«لا يمكن لك التقاط صور لعملية التصويت أو مكاتب الاقتراع، بأمر من القائد وولاية تطوان»، بهذه العبارة الحازمة رحبت بنا إحدى المشرفات على مكتب التصويت بالثانوية الإعدادية «علال بن عبد الله»، في الساعة الثامنة والنصف من صباح يوم أمس، بعدما أجرت مكالمة هاتفية مع قائد المنطقة. الوالي يراقب خلال جولة «المساء» بشوارع تطوان, صباح يوم أمس، كانت مكاتب الاقتراع مازالت تنتظر المصوتين من المواطنين، في الوقت الذي عاينت الجريدة والي ولاية تطوان محمد اليعقوبي، مرابطا داخل سيارته أمام باب إعدادية القاضي ابن العربي. الساعة تشير إلى التاسعة صباحا و20 دقيقة، وشوارع المدينة تعيش حياة طبيعية, تتخللها مرور دوريات أمنية لمراقبة الأوضاع والسير العادي بالحمامة البيضاء. مواطنون استطلعت الجريدة آراءهم أكدوا لها أنهم سيدلون بصوتهم بعد صلاة الجمعة، وهي عادة مغربية تعود عليها المقترعون والمصوتون. ووفق مصادر رسمية فإن عدد البطائق التي تم سحبها إلى غاية زوال يوم أول أمس، بلغت في إقليمتطوان 209 آلاف و987 بطاقة، «أي بمعدل سحب يصل إلى 7. 95 في المائة من مجموع الهيئة الناخبة الإقليمية»، تقول مصادر من ولاية تطوان، فيما أعدت السلطات 552 مكتبا ضمنها 241 بالعالم القروي. وتضيف المصادر ذاتها أنه «تم كذلك إحداث لجان متجولة لتسهيل عملية سحب البطائق من الأشخاص المسجلين بمناطق نائية بالإقليم، الذي يمتد على مساحة 3067 كيلومترا مربعا، أي حوالي 30 بالمائة من المساحة الإجمالية لولاية تطوان (10.375 كيلومترا مربعا). وتراهن السلطات على تصويت المناطق القروية على الاستفتاء على الدستور الجديد، حيث يبلغ عدد ساكنتها 143 ألفا و412 وفق إحصاء سنة 2004، فيما تبلغ ساكنة المناطق الحضرية 373 ألفا و927 مواطنا، إذ يضم الإقليم دائرتين هما تطوان وجبالة وجماعتين حضريتين، تطوان ووادلاو، علاوة على 21 جماعة قروية. مصوتون ومقاطعون
بباب أحد مكاتب التصويت بحي سانية الرمل، ذكرت سيدة قررت الذهاب مبكرا للإدلاء بصوتها أنها ستصوت بنعم لأنها ترفض مقاطعة الدستور، ومسايرة نداءات المقاطعة، لأن الدستور «حقق لها عدة أمور إيجابية، ومزيونة بزاف»، تقول السيدة بلكنتها الشمالية. «أنا ماشي بلطجية ولكني مقتنعة بهذا المشروع الدستوري الجديد»، توضح المتحدثة وهي ترد على مكالمة هاتفية، مداعبة هاتفها المحمول. شاب آخر أصر على التدخل في الحديث وأكد بدوره تصويته بنعم، لأن الدستور الجديد، سيوفر له «الشغل والعلاج والكرامة»، و«سيقطع مع البرلمانيين الانتهازيين والمتهربين من الضرائب». شابة أخرى التقتها «المساء» بمكتب للتصويت بالحي المدرسي، كان لها رأي آخر، تقول هذه الطالبة الجامعية إنها ليست مع المقاطعة وإن كانت قد أكدت للجريدة أنها ستصوت ب»لا» على الدستور الجديد، لأنه لم يأت بجديد، بل حسب قولها، مجرد طبعة أخرى منقحة بعناية على أيدي مغاربة لذر الرماد في العيون». المقاطعة هي «العدمية»، تقول هناء، الطالبة الجامعية، مضيفة أن رأيها واضح وتعبر عنه في مخدع الاقتراع، وهو «التصويت السلبي على هذا الدستور». 20 فبراير في تطوان، «مامفاكينش» ليلة التصويت على الدستور
خرجت حركة «20 فبراير» وتنسيقية الدعم في الليلة التي سبقت موعد التصويت على الدستور، في مسيرة حاشدة غير مسبوقة، انطلقت من «باب العقلة»، في الساعة السادسة من أجل المطالبة بمقاطعة الاستفتاء. وعرفت المسيرة، التي استغرقت ثلاث ساعات ونصف، مشاركة الآلاف من المواطنين جابوا عدة أحياء عصرية وشعبية، كحي جامع أفيلال، تم الطويلع، وحومة طنجاوة، مرورا بشارع محمد داوود، والتوتة وصولا إلى المصلى الديني. مسيرة حركة 20 فبراير كانت تروم، حسب قول نشطائها، دعوة كافة ساكنة تطوان إلى مقاطعة الاستفتاء على الدستور الذي يفتقد، وفقهم, «كل مقومات الدستور الديمقراطي». وتم خلال المسيرة المذكورة رفع لافتات مختلفة أجمعت كلها على «محاربة الاستبداد، والفساد»، ورحيل «أمانديس»، والتنديد بالدستور الذي وصفته ب«الممنوح»، كما رفعت لافتات تطالب بالإفراج عن رشيد نيني، وأخرى حملها أقرباء الشيخ عمر الحدوشي، المعتقل على خلفية الأحداث الإرهابية بالدار البيضاء، تطالب بإطلاق سراحه، وسراح كافة المعتقلين السياسيين. كما أكد المشاركون في المسيرة الشعبية لحركة 20 فبراير، على «مواصلة المعركة التاريخية السلمية والحضارية ضد الفساد والقهر والاستبداد، ومن أجل الحرية والكرامة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان». ووزع خلال المسيرة، عدد من النداءات لمقاطعة التصويت، والذي يؤكد أحدها على أن «أن طرح مشروع الدستور للاستفتاء لن يوقف نضالات فبراير» لأنه، حسبها، «لا يتجاوب من حيث الشكل والمضمون مع طموح الحركة، التي تنشد دستورا ديمقراطيا يفتح الباب أمام بناء الديمقراطية بالمغرب». وكانت مسيرة الحركة بتطوان، مرفوقة بمجموعة من المؤيدين للدستور، الذين أصروا على ملاحقتها تحت مراقبة الأجهزة الأمنية، التي أقامت فاصلا بين الطرفين تفاديا لأي احتكاك أو استفزاز بينهما. فاصل كانت تتوسطه سيارة والي أمن تطوان بالنيابة، وبعض الدوريات الأمنية. واختتمت المسيرة موكبها بأداء قسم مقاطعة الدستور، وهو نفس الأمر الذي أحرقت به الحركة في نفس الليلة بمدينة المضيق، حيث قامت العشرات من البطائق الانتخابية.