سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الوديع: الاستقلاليون تعاملوا مع تحالفنا بمنطق المغرب لنا لا لغيرنا القيادي في الأصالة والمعاصرة للمساء : الحراك العربي مخطط له وأخشى على الحركة الشبابية الاجتماعية بالمغرب من الحركات المتطرفة
وجه صلاح الوديع القيادي في حزب الأصالة والمعاصرة انتقادات لاذعة إلى حزب الاستقلال وقال بهذا الخصوص في حوار مع «المساء» إن هذا الحزب تصرف مع ميلاد تحالف «جي 8» بمنطق «المغرب لنا لا لغيرنا»، محيلا في الوقت نفسه على ما يكتب ضد هذا التحالف في أسفل جريدة العلم. كما انتقد صلاح الوديع الأمين العام للعدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، وقال إن حزبه يوظف الدين في السياسة وله ارتباطات عالمية بحركة الإخوان المسلمين. وتوقع صلاح الوديع أن يتصدر الأصالة والمعاصرة في الانتخابات القادمة، وقال في هذا السياق إن «الجواب سيكون يوم الاقتراع». - هل الإصلاحات التي جاءت ما بعد خطاب 9 مارس هي سقف الديمقراطيين والحداثيين، أم أنها فقط عتبة أولى في سلم الإصلاحات؟ سقف السعادة الأبدية لا يوجد إلا في الجنة. - هل ما تحقق من إصلاحات إلى حد الآن هو الملكية النموذجية، أم أن التطور سيقودنا إلى ملكية برلمانية، أم أن الملكية البرلمانية لا تصلح للمغاربة؟ الدستور الجديد، الذي هو محصلة تطور تاريخي طويل، فتح بابا نوعيا أمام كل الإمكانات التي ستؤدي حتما إلى التطور الإيجابي لترسيخ البناء الديمقراطي بالمغرب. - مع بداية الحراك الشعبي في المغرب، رفعت لافتات طالبت برحيل رموز من حزب الأصالة والمعاصرة. لماذا؟ بالمناسبة، لقد كانت ترفع خلال تلك المظاهرات لافتات مصنوعة بشكل متقن جدا وباهظ الثمن وتحتاج إلى إمكانيات مادية حقيقية، وتوجهت ليس فقط إلى الحزب، بل إلى بعض الأسماء في أحزاب أخرى. من جانب آخر، من الطبيعي أن يكون رجل السياسة محط انتقاد الشارع، ويجب أن يقبل هذا، شريطة أن يكون الأمر نابعا من إرادة الغاضبين منه، وليس من إرادة أطراف تستعمل غضبها من وراء ستار، ففي إطار الضبابية التي كانت تشوب حركة 20 فبراير عند انطلاقها، كان المتسللون قادرين على الدخول وسط المسيرات ورفع أي لافتة يريدون، حتى إن كانت في إطار تصفية حسابات شخصية. مسألة أخرى يجب أن يفهمها الجميع اليوم، هي أن كلمة Dégage ينبغي أن تقولها صناديق الاقتراع. ممكن أن نقولها في لحظة غضب، ولكن على المستوى البعيد لا. - الآن، خصومكم السياسيون كلهم محسوبون على «الصف الديمقراطي»، يضاف إليهم الإسلاميون، في حين أن حلفاءكم إما أحزاب توصف بالإدارية أو أحزاب يسارية وإسلامية صغيرة. يجب أن نعَرف بداية ما هو الصف الديمقراطي. الديمقراطية في التاريخ المغربي عرفت تلاوين؛ هناك الديمقراطية على الطريقة البعثية، وهناك الديمقراطية على الطريقة البروليتارية، وعلى الطريقة الأوروبية الشرقية، وعلى الطريقة المخزنية... كلها تلوينات عرفتها الديمقراطية في بلادنا. الآن نحن نبني نموذجنا من خلال تاريخنا وتجاربنا، وكل المغاربة بلا استثناء لهم حق الاجتهاد في ذلك. الانزلاق إلى ترسيخ منطق الاستثناء لا علاقة له بالديمقراطية. - طيب، لنترك تسمية الديمقراطيين، ولنقل إن خصومكم أحزاب أسست تجاربها في استقلالية عن الإدارة، وبإرادة قواعده، عكس الأحزاب التي أسستها الإدارة. تاريخ المغرب الحديث يجب إعادة قراءته، وعلى كل طرف أن يساهم في ذلك. ليست هناك تجارب منزهة عن النقد. وأكرر ما قاله أمامي، في سياق هيئة الإنصاف والمصالحة، زعيم سياسي يساري سابق ذاق نصيبا من سنوات الرصاص: «الآن الدولة تقوم بنقدها الذاتي وعلى الأحزاب أن تبادر إلى القيام بنقدها الذاتي هي الأخرى».كلام صحيح ينتظر التفعيل. أما الفترة التاريخية الحالية فهي فترة تجميع حول برنامج يصبو إلى تحقيق أفق جديد، استحضارا لروح الدستور الجديد. - لكن هذا غير حاصل عندنا. الحاصل عندنا، ويا للغرابة، هو أن الأحزاب التي انتقدت التحالف من أجل الديمقراطية، ووصلت في انتقاده إلى حد السب والشتم، كانت تتباكى على البلقنة. لكن حينما عملنا نحن على تجاوز هذه البلقنة، سعت ولا زالت إلى تشتيت محاولة التجميع تلك. المنطقي اليوم هو محاسبة الأحزاب وتكتلات الأحزاب على أساس البرامج المقدمة إلى المغاربة ومدى ترجمتها إلى واقع، لا أكثر. من ناحية أخرى، أليست هذه الأحزاب المسماة الإدارية جزءا من تحالف حكومي قائم منذ أربع سنوات؟ هل عندما تكون في الحكومة إلى جانب منتقدينا لا تسمى إدارية، ولا نتذكر طابعها الإداري إلا إذا سعت إلى الخروج من جمود الاصطفافات الموروثة عن مرحلة سابقة؟ أي منطق هذا؟. المغرب اليوم عرف ويعرف تحولات عميقة يجب أن تجد صداها في الطبقة السياسية، وقد كانت للتحالف من أجل الديمقراطية الجرأة الأدبية لاقتراح شيء جديد على حقلنا الحزبي. هذا بالضبط ما يغيظ، بل يقلق المحافظين عندنا. أما ما سميتَه بالأحزاب اليسارية الصغيرة، أليس لها الحق هي الأخرى في الوجود والاختيار والاصطفاف طبقا لتقديراتها؟ لقد مضى زمن الوصاية بكل تلويناتها، وعلى رأسها الحكم على النوايا وتوجيه التهم من أجل الاغتيال المعنوي للخصوم. داخل التحالف من أجل الديمقراطية ليست هناك أحزاب صغيرة وأخرى كبيرة، بل هناك قيم مضافة واجتهادات تتقاطع في لحظة تاريخية تستحضر دقة المرحلة وضرورة المرور إلى مرحلة تاريخية أخرى. هذا هو أساس ما نمر به، أما القراءة بالشبكة القديمة فلا يمكن أن تسعف المرء في القراءة من زاوية المستقبل، بل هي لا تستمر إلا في ربطنا بالماضي. - لكن الذين انتقدوا تحالفكم قالوا إنه ولد بين عشية وضحاها وبإملاءات فوقية. عقلية الإملاءات هاته يجب أن نقطع معها، وإلا فنحن نعتمد منطقا آخر غير منطق سير التاريخ. هذا تصرف العاجز غير الواثق في مشروعه. فهذا العقل المدبر الذي يتحكم في المجتمع، إن وُجد، لماذا سنتعارك معه، مادام سيكون قادرا على كل شيء؟. ودورنا لن تكون له أي أهمية. هناك تقاليد مرعية في الحقل السياسي انتهى دورها، ربما بقي أثرها عند أحزاب معينة، فلننظر إلى الطريقة التي كان يعين بها أمناء بعض الأحزاب، التي لم تكن تستطيع تنصيب أمنائها إلا باستشارة المرحوم الحسن الثاني. - يروج بعض مناضليكم أنه لو استجاب الاتحاد الاشتراكي للدخول مع «البام» في تحالف لما سعيتم إلى لم شمل هذا الفسيفساء الثمان؟ لا يمكن أن نعيد التاريخ بصيغة «لو». فسيفساء التحالف الثماني قيمة مضافة. والفسيفساء فن عريق كما نعلم. من ناحية أخرى أقول نعم سعينا وسنسعى. الاتحاد الاشتراكي لا يقول فينا ما يقوله الآخرون، لأنه في هذا الحزب من الحكمة والتجربة ومن البذل في تاريخ بلادنا ما يجعله حكيما، والحكمة التي يتوفر عليها هذا الحزب هي الحكمة التي توفر عليها في لحظة معينة مع الملك الراحل، وجنبت المغرب صعوبات كبيرة، ولازالت هذه الحكمة موجودة. - هل هذه الحكمة هي ما سيقود الاتحاد الاشتراكي إلى التحالف معكم؟ هذا ما أتمناه. وللاتحاد سيادة قراره في جميع الحالات. في تحليلي الشخصي أن هناك اختيارا تحديثيا ديمقراطيا - ليس وليد اليوم - يصب في نفس الاتجاه وبنفس الأفق. لقد طرح علي هذا السؤال قبل سنتين، أي بعيدا عن صخب الانتخابات، فقلت: نعم أرى أن الاتحاد الاشتراكي والأحزاب اليسارية الأخرى التي نحترمها بإمكان أن يتم معها هذا الاصطفاف، وسيكون ذلك في مصلحة المغرب؛ فلو اجتمع المحافظون في قطب، والحداثيون في قطب، سيكون ذلك في مصلحة المغرب. قلت هذا قبل سنتين. - هذا السعي نحو الاقتراب من الاتحاد الاشتراكي يقابله رفض مطلق لحزب الاستقلال. أحيلك على ما يكتب بأسفل الصفحة الأولى في جريدة «العلم» لتفهم الفكر الحقيقي لأطراف في هذا الحزب. للأسف ذلك العمود ينم عن تصور سياسي يعتمد منطق عدم قبول الآخر. - هل هو منطق «المغرب لنا لا لغيرنا»؟ سؤالك يحمل جوابه. للأسف. بالضبط هو منطق المغرب لنا لا لغيرنا. هذه بالنسبة إلينا أفكار وتوجهات يجب أن نواجهها. نحن لا نواجه أشخاصا، بل نعتبر أن الأفكار والممارسات هي التي تتطلب النقد، أما الأشخاص فيجب احترامهم مهما كان الاختلاف معهم، وهذا خطنا منذ زمان وسوف نظل على هذا السلوك. - في هذا السياق، انتقد عباس الفاسي مؤخرا تحالف بعض أحزاب الأغلبية الحكومية معكم، معتبرا أن ذلك عمل على تقويض تلك الأغلبية. أقول له: ركز مجهودك على بناء تحالفك، ولا تركز مجهودك على تكسير ما يقوم به الآخرون. لماذا هذا الجهد كله؟ أقنع الناس ببرنامجك أنت ولا تركز على ما يقوم به الآخرون. - عباس الفاسي قال أيضا إنكم تدعمون التجمع الوطني للأحرار للحصول على أغلبية تقوده إلى رئاسة الحكومة, وعلق على ذلك بقوله: «هذا لا يمت للأخلاق السياسية بصلة»؟ أولا، نحن نحترم إرادة المواطنين في اختيار الحزب الأول، سواء كان قريبا منا أو بعيدا عنا. ثانيا، إذا استطعنا أن ندعم حزبا من الأحزاب التي تنتمي إلى تحالفنا، فذلك أمر طبيعي. لقد تنازلنا عن ترشيح مناضلينا في عدد من الدوائر من أجل دعم أطراف في «التحالف من أجل الديمقراطية». - لكن، ما ينتقده الآخرون هو أن عددا من أعضاء الأصالة والمعاصرة ينتقلون للترشح في التجمع الوطني للأحرار. بالنسبة إلينا قررنا أن نكون في مستوى اللحظة ومستوى التزامنا السابق القاضي بتجديد النخبة السياسية، فرشحنا الوجوه والطاقات الكثيرة التي يزخر بها الحزب، وتذكرون المخاض الذي عاشه الحزب في الشهور الأخيرة، والذي بدت فيه خلافات في هذا الشأن انتهت إلى النتيجة المعروفة اليوم: أكثر من 80 في المائة أعضاء يترشحون للمرة الأولى، وقلنا إن هناك رسالة أساسية يجب أن نبعث بها إلى المغاربة، وهي تجديد النخبة السياسية، وإذا كان هناك من اختار أن يذهب إلى الأحزاب الأخرى فلا يمكننا أن نعارضه. - حتى لو كانت هذه الأحزاب من التحالف الثماني؟ أرضية التحالف من أجل الديمقراطية تنص على أن كل طرف حر في قراره الداخلي. - بمعزل عن النقد الموضوعي الذي وجهه إليكم عباس الفاسي، نجد قياديا استقلاليا هو حميد شباط يصف مناضليكم بأنهم تجار مخدرات ويدعمون جمعيات الإفطار العلني في رمضان وعبدة الشيطان... من دون أن يبدر منكم أي رد فعل؟ قلتَ «النقد الموضوعي» .. المسألة فيها نظر. أما الجزء الثاني من السؤال فالقافلة اليوم تسير... وعلى من يتكلم أن يسائل نفسه: هل له من المصداقية ما يجعل الآخرين ينصتون إلى قوله ويصدقونه... شيئا من الجدية من فضلكم. - هناك أيضا جهات أخرى، يوجد في مقدمتها أمين عام حزب العدالة والتنمية، الذي يكيل التهم لقيادييكم الذين يبقون صامتين، الشيء الذي يرسخ تلك الصور عنكم في أذهان الناس ولا يجعلها مجرد اتهامات عارية من الصحة. الجواب سيكون يوم الاقتراع. أنا أعتقد بأنه ليس من يصرخ دائما هو المحق، ربما يكون الصمت حكمة وحِلما، نحن سنجيب في الميدان، لن ننساق أبدا وراء فداحة وبشاعة الكلمات المتداولة، التي نربأ بأنفسنا بأن نعيدها على أسماع المواطنين، الذين هم بحاجة إلى أفكار ومشاريع وبرامج وليسوا بحاجة إلى السباب الساقط والرخيص. - تقفون في الأصالة والمعاصرة على طرف نقيض من العدالة والتنمية. إلامَ تعود هذه المعارضة التي تصل إلى مستوى ترديد خطابات الاستئصال والاستئصال المتبادل؟ المسألة الأساسية التي كانت وستظل قناعة بالنسبة إلينا هي أننا ضد استعمال المقدس المشترك في السياسة. - أين يتجلى استغلال العدالة والتنمية للدين؟ مؤخرا في تصريح رسمي للأمين العام للعدالة والتنمية قال إن حزبه دعوي وسياسي، بمعنى أنه يعطي تصورا خاصا للدين الإسلامي ولدوره في الحياة السياسية. هذا الحزب معروف عنه أن له ارتباطات عالمية بحركة الإخوان المسلمين. - كما يرتبط الاشتراكيون بأمميتهم الاشتراكية، والليبراليون بتجمعهم العالمي. ما وجه العيب في هذه المسألة؟. الليبراليون أو الاشتراكيون ينتمون إلى أيديولوجيات لا تمتلك القوة المقدسة التي يمتلكها الدين، فمن يستقوي عليك بمشروع يدعي استمداد شرعيته من الرسالة السماوية يقول ما يلي: «بما أنني أنا هو الأقرب إلى منطق السماء، فأنا أملك إذن حق تسيير ما في الأرض»، وكل التنويعات في الحديث عن الديمقراطية ما هي إلا تلفيف (أمبالاج) لهذه البضاعة التي رأينا أثرها في مجتمعات أخرى. وهذا هو الخطر، ولهذا حسم الدستور في هذه القضية قائلا إن تمثيلية الإسلام تتجسد في إمارة المؤمنين، وبالتالي فهذا السلوك سابق لهذه المرحلة التي نعيشها. في المستقبل، كما الآن، لن يسمح المجتمع بتطبيق تأويل خاص للإسلام، لا علاقة للمغاربة به في حياتهم، وهذا هو الجانب الجوهري في خلافنا مع هذا التوجه. منذ أيام شاهدت فيلم «عين النسا...» الذي تدور أحداثه في المغرب. اهتزت القاعة بالتصفيق مرارا، وعلى وجه الخصوص حين توجت أم في عقدها الخامس إلى ابنها المتأسلم تقول له: «تريد أن أغطي رأسي حتى لا أثير شهوة الرجال؟ لولا تلك الشهوة التي أيقظها في والدك لما عرفتَ الحياة أنت. وعوض أن تطلبوا من النساء أن يغطين رؤوسهن، على الرجال أن يغضوا أبصارهم...» أنت ترى أن المجتمع المغربي عصي على هؤلاء. - رشح حزب الأصالة والمعاصرة، المعارض، لطيفة العابدة، وهي وزيرة تقنوقراطية في حكومة لا زالت قائمة. ما هذا؟ هذه سيدة أدركت بأن دورها لا يمكن أن ينحصر فيما أسميته بالتقنوقراطية، وبأن طاقتها تسمح لها، إذا زكتها الإرادة الشعبية، في أن تساهم في بناء بلادها. - في الديمقراطيات التي تحترم مواطنيها، إذا عرضت حالة مثل هذه، فإن الوزيرة ستستقيل من منصبها الوزاري إذا حصلت لها القناعة في الترشح في صفوف حزب معارض. لو تعلق الأمر بكل الوزراء حتى نطبق هذه القاعدة لقبلت بهذا المبدأ، لكن الأمر لا ينحصر فقط في العابدة. - سجل النقيب عبدالرحمان بنعمرو دعوى استعجالية لحل البرلمان، لأنه يعتبر أن ثمة تنافيا دستوريا في تنظيم انتخابات تشريعية في ظل برلمان قائم. هذا اجتهاد من طرف الأستاذ بنعمرو المعروف باجتهاداته، وهو اجتهاد يجب التداول فيه، ورغم أنني لا أستطيع أن أجيب عنه من الناحية القانونية، لكن من الناحية السياسية لا أعتبر أن الأمر على مستوى من الأهمية. - هناك ظاهرة غير صحية ظهرت مؤخرا، وهي ظاهرة استقالة بعض المستشارين بنية الترشح للانتخابات البرلمانية، وبعد اصطدامهم، سواء بقرارات وزارة الداخلية أو المحاكم، بأن ترشيحهم متناف ولا يمكنهم القيام بذلك، يروج الحديث بقوة عن إمكانية استصدار قرار سياسي من أ جل إعادتهم إلى مجلس المستشارين. أعتقد أن المحكمة الدستورية بتت في الأمر بالفعل، وقالت، فيما أعتقد، إنه ليس من حق ممثل الأمة أن ينسلخ عن التكليف التي التزم به أمام الناخبين. - الربيع العربي.. هل تم التخطيط له؟ استمعت قبل يومين إلى مداخلة لطارق رمضان في هذا الصدد، والعناصر التي طرحها كانت مربكة بالفعل، وأجد نفسي في هذا الموضوع في اتفاق معه، حيث يقول: «أنا متفائل بحذر». لقد ذكّر أولا بتصريحات لجورج بوش سنة 2003، وبدور أمريكا، ثم أعطى بعض المعطيات الدقيقة المتعلقة بما وقع في مصر وتونس على وجه الخصوص. في المغرب أعتقد أن هناك اختلافا، رغم أن هناك تحولات اجتماعية وجيلية، ناهيك عن دور وسائل الاتصال التي صار معها من الممكن أن تكون هناك حركة من هذا النوع، إضافة إلى الاحتقان الاجتماعي والهشاشة الاجتماعية، وهما عاملان ساهما أيضا في ظهور هذه الحركة، التي لا يمكن أن نعتبرها مؤامرة وإلا صرنا مثل أولئك المهووسين بنظرية التآمر، كما لا يمكن أن نقبل بها كاملة، أعني في كل تعبيراتها وتوجهاتها. في المغرب هناك مجموعة من الطموحات مشروعة جدا، لكن ما يطرح مشكلا هو استراتيجيات الاستعمال (l'instrumentalisation)التي أثرت بشكل كبير على جانب من مصداقية هذه الحركة. أنا أومن بنظرية أن كل دولة، بصفتها مؤسسات وسلطا وصلاحيات، هي في عمقها محافظة، وما يجعلها تتطور عبر التاريخ هي حركية المجتمع. إذن فالحركة الشبابية الاجتماعية هي إيجابية بالنسبة إلى المغرب، شريطة أن لا يتم استعمالها لأغراض واستراتيجيات سابقة على وجودها، وأنا أعني بهذا الحركات المتطرفة التي لا تجد لها، إلى حد الساعة، مجالا داخل نسق العمل السياسي المشروع. - إذن لا تعتبر هذا الحراك العربي تلقائيا. ليس تلقائيا كليا. يجب كذلك القول بأن تلك الصورة عن الملايين في ساحة التحرير بالقاهرة لا يمكن القول لأنها كانت تحرك بجهاز تحكم عن بعد. تلك الصورة عكست طموح الشعب وإرادته ووجدانه. لكن عندما نسمع اليوم أحد قادة حزب النهضة في تونس يصرح بأن ما حدث في تونس هو الخطوة الأولى للمضي نحو الخليفة السادس، أتساءل هل كان كل من ضحوا بأرواحهم في مواجهة نظام بنعلي كانوا يحملون هذا الهاجس؟ هل الشعوب الإسلامية مطلوب منها أن تكون لها هذه النظرة وهاته التوجهات أم أن العصر يطرح أشياء أخرى مغايرة لهذا التوجه؟. أعتقد أن العبرة، كما يقول الحكماء، بالخواتم، وإلى حد الساعة لا أرى أن الخواتم هاته تتلاءم وتضحيات هذه الشعوب. أتمنى أن تكون تخوفاتي في غير محلها. هناك اليوم أيضا الطريقة التي تم بها قلب نظام القذافي، وهو شخص لم أطقه يوما منذ اغتصب السلطة، بالمناسبة، لكني لم أستسغ الطريقة التي تم بها إسقاط نظامه بتدخل خارجي، كما لا يمكن لبشر أن يطيق الطريقة التي تمت بها تصفيته جسديا، وما يروج اليوم في وسائل الإعلام حول نشوب صراع بين القبائل في ليبيا يطرح أسئلة كبرى حول ما اعتُبر ثورة شعبية. - وما الذي تريده تركيا من المغرب سياسيا واقتصاديا؟ أتساءل إذا ما كان الحلم العثماني لازال حاضرا في سياسة تركيا ولدى بعض الحالمين بيننا بالإمبراطورية العثمانية التي أوقفها المغاربة عند الحدود الجزائرية طوال قرون. وهو يظهر اليوم بهذه المناسبة. لا يجب أن ننسى الاتفاقيات التي تجمع تركيا وأمريكا، والعلاقات التي تجمع تركيا بإسرائيل. يجب استحضار هذه الأمور، وفرز ما يمكن أن يكون إيجابيا، ويظل في العمق مرتبطا بمصائر مبرمجة منذ عقود. أنا في نفس الوقت الذي أنظر فيه بإيجابية إلى التجربة السياسية التركية، والدور الجهوي والعلاقات المعروفة مع القوى التي ذكرت قبل قليل، لي تحفظات مشروعة على الأمر. - هل يراد تعميم نموذج إسلامي ديمقراطي متصالح مع الغرب من قبيل نموذج حزب العدالة والتنمية التركي على مجموع البلدان العربية؟ قد يكون في حساب القوى المتنفذة في العالم اليوم أن ترى في نوع من الأحزاب ذات الطابع الدعوي الإسلامي ما لا يهدد مصالحها، وأن ترى فيها شركاء في بلدانها، تجنبا، من وجهة نظرها، لما يمكن أن يخلخل التوازنات الكبرى القائمة. هذا الأمر وارد، وقبول هذا الأمر هو القبول بأن نتلقى تعليمات خارج المسارات الداخلية، وهذا أتحفظ منه كثيرا. أنا من دعاة أن يكون القرار وطنيا، وأن تحترم الإرادة الشعبية النابعة من قناعات المغاربة. أما حسابات هذا وذاك فسوف تتنوع. الحساب الخارجي ليس أبدا هو الحساب المحدد لاتخاذ المواقف وتدبير القضايا. - وقطر، التي أصبحت قوة إعلامية وسياسية نافذة الآن، أي دور تريد أو يراد لها أن تلعبه؟ يحضرني هنا تحليل، منذ انطلقت قناة «الجزيرة»، التي هي القوة الضاربة لقطر، يحضرني كما قلت، تحليل على صفحات «ليبراسيون» منذ أكثر من 10 سنوات، لصديق عزيز هو السي محمد الكحص، الذي أتمنى أن أراه تقريبا، حيث كان قد طرح أسئلة حقيقية حول الغايات الكبرى لقناة من نوع خاص. وها نحن نرى أن الإعلام يعاني مشاكل كبرى من قبيل الحياد والموضوعية، وأعتقد بأن الأداة الضاربة التي هي القناة المعنية، كان لها دور أساسي، طبعا إلى جانب عائدات قطر من البترول، في تبوؤ قطر هذا الدور. أتمنى أن يكون المستقبل مختلفا، لأن صورة التحولات العربية يجب أن تجد قنوات تعكسها حقيقة وترافقها ولا تؤثر فيها خارجيا، وكذلك أن تكون المقدرات التي تزخر بها المنطقة مسخرة لصالح شعوبها قاطبة وليس فقط في مصلحة فئات محددة.