في هذا اللقاء الطبي، تشرح سهام أمصغرو، أخصائية تقويم النطق وعلاج اضطرابات الكلام، المقصود بالتلعثم أو التأتأة عند الأطفال وأسبابها وطرق علاجها ونسبة نجاحها. ماذا نقصد بالتلعثم أو التأتأة؟ - التأتأة هي مظهر من مظاهر عدم الطلاقة في سيولة الكلام، وله ثلاثة مظاهر أساسية، التوقف واحتباس الصوت عند بداية الكلمة، إطالة الصوت الواحد، وتكرار الحرف أو المقطع. والتأتأة في الحقيقة هي من الاضطرابات المركبة والمعقدة، والتي لا يمكن مناقشتها على أساس أنها اضطراب في السيولة والطلاقة الكلامية فحسب، دون إثارة البعد النفسي والسلوكي لهذا الاضطراب. في أي عمر تبدأ اللعثمة عادة؟ - لا يوجد عمر محدد لظهورها، فقد تظهر مع الطفل منذ بداية تعلمه للكلام وتستمر معه، وقد تظهر بشكل متأخر في مراحل الطفولة أو المراهقة أو حتى الشباب. لكن ما تجدر الإشارة إليه أن الطفل في سن الثانية إلى الخامسة يمر بمرحلة عدم الطلاقة اللفظية، لأنه يكون بصدد تكوين رصيده اللغوي، حيث يكون التكرار والتقطيع في الكلام طبيعي جدا لا يستدعي أي مخاوف، وعادة ما يتخلص الطفل من عدم الطلاقة تلك بشكل تلقائي مع بداية سن السادسة. ما هي أسباب حدوث التلعثم أو التأتأة لدى الأطفال؟ بالنسبة للتأتأة، يصعب الحديث عن أسبابها، حيث تظل غامضة، خصوصا أن كثيرا من التفاصيل حول عملية اكتساب اللغة ليست بالوضوح الكافي، لذلك فنحن نتحدث فقط عن عوامل (Facteurs)، وهي عديدة جدا، منها النفسي والعصبي والسلوكي والفيسيولوجي الحركي، كما أن العامل الوراثي يطرح نفسه بقوة من خلال التجارب المتعددة. وتظل البيئة الاجتماعية والأسرية تتدخل كثيرا وتعتبر من أهم العوامل التي تساعد على تبلور هذا الاضطراب أو تجاوزه. ما هي أنواعها؟ - هناك ثلاثة أنواع رئيسية، حيث قد نجد المتأتئ يعاني من احتباس في الكلام يعقبه انفجار للكلمة بشكل مضطرب، وقد يكون ذلك مصحوبا بحركات ارتعاشي (Bégaiement Tonique)، أو أنه يقوم بتكرار الحرف أو الكلمة عدة مرات مع الإطالة ((Bégaiement Clonique، كما أنه قد يجمع بين الاحتباس الذي يعقبه الانفجار في بداية الكلام، وتكرار الحروف والكلمات مع إطالتها خلال الحديث (Bégaiement Mixte). كيف تتطور اللعثمة عند الأطفال؟ طبعا لا يمكن الجزم بشكل واحد أو أشكال لهذا التطور، طالما أن الأبعاد المركبة والغامضة في عمق الإنسان تظل سمة شخصية وخاصة غير قابلة للتعميم، إلا أنه في الغالب، يلاحظ أن ظهور هذا الاضطراب يكون مرتبطا بحدث صادم يتعرض له الشخص المصاب، كما أن السخرية أو التعيبات المركزة على طريقة كلامه تزيد من تفاقم الوضع. هل هناك أساليب علاجية للتغلب على هذا التلعثم؟ الأساليب العلاجية تعتمد في الأساس على تشخيص مظاهر التأتأة ونوعها، ومحاولة فهم العوامل المحفزة والمساعدة على تبلورها لدى الشخص المصاب، ثم توعيته بطريقة الكلام الصحيحة، من خلال شرح مفصل لمراحل عملية الكلام، وتتخلل الحصص العلاجية مجموعة من التمارين الاسترخائية والتنفسية، كما يتم خلالها ابتكار أساليب للتخلص من التأتأة، من خلال مواقف مختلفة للكلام والحوار. هل هناك نسبة لفشل العلاج؟ - كما سبق وذكرت، فالتاتأة من الاضطرابات المركبة، التي لا يمكن الاكتفاء فيها غالبا بحصص تدريب لعلاج السيولة الكلامية، فالمشكل يظل أعقد من ذلك، ويرتبط ببيئة الشخص وعمقه النفسي ومدى استجابته، ورؤيته لذاته. لذلك هناك حالات تشهد بعض التحسن النسبي، ثم سرعان ما تتراجع ربما نتيجة لأحداث يواجهها الشخص في حياته الشخصية. بماذا تنصحين أولياء الأمور؟ - النصيحة الأولى التي أقدمها لأولياء الأمور: لا داعي لاستخدام عبارات من قبيل: تنفس، تمهل، لا تتسرع، أعد ما قلت، لأنها كلها ليست لها جدوى، بل تزيد من توتر الطفل، ويستحب الحديث معه ببطء وتخليل الحديث بوقفات، لأن ذلك يجعله يقلل من سرعة كلامه هو أيضا ويزيد من طلاقته بشكل غير مباشر، كما أنه لا يجب مقاطعته، ولا إكمال الحديث نيابة عنه. ببساطة، عند الحديث مع الطفل المتأتئ، يجب التركيز على «ما يقول» وليس على «كيف يقوله»، أي عدم إشعاره بأي شكل من الأشكال أن عدم طلاقته تشكل عقبة في التواصل معهم أو تنقص من حبهم له.