وجه الملك محمد السادس رسالة تهنئة إلى الرئيس الجزائري بمناسبة عيد استقلال الجارة الشرقية، شدد فيها على ضرورة العمل سويا من أجل تجاوز العقبات الظرفية والموضوعية لإعطاء دينامية جديدة لعلاقات التعاون بين البلدين. وفي الوقت الذي لا تزال فيه الجزائر منكمشة داخل الماضي وتحتفظ بمواقف تقليدية تجاوزها التاريخ، يمد المغرب يد المصالحة، مؤكدا استعداده لعبور هذه المرحلة وبدء صفحة جديدة. وتأتي رسالة الملك إلى الرئيس الجزائري بعد محطة سياسية هامة، وضع فيها المغرب دستورا جديدا ويتهيأ لدخول مرحلة أخرى، بعد استفتاء شعبي. ومن معاني هذه الخطوة أن كلمة الشعوب لا يمكن التستر عليها مهما طال الزمن، أما الانغلاق وعدم الإنصات لأصوات التغيير والانفتاح فلن يفيدا إلا في عرقلة مسار الإصلاح الصحيح، فالمغاربة والجزائريون يتطلعون إلى علاقات أخوية أحسن بما يخدم أهداف المنطقة وينهي مرحلة الاحتقان السياسي الذي خلقته مجموعة من الجنرالات في الجارة الشرقية لأهداف غير شعبية، تخدم أجندة ضيقة، بل إن الشعبين الجزائري والمغربي يطمحان إلى علاقات جوار تضع حدا لهذا «العداء» المفتعل ضد المصلحة العليا للشعوب في هذه المنطقة المغاربية. لقد قال المغرب كلمته أكثر من مرة، ودعا الملك محمد السادس إلى فتح الحدود المغلقة بين البلدين، أخذا بقاعدة «عفا الله عما سلف»، لكن يبدو أنه ليس هناك من يستقبل الرسائل في الجانب الآخر. لقد دخلت الشعوب العربية حقبة جديدة، وأصبح الشارع العربي رقما صعبا في المعادلة، وتقف الجزائر اليوم مثلها مثل باقي الدول العربية أمام حراك شعبي للإصلاح، وقضية تطبيع العلاقات بين البلدين هي واحدة من القضايا التي تحتل أهمية كبرى، لأن الإصلاح اليوم لم يعد قطريا بل يرتبط بسياق إقليمي ودولي، والتعامل مع هذه القضية من مدخل إصلاح العلاقات البينية يقتضي الإنصات للعقل والمصلحة العليا للشعوب، بدل اللجوء إلى «المتحف الإيديولوجي» القديم لإدامة حالة العداء أو تقوية الترسانة العسكرية من خلال تجويع الشعب الجزائري.