أين وصلت «معركتكم» من أجل تقنين الإجهاض في المغرب، فمنذ المؤتمر الوطني الأخير، الذي نظمتموه «خفت» الحديث عن الإجهاض السري؟ - ما زالت المعركة متواصلة، بطبيعة الحال، فبعد المؤتمر الوطني الأخير، الذي نظمناه في السنة المنصرمة وبعد التوصيات التي خرج بها المؤتمر، الأول من نوعه في المغرب، وتنفيذا لهذه التوصيات التي خرج بها المشاركون في المؤتمر، بعثنا برسالة إلى محمد المعتصم، مستشار الملك، نطالب فيها بتحكيم ملكي ولكننا لم نتلق أي جواب إلى حد الآن. كما حاولنا، في إطار عملنا، الاتصال بأعضاء اللجنة المشرفة على إعداد مسودة الدستور، لنطلب منهم أخذ مطلبنا بخصوص حق المرأة في امتلاك جسدها بعين الاعتبار وتلقينا، بالفعل، تطمينات من طرف كل من أمينة بوعياش ونادية البرنوصي بخصوص هذه النقطة، لكن مع الأسف لم يتم تضمين هذه النقطة في المسودة التي طُرِحت للتصويت. وصراحة، كنا بصدد الإعداد لمؤتمر ثانٍ، بعد مرور سنة على المؤتمر الأول، لكن في هذه الفترة والظروف والتغيرات التي يعيشها العالم بأسره، ونحن على أبواب الاستفتاء على الدستور والانتخابات التشريعية، فقد قررنا تأجيل هذا المؤتمر. لكن «معركتنا» ما زالت متواصلة، رغم أنه قد مر على الرسالة التي بعثنا بها إلى المستشار الملكي حوالي سنة دون أن نتلقى أي جواب. وأود أن أشير إلى أن حزب التقدم والاشتراكية من بين الأحزاب التي نُعوّل عليها في الجمعية في إطار معركتنا التي ستظل متواصلة إلى حين «امتلاك المرأة الحق في الصحة»، لأنه من غير المعقول أن تموت المرأة نتيجة مضاعفات صحية أو حتى نتيجة إجهاض. ونتمنى انضمام أحزاب أخرى إلى هذه المعركة، فمثلا هناك أصوات من داخل حزب العدالة والتنمية تؤيد مطالبنا، كما أن أعضاء من حزب الأصالة والمعاصرة انخرطوا، بداية، في معركتنا، قبل أن يحدث نوع من الفتور.
ما هو رأيك في القوانين المغربية التي تمنع الإجهاض؟ -أعتقد أن المجتمع لا يحق له منع المرأة من التصرف في جسدها. كما أن مجموعة من الدول الإسلامية ذهبت بعيدا في طرح تقنين الإجهاض، كمصر والسودان، في الحالات التي يكون فيها تشوه للجنين أو يأتي الحمل نتيجة اغتصاب. كما أن القوانين، حسب اعتقادي، يجب أن تتطور لتواكب التغيرات التي يعرفها المجتمع، وعليه، فإنه من غير المقبول أن يستمر العمل بنصوص قوانين تعود إلى سنوات الخمسينيات. هل تتوفر الجمعية على أرقام جديدة لحالات الإجهاض السري، غير معدل 800 حالة إجهاض يومي، الذي سبق أن تم تقديمه خلال السنة المنصرمة؟ -صراحة، لا نتوفر حاليا على أرقام جديدة بخصوص الإجهاض السري في المغرب، غير تلك التي أعلنا عنها في وقت سابق، لكن من خلال ملاحظتي، أعتقد أن العدد في تراجع، خاصة في ما يتعلق بحالات الإجهاض غير الطبي. ما هي مضاعفات الإجهاض السري؟ وهل يمكن أن تفقد المرأة خصوبتها نتيجة الإجهاض؟ -مضاعفات الإجهاض كثيرة، فمثلا يمكن أن يحدث تقلب للرحم أو تعفن لقنوات فالوب أو اتساع في الرحم، ينتج عنه سقوط الجنين، في ما بعدُ، وتتعرض معه الفتاة لإجهاض تلقائي. وإضافة إلى هذه المضاعفات الفيزيولوجية، هناك أخرى سيكولوجية، لأن السيدة تستمر في لوم نفسها طيلة حياتها على هذا الحمل. لذلك فإننا نشدد على الوقاية ثم الوقاية ثم الوقاية. لكن بعض السيدات يمكن أن يكُنّ ضحية الحمل غير المرغوب فيه، رغم الاحتياطات التي يتخذْنها. فمثلا، إذا وجدت المرأة نفسها حاملا وقد صار لديها 5 أبناء مثلا، وأرادت الإجهاض، لأنها لا تستطيع تحمل حمل آخر فهي في حاجة إلى إجهاض الجنين. هل يتم تسجيل حالات يحكم فيها على الطبيب بالسجن بسبب إجرائه إجهاضا سريا؟ - فعلا، هناك حالات يُحكَم فيها على الطبيب بالسجن بسبب إجرائه عملية إجهاض غيرَ مرخص له. وسأعطيك نموذجين لسيدتين توفيتا أثناء إجرائهما عملية إجهاض سري في ظرف شهر واحد في مدينة الرباط، والعدد يتجاوز هذا الرقم، لأن الإجهاض يُجرى في أغلب المدن المغربية. وفي الحالتين اللتين أوردتهما، وجدت الطبيبة نفسها في السجن تقضي عقوبة حبسية حُدِّدت في ثلاث سنوات، لكنها غادرت السجن، مؤخرا، بعدما حصلت على عفو ملكي. أما الحالة الثانية، التي توفيت فيها امرأة، فإن الطبيب توصل إلى حل توافقي مع العائلة، لأن أسرة هذه السيدة المتزوجة لم تكن تريد «الفضيحة». والخطير في الأمر أن هذه العمليات يجريها الأطباء في عياداتهم دون تضييق، وفي حال حدوث وفاة، فإنه تتم معاقبة الطبيب، أما إذا مرت جميع الأمور في أجواء صحية، فإنه يتم «غض الطرف» عن هذه العمليات، التي يمكن أن تجرى في ظروف غير صحية. وفي حال حمل الفتيات المراهقات، ما هي أخطار هذا الحمل وصعوبة إجراء الإجهاض؟ في مثل هذه الحالات، فإن الحمل نفسَه يكون محفوفا بالمخاطر، لأن المراهقات في هذه السن غير قادرات على الحمل، حيث يكُنّ معرضات لمجموعة من المضاعفات الجسدية ومشاكل في الولادة، فالحوض، مثلا، يكون صغيرا، كما قد لا يستطعن تحمل التخدير. وما هي الكلفة المادية للإجهاض؟ -تتراوح أثمنة عمليات الإجهاض التي يجريها الأطباء بشكل سري بين 1000 و15 ألف درهم، وتختلف «التكلفة» حسب «الخطر» الذي يتعرض له الطبيب، والذي قد يصل إلى حد الحكم عليه بالسجن وحسب تقدم مدة الحمل، إذ كلما تقدمت المدة، زادت الكلفة. كما تختلف التكلفة حسب ما إذا كانت المرأة متزوجة أم لا.. صغيرة أم كبيرة. وفي الجمعية، ندعو إلى تسهيل الإجهاض في حالات استثنائية، كالاغتصاب وزنا المحارم وتشوهات الجنين، ومن أجل نقص تكلفة الإجهاض، كما أناشد الجمعيات النسوية خوض هذه «المعركة» إلى جانبنا، لأن «اليد الواحدة لا تصفق».