سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المدير العام للأمن الوطني يترأس جلسة استئثانية ل «تشريح» الانفلات الأمني في مدينة فاس «بونقشة» يزرع الرعب في شوارع المدينة والمواطن يطالب بالحزم في التعامل مع المجرمين
تعيش مدينة فاس مجددا، في الآونة الأخيرة، على إيقاع ارتفاع في جرائم الاعتداء في الشارع العام. وترتكب أغلب هذه الاعتداءات من أجل السرقة. وتحدثت مصادر في قسم المستعجلات بالمستشفى الجامعي الحسن الثاني عن «عجز» تعانيه أطقمها الطبية في «مواجهة» العدد الكبير من حالات الاعتداء بالأسلحة البيضاء التي ترد عليه. ويعمد بعض المصابين من «عتاة» المجرمين وأصحاب السوابق إلى فرض «قانون الغاب» على أطر هذا القسم من أجل إعطائهم الأولوية في تقديم الإسعافات، دون الالتزام بالصف، ودون التسجيل في سجلات القسم. ولا يختلف الوضع في مدينة صفرو عن الوضع في مدينة فاس، فيما تسجل نسب منخفضة للجريمة في مدينة ميسور بسبب طابعها الاجتماعي ذي الهياكل التقليدية التي ما زالت في جانب كبير منها متماسكة. وسبق لسكان عدد من الأحياء السكنية بالعاصمة العلمية أن خرجوا في مسيرات احتجاجية ضد تفشي الجريمة في أحيائهم، وتقاعس رجال الأمن في محاربتها، وتساهل النيابة العامة في أحكامها ضد المعتقلين منهم. وخرجت بعض هذه المسيرات الاحتجاجية من مساجد هذه الأحياء بعد صلوات الجمعة، فيما «تنافست» الأحزاب السياسية بالمدينة على الظهور في الواجهة الأمامية لبعض هذه المسيرات. ونظمت بعضها أمام مقر محكمة الاستئناف لمطالبة النيابة العامة بالحزم في التعامل مع المجرمين أثناء إصدار الأحكام ضدهم، عوض الحكم عليهم بأحكام مخففة غالبا ما تنتهي ليعود المجرم إلى سابق عهده ويواصل زرع الرعب في الشارع. وتشكو المدينة من أحزمة البؤس التي تحيط بها. ويعجز عدد من سائقي سيارات الأجرة الصغيرة عن ولوج بعض هذه الأحياء الشعبية في أوقات متأخرة من الليل. ويقدم هؤلاء روايات صادمة عن حالات اعتداء تعرض لها رفاق لهم، بعد أن يكون المجرمون قد استحوذوا على ما بحوزتهم من أموال جمعوها طيلة ساعات الكد في النهار. وترى السلطات أن تضخيم بعض المنابر الإعلامية لموضوع الانفلات الأمني بالمدينة، جريا وراء الرفع من المبيعات بمقالات «الدم والذبح» ساهم في تقديم صورة سلبية عن العاصمة الروحية للمملكة سواء لدى المستثمرين أو لدى السياح. فيما يقول المواطنون إن وقع تفشي الجريمة بالمدينة «واقع عنيد» يستدعي «المواجهة». وإلى جانب المقاربة الأمنية الآنية، فإن الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية ذات الارتباط بتراجع القيم يجب أن تحضر في أي مقاربة ل»التحكم» في تفشي الجريمة التي بدأت تسجل، بين الفينة والأخرى، لجوء بعض الأطراف فيها إلى استعمال الأسلحة النارية لحسم النزاعات التي عادة ما تكون لها علاقة بخلافات حول الاتجار في المخدرات. وقفزت مدينة فاس في شهر رمضان من سنة 2009 إلى دائرة الضوء في عدد من وسائل الإعلام الوطنية، على خلفية اعتقال مجموعة من أصحاب السوابق روعوا ساكنة عدد من الأحياء في يوم واحد، وارتكبوا عددا من السرقات قبل أن يختبئوا في «مغارة» بالقرب من خط السكك الحديدية بالمدينة. وتم اعتقال هذه المجموعة وسط استنفار أمني كبير تحت التهديد بإطلاق النار. وتم «تطويف» أفراد هذه المجموعة في عدد من الأحياء الشعبية. وأثارت عملية «التطويف» ذات العمق التاريخي بفاس العتيقة ردود فعل متباينة في الأوساط الإعلامية والحقوقية. وشبهها أحد الصحفيين ب «العودة إلى عهد بوحمارة» في مدينة فاس، فيما اعتبر عدد من المواطنين بأن «إحياء» العملية من شأنه أن يقلل من «الانفلات» الذي يلازم الوضع الأمني بالمدينة. وقررت الإدارة العامة للأمن الوطني الخروج ببلاغ ينفي قيام السلطات بأي عملية تطويف، موردة بأن الأمر يتعلق بإجراء قامت به السلطات لتمكين الضحايا المحتملين من التعرف على المعتدين عليهم.