنا آسف.. لقد أهرقت المضيفة كأس قهوة ساخن على سروالي الأبيض».. تواصل ليلى سرد التفاصيل: «كان الصراخ موجها لي وليس للركاب، ولكنْ لأن الربان نسي أمر الميكرفون فقد سُمِع صراخه في الطائرة بأكملها». فصاح أحد الركاب منزعجا: «الله يلعن باك.. أنت وسروالك». بعدها، سيطلق الركاب العنان لقهقهاتهم بعدما اطمأنت قلوبهم. رحلة اللا عودة قد يتحول العمل بالنسبة إلى بعض المضيفات المتزوجات إلى عبء حقيقي، فهذا العمل يستنزف كل وقتهن على حساب الوقت الذي قد يخصصنه لعائلاتهن، مما قد يدفع بهن إلى مغادرة الأجواء العالية والعودة إلى المنزل. نبيلة واحدة من بين هؤلاء. اختارت التضحية بعملها بعد 10 سنوات من الخبرة، لتكرس حياتها لأسرتها. تتذكر نبيلة القطرة التي أفاضت الكأس ودفعتها إلى تقديم استقالتها: «مرض ابني وتم نقله إلى المستشفى.. كان عمره آنذاك 5 سنوات». صادفت مرضَ صغيرها برمجةُ سفرها لمدة خمس، لكنها اتصلت بالإدارة لتغيير السفر برحلة أخرى، لكن الإدارة لم تُبالِ بانشغال نبيلة بصغيرها، الذي كان في حاجة إليها: «سافرت على مضض وقتها وتركت طفلي مريضا»، تضيف نبيلة، بأسى وحزن. كان سفر اللا عودة بالنسبة إلى هذه الأم، التي قررت ترك العمل الذي طالما حلمت به، لأنه أصبح «يسرقها» من عائلتها: «لقد كان علي أن اختار فاخترتُ أسرتي». عراك بالأيدي بين مضيفتين نبيلة واحدة من طاقم المضيفين والمضيفات الذين قد يظهرون لركاب الطائرة على أنهم أسرة واحدة بلباس موحد... يفهمون بعضهم البعض بالإشارات دون الحاجة إلى الحديث، فغالبا ما لا يسمع صوتهم، لكن ذلك قد يكون «الشجرة التي تخفي الغابة»، فالملاسنات قد «تسافر» أيضا في الأجواء العليا، وهو ما حدث بين إحدى المضيفتين. كان الهدوء يعمّ المقصورة المخصصة للمضيفات والمضيفين، في تلك الرحلة المتجهة إلى أمستردام، لكنْ، فجأة، بدأ صراخ فتاتين يتصاعد تدريجيا من المقصورة الخلفية، بعدما دخلتا في عراك: «تحولت الطائرة إلى حلبة للمصارعة»، يقول محمد، وهو مسافر كان أحد ركاب تلك الطائرة. اضطر المضيفون إلى التدخل من أجل فض الشجار، الذي كسر الهدوء الذي كان يسود الطائرة، قبل أن تقدم الفتاتان اعتذارا للركاب.