يعيش صناع الكتاب وعشاقه، من ال21 حتى ال61 من أكتوبر الجاري، على إيقاع معرض فرانكفورت الدولي للكتاب، الذي فتح أبوابه لصناع الكتاب، من مؤلفين وناشرين وموزعين وصحافيين وقراء. فالمعرض يعد أكبر تظاهرة للكتاب في العالم. ففيه يجري إطلاق العديد من المؤلفات الجديدة التي يحرص كتّابها على توقيعها في هذا المعرض، لتحظى بلفت انتباه أكثر الناشرين بلغات عدة والالتقاء بالنقاد والقرّاء ضمن حفلات التوقيع، التي ساهمت في تسويق عدد من المؤلفين للغات أخرى. وتشهد بعض أجنحة المعرض وصالاته الخاصة، كما في كل عام، إقامة العديد من الندوات وحلقات النقاش بعدة لغات يشارك فيها نقاد ومفكرون وكتاب وأدباء، بينهم فائزون بجازة نوبل للآداب، يتحدثون في مختلف مجالات المعرفة. ومن المتوقع أن يضم المعرض نحو 0037 عارض، يمثلون آلاف دور النشر من 001 دولة. وتتوقع إدارة المعرض أن يصل عدد الزوار إلى نحو ربع مليون زائر، بينهم القراء الذين ستفتح لهم أبواب المعرض في اليومين الأخيرين، فيما سيغطي المعرض 01 آلاف صحافي من مختلف دول العالم. وما يُميّز معرض فرانكفورت للكتاب هو كونه ملتقى وسوقا لأبرز مروّجي الكتاب الورقي والرقمي حول العالم هو أنه يشهد كل عام صفقات ضخمة لبيع وشراء منتجات وحقوق طباعة ونشر وعقود شراكة أو تبادل حقوق ملكية فكرية وحقوق نشر للمنتجات المعرفية ورقيا أو رقمياً. ولدور النشر العربية حضور سنوي في هذا المعرض تكّلل بتخصيص عام 4002 للأدب العربي كضيف شرف، وفق ما درج عليه المعرض. ومن المتوقع مشاركة دور نشر عربية من دول مصر والإمارات العربية المتحدة ولبنان والسعودية وقطر والبحرين والسودان وعمان والمغرب والأردن والعراق. كما يتوقع، أيضاً، أن يكون للربيع العربي حضور في المعرض من خلال الندوات الهامشية في أجنحة الدول العربية. وأعلنت هيأة أبو ظبي للثقافة عن تنظيم ندوة موسعة حول جائزة الشيخ زايد للكتاب، وللأدب تحديداً، تشارك فيها أسماء مميَّزة من لائحة الفائزين بالجائزة في الدورات الماضية، منهم الروائي الليبي إبراهيم الكوني، الفائز بجائزة الشيخ زايد للكتاب عن فرع الآداب 8002، والقاص الإماراتي ناصر الظاهري، وسيدير الحوار هارتموت فاندريتش، المترجم الألماني المعروف. ويستضيف معرض فرانكفورت للكتاب هذا العام الأدب الإيسلندي، حيث ستجلب هذه الدولة الصغيرة أكبر عدد من كتابها ومفكريها، مستغلين هذه الفرصة للتعريف بنتاجهم. ولجلب أكبر عدد من المرتادين إلى المعرض، رفعت إدارته من بين شعاراتها شعار «قل لي ماذا تقرأ أقل لك من أنت»، لرفع نسبة المبيعات وكسب أرباح تكاليف الدخول، خاصة في اليومين الأخيرين اللذين تفتح فيهما أبواب المعرض لجميع الزوار بأسعار غير رمزية. وللكتاب الرقمي حضوره بل وتحدّيه، حيث يتزايد عدد أجنحة الكتاب الرقمي في معارض الكتاب العالمية. ومن المتوقَّع أن تطرح شركة «أمازون» نتاجاتها الجديدة في الكتاب الإلكتروني، بعد أن دخلت شركات أخرى كبيرة، مثل «سوني» و»غوغل» في منافسة لها في تسويق الكتب وتقديم آخر مقتنيات المعرفة الإلكترونية مع 59 شركة، من 12 بلداً تعرض أحدث التطبيقات الرقمية في صناعة الكتاب وتسويقه، حيث يُعتبَر الكتاب سلعة تُدرّ الأرباح على مزوّدي التكنولوجيا. ويُفترض أن تنال المعروضات الإلكترونية وصفقات كبيرة اهتمام زوار المعرض. وسيكون للأطفال موعد مع الكتاب الإلكتروني الخاص بهم، وللموسيقى كذلك حضور في معرض فرانكفورت، من خلال آخر منتجاتها ووسائل استخدامها. وللأكاديميين ومؤلفي كتب الطبخ والاقتصاديين حصتُهم في أجنحة خاصة تتفنّن في لفت أنظار الزوار، خاصة المهتمين بكتب الأدب والفلسفة، التي قدّمت فيها ألمانيا أهم الإنتاجات عالمياً. وكما في كل دورة من هذا المعرض، الذي بلغ هذا العام دورته ال36، يتفنن الناشرون في طرق عرض الكتب والدعاية لها، سواء بلوحات ضخمة للكتب الجديدة أو لمؤلفيها أو ابتكار وسائل لا يخلو بعضها من الطرافة في العرض. فالكتاب -كما بقية السلع- يخضع للترويج بمختلف الطرق لغرض «تسويقه». وقد وصلت هذه الطرق الترويجية لبعض الناشرين العرب الذين خرج عدد منهم عن طرق العرض التقليدية الملتزمة بالرفوف الرتيبة. ولعل هذه الدورة من معرض فرانكفورت تُحرّض الناشرين العرب على نزع ثياب الرتابة في تسويق «خير جليس في الزمان»، كما قال المتنبي يوماً. المكتوب وبطريقة يسرة وشائعة إن لم تجذب الطالب، فهي على الأقل لا تنفّره كما يحدث كثيراً في وضعنا الحاضر للأسف.