خرجت وزارة الصحة أخيرا عن صمتها حيال النقاش المفتوح منذ مدة بين المهتمين بمجال الصحة في المغرب حول المخاطر الصحية المرتبطة بمادة «البارابين»، التي تدخل في تركيبة لائحة واسعة من الأدوية ومستحضرات التجميل المتداولة بالصيدليات المغربية. وهو النقاش الذي بدأ أول الأمر في فرنسا، التي زادت المخاوف فيها من سلامة استعمال المنتجات الصيدلانية المحتوية على هذه المادة، التي تحوم شكوك حول تسببها في سرطان الثدي وتراجع الخصوبة لدى الرجال، فضلا عن وقوفها وراء العديد من المشاكل الصحية كزيادة الوزن والحساسية وإثارة البشرة وشيخوختها. وقد ترجمت هذه المخاوف بتصويت مجلس النواب الفرنسي على مشروع قرار يقضي بسحبها من تركيبة الأدوية، مما قد يضع الشركات الفرنسية المصنعة للأدوية ولمستحضرات التجميل أمام مأزق إعادة النظر في تركيبة منتجاتها الطبية والتجميلية. وقالت وزارة الصحة في بلاغ لها يوم الاثنين الماضي إن «المخاطر الصحية المرتبطة بمادة «البارابين» لم تتأكد لحد الآن، وأنها تتابع عن كثب دراسات دولية تكميلية تقوم بها في هذا الشأن هيئات مستقلة.» بلاغ الوزارة أشار أيضا إلى «أنه في انتظار نتائج هذه الدراسات، فإن الأدوية التي تحتوي على مادة «البارابين» ليست موضع اشتباه، سواء في المغرب أو الخارج»، مضيفا أن «البارابين» التي تستعمل على نطاق واسع في تركيبة الأدوية ومستحضرات التجميل هي مواد حافظة تعمل على حماية المنتجات التي تحتوي عليها من التلف بسبب الميكروبات، وتمكن بذلك من الحفاظ على جودتها وفعاليتها». وفي غياب دراسة تحصر لائحة الأدوية المتداولة في المغرب، التي تحتوي على مادة «البارابين»، خاصة أن الأبحاث التي تجري في أوربا لم يتم إعلان نتائجها النهائية بعد، وفي غياب أي رد فعل من طرف المركز الوطني للوقاية من التسممات واليقظة الدوائية، الذي لم يعلن إلى الآن أي موقف من النقاش الدائر على نطاق واسع، فضلا عن التزام المختبرات الصيدلية المغربية الصمت حيال القضية، يكتفي عدد من المهتمين بالمجال الصحي بتداول لائحة أولية عبر الشبكات الاجتماعية والمواقع المتخصصة تضم أزيد من 400 صنف دواء تدخل مادة «البارابين» في تركيبته، وهي لائحة اعتمد فيها أساسا على الأدوية، التي يتم تسويقها بفرنسا، وضمنها بعض الأصناف المعروفة والمتداولة في الصيدليات المغربية والموجهة إلى جميع الشرائح العمرية. ويعود الحديث عن مخاطر مادة «البارابين» إلى سنة 2004، إذ انتبهت الوكالة الفرنسية للسلامة الصحية إلى هذه المادة بعد أن كشفت دراسة بريطانية عن وجود بقايا «البارابين» في أنسجة أورام الثدي، وتم ربطها باستعمال مستحضرات التجميل التي تحتوي على هذه المادة. وأحصت الوكالة الفرنسية للسلامة الصحية وجود 400 نوع من الأدوية، التي تتضمن مادة «البارابين»، 306 منها تتضمن مادة من «بروفيل برابين»، الذي يشكل تهديدا للخصوبة لدى الرجال. وأصدرت دول الاتحاد الأوربي عقب ذلك تعليمات إلى مختبرات صنع الأدوية لتطوير طرق أخرى للحفظ والتخزين. وتترقب دول الاتحاد الأوربي، مع حلول شهر نونبر المقبل، الكشف عن نتائج دراسة يجريها جهاز مستقل للبحث العلمي، للتأكد من مخاطر المادة على الإنجاب، ومدى تهديدها للأطفال، لاتخاذ موقف نهائي بخصوص استعمالها. وتشير بعض الأبحاث إلى أن وجود المادة لا يقتصر على الأدوية، بل يدخل أيضا في تركيبة بعض المواد الغذائية، خاصة المعلبات التي تحتاج إلى مواد حافظة، فضلا عن وجودها بنسب عالية في مستحضرات التجميل، أبرزها الرذاذ المثبت للشعر والرذاذ المعطر المزيل لرائحة الإبط والمرهم (crème) المبيض للوجه وشامبو الأطفال وغسول الوجه والحليب المطري للجسم، وأحمر الشفاه وطلاء الأظافر ومعجون الحلاقة ومرهم الوجه وكريم محيط العين، وكل أنواع المراهم التي تُدلك البشرة، إضافة إلى زيت التدليك.