عبرتم، في المنتدى الذي ترأسينه، عن احتجاجكم على رفع المغرب لجميع تحفظاته عن اتفاقية «سيداو» لرفع جميع أشكال التمييز ضد المرأة، ما السبب الكامن وراء ذلك؟ لقد عبرنا عن احتجاجنا على هذا الرفع لأمرين أساسين؛ فمن حيث الشكل، قامت الحكومة برفع تحفظاتها عن المادة 16 من الاتفاقية من خلال رسالة وجهتها إلى الأمين العام للأمم المتحدة في تاريخ 8 أبريل المنصرم دون التواصل مع مكونات المجتمع المدني، في الوقت الذي يعرف فيه المغرب حراكا مجتمعيا وسياسيا. ولم نفهم صراحة سبب مسارعة الحكومة إلى رفع التحفظات عن المادة 16؛ لأن المغرب لما عبر عن تحفظاته خلال توقيع الاتفاقية سنة 1963 أرجع الأمر لسببين يتمثلان في تعارض هذه المادة مع مدونة الأحوال الشخصية وتعارضها كذلك مع الشريعة الإسلامية، لكننا فوجئنا برفع هذه التحفظات.. صراحة لا نفهم من منح نفسه الحق في رفع هذه التحفظات، فهل تغيرت الشريعة الإسلامية حتى يتم رفع هذه التحفظات التي ستكون لها مجموعة من التداعيات على المجتمع المغربي وستطرح جملة من الإشكاليات؟ ما هي هذه الإشكاليات؟ إن رفع المغرب لهذه التحفظات له مجموعة من التداعيات الاجتماعية الخطيرة التي تهدد النسيج الثقافي والحضاري المغربي الذي تأسس منذ قرون وكذا العلاقات الأسرية، لأن الاتفاقيات تقدم المساواة بين الجنسين في الحقوق والواجبات، وعلى العكس فإن النسيج الثقافي والحضاري المغربي يقر حقوقا ومكتسبات وتمييزا وإنصافا لصالح المرأة المسلمة، ومنها الحق في النفقة، والأولوية في الحضانة، وأخذ المهر عند الزواج، والاستقلالية المالية، والاحتفاظ باسمها العائلي بعد الزواج. لكن بمقتضى المادة 16، ستفقد المرأة المغربية جميع هذه الامتيازات، كما سيصبح من حقها الزواج من غير المسلم. ألا تعتقدين أن رفع المغرب لتحفظاته عن المادة يأتي استجابة لجوهر الدستور الجديد للمملكة؟ أبدا، الدستور أقر فعلا سمو المواثيق الدولية على التشريعات الوطنية، لكن هذه المواثيق نفسها تعطي للدول حق التحفظ، فمن أعطى لنفسه الحق في رفع هذه التحفظات؟ نحن لا نريد تنميطا للشعوب، فهي يجب أن تحظى بحق الاحتفاظ بالخصوصيات الثقافية. احتجاجنا على هذه الخطوة لا يعني أننا ضد المساواة، بل على العكس، نحن مع المساواة، لكن التكاملية منها، بمعنى الإنصاف والعدل. لكننا شاهدنا تهريبا لمثل هذه القرارات دون فتح نقاشات واسعة مع المجتمع المدني؛ فالحكومة هي، فعلا، غير ملزمة قانونيا بالتشاور مع المجتمع المدني، لكن في الظرفية الحالية التي تعيشها البلاد، مثل هذا القرار الحساس كان يجب أن يمر عبر البرلمان ويخضع لتصويت نواب الأمة كما يقضي بذلك الدستور الجديد، وبالتالي فإن هذا القرار غير قانوني. بثينة القروري - رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية