سجل المركز المغربي لحقوق الإنسان استمرار ملف الاعتقال السياسي في المغرب، إذ ما يزال هناك العديد من المعتقلين السياسيين في السجون المغربية، معلنا استغرابه استثناء معتقلين سياسيين قدامى من مبادرة الإفراج الأخيرة، والتي همّت حوالي 96 معتقلا سياسيا. وقد عبّر المركز، في تقريره لسنة 2010 والنصف الأول من السنة الجارية، والذي تم تقديمه أول أمس في الرباط، عن أسفه من استثناء معتقلي ما يسمى «السلفية الجهادية»، وعلى رأسهم محمد رفيقي وحسن الكتاني، وعدد من المنتمين إلى السلفية الجهادية وما تبقى مما يسمى «مجموعة بليرج». وفي ما يتعلق بحرية الرأي والتعبير، اعتبر التقرير أن الجسم الصحافي تلقى ضربة موجعة من خلال قرار اعتقال ومقاضاة مدير جريدة «المساء»، الصحافي رشيد نيني، حيث أصدرت المحكمة الابتدائية في الدارالبيضاء، يوم 9 يونيو 2011، حكما يقضي بسجنه سنة نافذة، موضحا أن القضاء قد أبان، من جديد، عدم استقلاليته وخضوعه ل«تعليمات» السلطة التنفيذية، حيث يتضح، بالملموس، كيف أن مشروع استقلال القضاء عصيّ على التطبيق في ضوء موازين قوى غير ديمقراطية. وأوضح المركز المغربي لحقوق الإنسان رفضه كل المضايقات والمتابعات التي تستهدف حرية الصحافة وعمل الصحافيين والحق في الرأي والتعبير، داعيا إلى التراجع، أيضا، عن كل الأحكام القاسية التي كانت قد صدرت في حق مسؤولي وصحافيي مجموعة من المنابر الإعلامية في قضايا ذات صلة بحرية التعبير وإلى تمكين الصحافيين من حقوقهم المضمونة بموجب الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، التي صادق عليها المغرب. وفي مجال الاحتجاجات التي عرفتها الساحة المغربية، سجل التقرير تعرض مظاهرات حركة 20 فبراير في الكثير من المدن المغربية إلى المنع والتعنيف من قبل قوات الأمن والقوات المساعدة، ما فتئت تتصاعد تم تخفت، وأضاف التقرير أن مطالب التغيير التي ترفعها حركة 20 فبراير، والتي هي حركة كافة شباب المغرب، بمختلف مشاربهم السياسية، الحقوقية والجمعوية ومختلف اتجاهاتهم الفكرية، مطالب مشروعة وضرورية من أجل تطوير أداء الدولة لخدمة الشعب. ومن جهة أخرى، دعا المركز الحكومة إلى اتخاذ تدابير استعجالية من أجل إلغاء نظام الامتيازات وتفكيك شبكة «اللوبيات» المستفيدة من اقتصاد الريع وخلق نظام وطني للتقييم والافتحاص وتفعيل لجن تقصّي الحقائق الدستورية والبرلمانية وتوسيع اختصاصاتها والتعجيل بخلق الآليات اللازمة لتفعيل مقتضيات الاتفاقية الدولية لمحاربة الفساد. أما بخصوص واقع الصحة في المغرب فقد سجل المركز المغربي لحقوق الإنسان تردّيا مهولا في وضعية كافة المستشفيات المغربية، المركزية والإقليمية والمحلية منها، مستنكرا «حالة التّسيُّب الذي تشهدها عملية تموين وتوزيع المواد الطبية، بما فيه الأدوية على المركز الاستشفائية»، استنادا إلى الشكايات التي يتوصل بها المركز من المواطنين. وشدد التقرير في ما يتعلق بالدستور الجديد على أن نجاح هذا الدستور رهين بوضع آليات مؤسساتية قوية تُمكّن من تنفيذ مقتضياته وتفعيلها على أرض الواقع حتى لا يبقى حبرا على ورق، مسجلا أن عملية الاستفتاء شابتْها خروقات في عدد من مكاتب الاقتراع، من قبيل إعادة الاقتراع والاقتراع بالإنابة والاقتراع دون بطاقة الناخب والاطلاع على مضمون الصناديق قبل فرزها بطريقة قانونية. وأوصى المركز بضرورة منح أولوية لمطالب التغيير، خاصة أن هناك عددا من المعيقات، منها «تواطؤ» بعض ممثلي السلطات المعينين والمنتخَبين وبعض ممثلي الجهاز القضائي، وهو ما يؤدي إلى انتهاك حقوق المواطنين، إضافة إلى أولوية إصلاح القضاء، من أجل تكريس مبادئ حقوق الإنسان وإرساء دعائم عدالة نزيهة ومنصفة في إطار دولة الحق والقانون وبناء المجتمع الديمقراطي المنشود.