في الوقت الذي كانت الأحزاب السياسية تسابق الزمن لدفع الناخبين إلى التصويت عليها، كانت حركة 20 فبراير تنظم مسيرات تدعو هؤلاء الناخبين إلى مقاطعة الانتخابات. وبينما كان قياديو الأحزاب يترقبون نتائج التصويت، واضعين أيديهم على قلوبهم، كان ناشطون فبرايريون يتتبعون نسب المشاركة، آملين في تسجيلها أرقاما متدنّية... تابع ناشطو الحركة الانتخابات عن كثب، إذ نشط العديد منهم عبر المواقع الاجتماعية راصدين ما يقولون إنها خروقات اعترت يوم الاقتراع. ناشطون فبرايرون في مدن أخرى كانوا أكثر حماسا في بني بوعياش والراشيدية واميضر ووزان. ففي بني بوعياش، خرج ناشطون في الحركة، يوم جمعة الاقتراع، مرددين شعارات تدعو المواطنين إلى مقاطعة الانتخابات، واصفين إياها ب«المهزلة»، بينما رجت أنباء عن امتناع عدد كبير من المواطنين عن التصويت. وحدث الأمر ذاته في الرشيدية واميضر ووزان وفي مناطق أخرى شهدت غليانا بعد ظهور حركة 20 فبراير، إذ امتنعت جموع من المواطنين عن التصويت بينما احتشد آخرون أمام أبواب مكاتب التصويت. تشير الأنباء التي تم تداولها في هذه المدن إلى أن نسبة المشاركة فيها كانت مُتدنيّة إلى درجة الحديث عن عدم تصويت أي من الناخبين في مدن تعرف توترا، مثل بني بوعياش واميضر، بينما بلغت نسبة العزوف نسبا مرتفعة في مدن الشمال. وأعلنت وزارة الداخلية أن نسبة المشاركة بلغت نسبة 54 في المائة. واعتبرت أحزاب هذه النسبة انتصارا هنّأت عليه الشعب المغربي، أما حركة 20 فبراير فاعتبرت نسبة المشاركة في الانتخابات هزيمة هنّأت عليها، هي أيضا، الشعب المغربي. وقد جاءت هذه التهنئة في بيان عممّته الحركة، أمس السبت، على «مقاطعته انتخابات مهزلة 25 نونبر»، حسبها، مضيفة، في البيان ذاته، أنه «رغم كل ما قام به المخزن وما أوتي من قوة ومن ترسانة دعائية إعلامية واستغلال للإعلام السمعي -البصري وأبواقه الحزبية وتوظيف المنابر الدينية، فإنها لم تنجح في استمالة المواطن المغربي». أشار بيان الحركة، أيضا، إلى أنه لم تكن هناك طوابير وصفوف متراصّة ولا ساعات طويلة من الانتظار أمام مكاتب الاقتراع، مشيرة إلى أنه وقعت خروقات كبيرة «بسبب إشراف وزارة الداخلية، المعروفة بتاريخها الأسود في تزوير الإرادة»، يضيف بيان الحركة. وحمل بيان الحركة جديدا، إذ أشار إلى أن 20 فبراير ستواصل ما سمّته »نضالا». والخطوة الأولى، حسب الحركة، هي تنظيم مسيرات تحت شعار »النظام يُصرّ على التزوير والشعب يصرّ على التغيير»، إذ أشارت حركة 20 فبراير إلى أنها ستنظم، في اليوم الموالي للانتخابات التشريعية، وقفة احتجاجية في حي «العكاري»، الشعبي. كما قررت الحركة مواصلة المسيرات الاحتجاجية التي تخوضها عقب انتهاء الانتخابات، حيث ستخرج اليوم الأحد في مسيرة مركزية في كل من العاصمتين الإدارية والاقتصادية للمملكة. كما ستخرج في مسيرات يوم 4 دجنبر المقبل في إطار «يوم الغضب»، في حين ستواصل تنسيقية الدارالبيضاء البرامج الاحتجاجي بتنظيم مسيرة يوم 11 دجنبر في حي »ليساسفة»، المتواجد على هامش المدينة. وحول نسبة المشاركة ونتائج الانتخابات وما تعتزم حركة 20 فبراير القيام به من رد فعل، أكدت وداد ملحاف، الناشطة في الحركة، أن 20 فبراير اختارت مقاطعة الانتخابات منذ البداية، لذلك فإنها تشكك في نسب المشاركة، على اعتبار أن وزارة الداخلية هي المتحكمة في الأرقام، مضيفة: «إذا فرضنا أن 45 في المائة صحيحة، فإنها نسبة تظل ضعيفة. لقد استطعنا تعبئة الناس لمقاطعة الانتخابات». وأضافت ملحاف، في تصريح ل«المساء»، أن »فوز العدالة والتنمية أو أي حزب آخر لا يهُمّ، على اعتبار أن الحركة قاطعت هذه اللعبة منذ البداية ونشكك في ذلك». يأتي هذا الحراك بعد احتدام أنشطة حركة 20 فبراير الداعية إلى مقاطعة الانتخابات طيلة أيام الحملة الانتخابية، إذ خرجت 20 فبراير في مسيرة جديدة لها في العاصمة الرباط، مساء الخميس، أي عشية يوم الانتخابات، من ساحة باب الأحد في اتجاه ساحة البرلمان. وانطلقت المسيرة على الساعة السادسة، كما كان مقررا لها، حيث بدأت أصوات المشاركين ترتفع مطالبة ب»إسقاط الفساد والمفسدين». وطالب المشاركون بمحاسبة المفسدين وصدحت أصواتهم بشعار «ما كاينْ انتخاباتْ حتى نتحاسبو على اللّي فاتْ». وكانت المسيرة الرمزية لحركة 20 فبراير، التي نظمت عشية الانتخابات التشريعية، مناسَبة لشباب الحركة لتأكيد موقفها من الانتخابات التي شهدتْها البلاد أول أمس الجمعة. كما انتقدت الحركة في مسيرتها الإصلاحات التي باشرتها المملكة بعد نزول الحركة إلى الشارع، بما فيها الدستور الجديد للمملكة، الذي صوّت عليه المغاربة. وفي هذا الصدد، أكد نجيب شوقي، الناشط في الحركة: «نؤكد رفضنا مشروع الإصلاحات التي أطلقها المخزن يوم 9 مارس»، وهو ما اعتبره شوقي «غياب رسالة سياسية واضحة على أن ما قدم من إصلاحات غير واضح وغير كاف ولا يُلبّي طموحات الشارع والحركة». وطالبت أصوات المشاركين أيضا بإسقاط الحكومة والبرلمان وب«رحيل المخزن». وردد حوالي 1000 شخص شعار «يلاه ارحل يا مخزن، شعب المغرب لا يهان»، وشعار «يبعو البرلمان في المزاد العلني»... وفي الوقت الذي كانت حشود المشاركين في المسيرة تنطلق من ساحة باب الأحد في اتجاه البرلمان، مرورا بشارع الحسن الثاني، اختار المعطلون التجمهر قرب محطة القطار من أجل التظاهر. وفي حوالي الساعة الثامنة، وبعد تفرق الحشود المشاركة في مسيرة 20 فبراير، شهد شارع محمد الخامس توافد مجموعة من شباب جمعية «المواطنة» يوزّعون منشورات تدعو إلى المشاركة في الانتخابات التشريعية بكثافة.