سجلت النقابة الوطنية للصحافة أن الفصل ال27 من الدستور الجديد يعترف بحق المواطنين والمواطنات في الحصول على المعلومات الموجودة في حوزة الإدارة العمومية والمؤسسات المنتخبة والهيآت المكلفة بمهام المرفق العام. وتعتبر أن احترام هذا المبدأ، كمطلب أساسي للنقابة ولعدد كبير من الهيئات الأخرى، سيساهم بشكل إيجابي في تطوير الشفافية وإعطاء أدوات ملموسة لممارسة صحافة البحث والتقصي. وسجلت النقابة التنصيص صراحة على حرية الصحافة في الفصل 28، وعدم تقييدها بأي شكل من أشكال الرقابة القبلية، وكذا تشجيع قطاع الصحافة من طرف السلطات العمومية، على التنظيم الذاتي بكيفية مستقلة وديمقراطية، ووضع القواعد القانونية والأخلاقية لذلك. وتسجل النقابة أن هذه المبادئ تتضمن اعترافا واضحا بالتخلي عن كل القوانين والإجراءات التي تحد من حرية الصحافة كما تربط ذلك بحق المهنيين في السهر على احترام أخلاقيات مهنتهم وتنظيمها، ومنع التدخل التحكمي، من أي طرف خارج قطاع الصحافة. وسجلت كذلك أن تأكيد المشروع على سمو الاتفاقيات والمواثيق الدولية، على التشريعات الوطنية، يشكل إحدى الضمانات التي قد تعزز ممارسة حرية الصحافة والإعلام، في مواجهة نزوعات التضييق على هذه الحرية باسم الخصوصية، وتقييدها، بواسطة قوانين لا تتماشى مع التطورات الدولية الحاصلة في مجالات حقوق الإنسان وحرية التعبير، كما سجلت أهمية ما نصت عليه الديباجة في تأكيدها على مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة، بالإضافة إلى كل المبادئ التي تضمنها الباب الثاني عشر من مشروع الدستور، وخاصة ما يتعلق بخضوع المرافق العمومية لمعايير الجودة والشفافية والمحاسبة والمسؤولية، والتزامها بالمبادئ والقيم الديمقراطية في التسيير، طبقا لميثاق يحدد كيفية ممارسة هذه القواعد. واعتبرت النقابة أن تنفيذ هذه المبادئ على أرض الواقع، من شأنه أن يفتح إمكانية إعادة هيكلة المؤسسات العمومية والشركات الوطنية التي تعمل في قطاع الصحافة والإعلام، بشكل يلائم المقتضيات الواردة في المشروع، وبما يحقق ما تطالب به النقابة باستمرار، من احترام قواعد الشفافية وتكافؤ الفرص والنزاهة والإنصاف في إسناد المناصب وتحمل المسؤوليات، على كل المستويات. ودعت إلى تأكيد هذه المبادئ في مسطرة تعيين المسؤولين بالمؤسسات الإستراتيجية للدولة، والتي يتم التداول حولها في مجلس وزاري، ويتم اقتراحها من طرف رئيس الحكومة، وبمبادرة من الوزير المعني، طبقا لقانون تنظيمي. وتعتبر النقابة أن التطبيق الجيد لهذه المبادئ، يقتضي إدراج كل قطاعات الإعلام العمومي ضمن المؤسسات الإستراتيجية، وربطها بمبادئ الحكامة الجيدة، والشفافية وتكافؤ الفرص الواردة في فصول أخرى من هذا المشروع. وأشارت النقابة إلى إمكانية إصلاح كل ما يتعلق بالوسائط السمعية البصرية والصحافة بمختلف أشكالها، من خلال مسطرة التشريع الواردة في الفصل 71، وملاءمتها مع المبادئ الواردة في ديباجة الدستور، من سمو المواثيق الدولية، وكذا ما جاء في باب احترام حرية الصحافة والتعبير. وفي الاتجاه نفسه، تضيف النقابة، فإن ما جاء في الفصل 171 من المشروع، يفتح مجالات مراجعة دور وصلاحيات وتركيبة الهيأة العليا للاتصال السمعي البصري، ويزكي هذا المقتضى، ما ورد في الباب الرابع عشر من أحكام انتقالية وتحديدا في الفصل 179. وأضافت أن ما تضمنه الباب الثاني من المشروع بخصوص الحريات والحقوق الأساسية، ومن بينها تحقيق مبدأ المناصفة بين الرجال والنساء ومكافحة كل أشكال التمييز وحظر التحريض على العنصرية أو الكراهية أو العنف، كلها مبادئ تدعم دولة الحداثة والديمقراطية. ونوهت النقابة بتكريس الأمازيغية كلغة رسمية للدولة، واعتبارها رصيدا مشتركا لكل المغاربة، بالإضافة إلى إعطاء الأهمية المستحقة للحسانية، كجزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية المغربية الموحدة، واعتبرت أن التنصيص على هذه المبادئ وربطها بالهوية المغربية متعددة الروافد والمنفتحة على اللغات الأجنبية الأكثر تداولا في العالم، والانخراط في مجتمع المعرفة، والانفتاح على حضارة العصر وثقافاته، وتشجيع حرية الإبداع والفكر وتنمية الإبداع الثقافي والفني، والاعتراف الصريح بالحق في الاختلاف والتعدد، يمثل توجهات كبرى نحو بناء مجتمع حداثي يعترف بحق الاجتهاد في مواجهة الانغلاق والتقوقع. إن النقابة الوطنية للصحافة المغربية، وهي تسجل أن مشروع التعديل الدستوري قد تبنى العديد من المقترحات التي تقدمت بها أمام اللجنة الاستشارية، فإنها تعتبر أن أهمية المبادئ المشار إليها في هذا البلاغ، تظل رهينة بالإرادة السياسية في الإصلاح وتحقيق الديمقراطية، والتي أكدت عليها مطالب القوى السياسية والنقابية والجمعوية والحركات الشبابية. ودعت النقابة نفسها إلى إصلاح وإعادة هيكلة قطاعات الصحافة والإعلام العمومي، واعتبرت أن وضع القوانين المؤطرة لهذه المجالات، يتطلب القطع مع كل التوجهات التي عملت على التضييق على التعددية والحق في الاختلاف، والتي تجاهلت معايير الجودة وأدارت مؤسسات الإعلام العمومي، بطريقة غير شفافة وامتنعت عن وضع قواعد النزاهة وتكافؤ الفرص والاستحقاق والمحاسبة على المسؤولية، وكرست بالمقابل الزبونية والانفراد بالقرار. وفي نفس هذا الإطار، فإن النقابة تعتبر أن المراقبة المهنية والشعبية لوسائل الإعلام العمومية، لابد أن تتكرس في الهيئات العليا المؤطرة لهذا القطاع، وفي تركيبة المجالس الإدارية لمؤسساته.