فجر قرار التصويت ب«نعم» أو مقاطعة الاستفتاء، الخلاف بين المركزيات، سواء الداعمة للدستور، من قبيل الاتحاد المغربي للشغل، أو التي قررت مقاطعة الاستفتاء على الدستور، كالكونفدرالية الديمقراطية للشغل. وأعلنت العديد من القيادات النقابية المحلية والجهوية في عدد من مدن المملكة «تمردها» وعدم انضباطها لِما أسمته «القرارات الفوقية» للقيادات النقابية، فيما قرر البعض تجميد عضويتهم أو تقديم استقالتهم من النقابة، مما يهدد بانقسامات في صفوف المركزيات العمالية. وقال محمد عنابة، عضو الاتحاد المحلي لنقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل وعضو المكتب الوطني لقطاعات الأشغال العمومية في النقابة ذاتها، إن عددا من أطر ومسؤولي نقابة الأموي، التي قررت مقاطعة مشروع الدستور الجديد، سيصوتون ب«نعم» لفائدة هذا المشروع. وأورد أن حتى بعض الذين «ينافقون» القيادة سيصوتون ب«نعم» لصالح هذا المشروع، لكنْ في «سرية». وأشار عنابة، في تصريحات ل«المساء»، إلى أن القرار الرافض للدستور، والذي اتخذه المكتب التنفيذي للنقابة، قرار «متسرع» يحتمل، حسب تعبيره، أن تكون «سياسة إرضاء بعض الأطراف داخل النقابة هي التي أمْلته»، في إشارة إلى جماعة العدل والإحسان وجزء من حزب النهج الديمقراطي. وأكد عنابة أنه، هو و«رفاقه» المتمردون داخل النقابة، لن يصوتوا في سرية، لأنه مقتنع، طبقا لتصريحاته، بالإيجابيات الكثيرة التي جاء بها مشروع الدستور، الذي اعتبر أنه يتضمن عددا من المقترحات التي سبق لنقابة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل أن طالبت بها. وفيما قدم أربعة أعضاء في النقابة الوطنية للمالية في تارودانت وكذا المكتب المحلي في جماعة «العاطف»، التابعة لقيادة «زومي» في دائرة «دبدو»، استقالتهم من الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، احتجاجا على قرار مقاطعة الاستفتاء على الدستور، رفض المكتب المحلي لأعوان وموظفي التعليم العالي في المكتب المحلي ما أسماه «القرارات الفوقية وغير الديمقراطية»، في إشارة إلى القرار الذي اتخذه الكاتب العام للنقابة، محمد نوبير الأموي. وأكد بيان المكتب المحلي، الذي يحمل توقيع 5 من أعضائه، «تأكيده على الطابع المتسرع لقرار مقاطعة الاستفتاء على الدستور، لأن ذلك سيحرم المناضلين من حق إبداء رأيهم في ممارسة الوصاية عليهم». وقال الغاضبون إن بيان المجلس الوطني للنقابة يتحدث بلغة عامة تجعل تصورات نقابتنا ضبابية وغير واضحة الاختيارات، وهو ما جعل المحتجين يتساءلون عن «الدوافع الحقيقية وراء هذا الموقف». وفي السياق ذاته، بدأت تلوح في الأفق بوادر انشقاق داخل نقابة الاتحاد المغربي للشغل، بعد قرار الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، المنضوية تحت لوائها، اتخاذ موقف معاكس للموقف الرسمي للمركزية النقابية، الذي أعلنه ميلود مخاريق، الأمين العام للنقابة، المؤيد للدستور، عندما أعلنت الجامعة مقاطعة استفتاء الفاتح من يوليوز القادم. وقالت الجامعة، في بيان توصلت «المساء» بنسخة منه، إن قرار المقاطعة ينبني على أن مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء لا يضمن الفصل الفعلي للسلط ولا يحقق توازنها ولا يرقى إلى مستوى تطلعات الطبقات العاملة، خصوصا بعد دسترة التوازنات المالية التي كانت، وما زالت، حسبها، مصدر معاناة الطبقة العاملة وعموم الفئات الشعبية ذات الدخل المحدود. واعتبر البيان الوثيقة الدستورية الجديدة غيرَ جديرة بثقة مأجوري القطاع الفلاحي والفلاحين الكادحين، مؤكدا استمرار الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي في صف المطالبين بدستور ديمقراطي، صياغة ومضمونا وتصديقا، مجددا، في هذا الإطار، دعمه لحركة 20 فبراير في نضالها من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية في المغرب.