«عشقي للكلام غالب سكوتي وكُرهي للسُكات جالب شقايا» أحمد فؤاد نجم كان ديكارت يعتبر التفكير أساسا لإثبات الوجود، لذلك قال قولته الشهيرة: «أنا أفكر إذن أنا موجود». اليوم، مع تطور الفلسفة الحديثة في إطار بروز ما اصطلح عليه بالجيل الثالث لحقوق الإنسان، ومع الثورة الكوبرنيكية الجديدة في وسائط الاتصال وبروز مفهوم مجتمع العلم والمعرفة.. أصبح ممكنا قلب المقولة الديكارتية لتصبح بالمدلول التالي: «أنا أعلم إذن أنا موجود»، وأضحى من واجب الصحافي الدفاع من أجل التوزيع العادل للمعلومات على كافة المواطنين على شاكلة الشعار الذي رفعته التيارات الاشتراكية «التوزيع العادل للثروات»، لأن المعلومة ثروة وسلطة.. صدقوني، هذا ما أومن به.. لكن ليعذرني القارئ الكريم، فكلما أردت أن أذهب بعيدا في مراقي سُلم السياسة وأن أعانق معه نُتفا من الحقيقة، نصيبنا الجماعي في الوجود، كلما صُعقت بأسلاك كهربائية عالية الضغط.. نحن في الخريف، موسم تعب الأمهات والآباء مع نهاية رمضان والعيد والدخول المدرسي وعطب الصحة وثقل الكريدي وباقي المصائب السوداء مع قلة حيلة اليد... لذلك فضلت ألا أُثقل عليه بهموم السياسة ومتاعب السياسيين أجمعين، سألهو وأزهو قليلا بتواضع العشاق، لذلك أريد أن أقود قارئي إلى أمكنة قصية حيث المُتع والسلام، سأحدثه عن بعض شجوني من شؤون الدنيا، وبعض مما أحب.. لنتكلم عن «الملوخية» ذات الطعم اللذيذ، مثلا، أعشق أُكلة الملوخية خاصة مع لحم الغنمي، الملوخية نبات زهري من صنف البقوليات، مليئة بالسُعرات الحرارية والدهون والبروتينات.. وهي تُقَوِّي القلب والنظر وتزيد الفحولة قوة، «الملوخية» في اللغة العربية هي «البامية».. أويلي، أويلي، سيعتقد البعض أني أتحدث عن النزعة «البامية» نسبة إلى حزب «البام».. وقد أصبح أمام المحاكم بتهمة المس بالمقدسات.. ما لنا ووجع الدماغ؟! سأحدثكم عن الممثلة الأمريكية والنجمة الاستعراضية أندرسون زوجة الموسيقي الشهير «تومي لي»، التي بزغ نجمها وعمرها 21 سنة، كانت أشهر عارضة للمجلة الأمريكية «بلاي بوي».. تعجبني أندرسون خاصة في أفلامها الشهيرة «the taking of Beverly Hills» و«naked souls»... ، ويعجبني في هذه النباتية دفاعها الأخلاقي عن حقوق الحيوان، لكن يعجبني أكثر نهداها اللذان يمكن أن تُطل من شرفتهما على كل العجائب السبع للدنيا من برج إيفل إلى تمثال الحرية.. باميلا أندرسون مشهورة لدى الأمريكيين والكنديين باسم «بام».. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ها أنا أسقط في المحظور، في اسم حزب البام من جديد. لنبتعد كثيرا عن الشرور، لنهاجر مثل طيور حرة في سماء بعيدة. سأحدثكم هذه المرة عن الأدب ليس المغربي بل الأمريكي، وخاصة عن هذه المبدعة هيوستن، ذات الخمسة عقود، صاحبة الروايتين الرائعتين: «كيف تتحدثين إلى صياد» و«السلوقي». هيوستن ابنة رجل أعمال، وجدت نفسها مقودة بجنون استثنائي نحو عالم المغامرات، حيث طافت كندا كلها على دراجة هوائية، عشقت الكلاب وتربية الخيول، وعملت بالحانات والفنادق لتكتشف حياة الناس في تلقائيتها بعيدا عن ترف العائلة وأصبحت مرشدة للصيادين، استضافتها النجمة الصحافية أوبرا في برنامجها الشهير «أوبرا وينفري شو» أكثر من مرة، وصُنفت كأحد أبرز الكتاب الأمريكيين، حيث حازت قصتها «رعاة البقر هم نقط ضعفي» على جائزة أفضل القصص القصيرة الأمريكية عام 1990، وجائزة أفضل الكتاب الأنجلوساكسونيين عام 1993.. تعتبر قصصها من الكتب الأكثر مبيعا في أمريكا، وقد كُتب اسم بام هيوستن على... ها نحن نجد أنفسنا في حضرة «البام» من جديد، والله بدون قصد.. عذرا لذوي الحساسيات الزائدة.. لم لا أحاول أن أستعيد معكم ذكرياتنا في تلك الدروب المطمورة في غياهب النسيان، ما قضينا فيه جزءا غير يسير من طفولتنا.. تلك الأحياء المكتظة بالبراءة المغتصبة عنوة، تلك الأحياء أو الأموات.. المملوءة بطعم المعاناة والمحاطة بسور من الإسمنت حتى لا يتأذى المارون بجانبها من بؤسها وعفن ناسها المقصيين من دائرة الاهتمام، من أين جاء الناس بتسميتها بأحياء البام، ها حنا عاوتاني تنمسو المقدسات.. أردت أن أحدثكم عن أغانينا الجميلة في الصغر: - PAM. PAM - Qui est la? - C'est moi - entrez! وخشيت من «البام»... أحببت أن أحدثكم عن طفولتنا وعن أشيائنا الصغيرة، وخشيت أن أجد كلمة «البام» في «Pam pers» ولم أقصد الحديث عن «Pampers les couches»، ببساطة لأنه لم يكن موجودا يومها.. بل عن الدلع الذي يترجم في الإنجليزية بكلمة «PAM. Pers». ها أنتم تلاحظون أينما وليت وجهي من السياسة أو الملوخية إلى نهدي باميلا أندرسون الشهيرة ب«بام» إلى المبدعة الأمريكية بام هيوستن إلى أغاني الطفولة حتى دلع الصغار «Pampers»، إلا ويوجد أثر للبام، فعمّ سأتحدث إذن؟! سأُخضع نفسي قليلا للتأمل لأعود بكم إلى موضوع يستحق وقتكم، دون وجع دماغ.. لكم الأماني كلها.