يوما بعد يوم يكتشف المشاهد المغربي حالة الإفلاس التلفزيوني الخطير الذي تعيشه القناة الثانية، إذ بعدما عانى المواطن من وطأة الإعلانات الإشهارية في هذه القناة على امتداد شهر رمضان بشكل يتجاوز القانون، بادرت «دوزيم» مباشرة بعد رمضان إلى إطلاق شبكة برامجية موجهة إلى المستشهرين على وجه الخصوص، عبر اعتماد برامج تنشد من خلالها جذب المشاهد ولو على حساب هويته وخصوصيته المجتمعية والدينية. ففي الوقت الذي لم تخصص فيه ولو برنامجا توعويا أو ثقافيا واحدا في شبكتها، قدمت إلى المغاربة برنامج «مدام مسافرة» الذي أثار احتجاجات منذ حلقاته الأولى، إلا أن ما حملته الحلقة التي بثت، أول أمس الثلاثاء، من مشاهد مخلة بالحياء العام ومن إيحاءات جنسية منح الأدلة القوية على أن هذا البرنامج بعيد كل العبد عن الواقع المغربي، على الرغم من أن القناة الثانية قدمته على أنه نموذج لتلفزيون الواقع، إذ ركزت كاميرا البرنامج -بشكل غريب ومثير للاستياء- على أجساد عارية دون أدنى اعتبار للأطفال والفئات العمرية القاصرة من المغاربة التي تتلقى البرنامج، مما خلق حالة من الارتباك لدى العديد من الأسر التي صدمت من وقع الصور. وأكيد أن مثل هذه المشاهد هي التي تجعل المشاهدين المغاربة يفرون إلى وجهات تلفزيونية أخرى. ولم يتوقف مسلسل العبث التلفزيوني عند هذا الحد، إذ عبر أحد المشاركين عن رغبته في شرب الخمر، إلا أن شهر شعبان منعه من ذلك، حسب قوله، مما يعني تشجيعا ودعاية مبطنة لممارسة هذا السلوك الذي يتنافى مع قيم المغاربة وعاداته وثقافته، والأغرب أنه بث على قناة عمومية.وإذا كانت الإدارة العامة للقناة تتذرع في تسويغها لمثل هذه الشبكات البرامجية التافهة بجلب مستشهرين لضمان موارد مالية في ظل غياب الدعم المالي، فإن هذا يجدد الحاجة إلى الكشف عن هوية ووظيفة هذه القناة العمومية التي يفترض فيها -حسب دفتر تحملاتها- أن تقدم خدمة عمومية مواطنة تراعي الخصوصية وترقى بالذوق وتساهم في التنشئة الاجتماعية السليمة، أما أن تقدم برامج تسيء إلى المشاهد المغربي تحت ذريعة الضائقة المالية، فهذا غير مقبول من قناة تستفيد من الرسوم التي تفرض على المواطن في فاتورة الماء والكهرباء.