ضربوا موعدا بحي التقدم أمام « الشاطو» من أجل تعبئة أحد أكبر أحياء مدينة الرباط من حيث التعداد السكاني، لكن رجال الأمن كانوا أيضا في الموعد وضربوا طوقا أمنيا كبيرا بالقرب من ملهى «ماجيك بارك» وعلى امتداد الشارع، الذي كان يعرف حركية كبيرة. « الأخوة استعدوا باش تعتقلوهم» هكذا قال رجل قوات العمومية لرفاقه المتواجدين في السيارة، تنفيذا للأوامر الصارمة التي تلقاها رجال الأمن من أجل منع تواصل شباب الحركة مع ساكنة الحي الشعبي، حتى ولو كلف الأمر الاعتقال. لكن الشباب فطنوا إلى حيلة رجال الأمن ونيتهم بمنع المسيرة بعدما قاموا بتوقيف البعض وإركابهم سيارات الأجرة من أجل إبعادهم عن الحي الشعبي. رجال القوات العمومية كانوا متوترين ينتظرون وصول شباب «حركة 20فبراير» بفارغ الصبر. تأخر الشباب في الحضور في الموعد المحدد للمسيرة التعبوية «راه باقي ما جاوش» قال أحد رجال الأمن لصديقه بنرفزة. وبعد برهة ركن سائق سيارة الأجرة في المكان المخصص له ونزل منتصر الإدريسي ومعه نزار بنماط رفقة 4 أعضاء آخرين « هاهما جاو» قال أحد رجال الأمن بزي مدني، فركض مجموعة من الأمنيين بالزى المدني خلف أعضاء «حركة 20 فبراير» الستة، قبل أن يلتحق بالركب رجال الأمن بزيهم الرسمي. حوالي 15 دقيقة اختفى بعدها أثر شباب الحركة الستة ورجال الأمن وسط دروب وأزقة حي التقدم الضيقة، قبل أن يظهر منهم ثلاثة فقط أدخلهم رجال الأمن بعنف في سيارة الأجرة ثم أخرجوهم منها في مشهد من مشاهد أفلام الحركة الأمريكية، أثار انتباه الساكنة التي تجمهرت وهي تشاهد رجل أمن يطلب من الشبان الثلاثة الاقتراب من الحائط، ويكيل لهم السباب ويدفعهم. « صورهم» كان يصيح ذلك الأمني بصوت جوهري في وجه رفاقه وهو يواصل كيل السباب للشباب. الفبرايريون يتواصلون مع الساكنة شباب «حركة 20 فبراير» استطاعوا التغلب على العقلية الأمنية التقليدية ونجحوا في الهروب من المراقبة الأمنية وتحقيق هدفهم بالتواصل مع بعض ساكنة الحي. عدد قليل من الشباب كان حاضرا من أجل التعبئة مقارنة مع العدد الذي كان منتظرا منه الحضور بسبب إشعار جميع الشباب بعدم الحضور; لأن القوات العمومية منعت المسيرة وتحاول اعتقال الشباب من أجل تنفيذ قرار منعها. حوالي 10 أشخاص حضروا محملين بالنداءات الداعية إلى النزول إلى الشارع من أجل الاحتجاج يوم الأحد 19 يونيو بحي التقدم، أجابوا خلال نصف ساعة من الزمن تقريبا عن تساؤلات الساكنة وقربوهم من أسباب النزول إلى الشارع وسقف مطالب الحركة « حنا مع الملك» قال أحد أصحاب المحلات التجارية لشباب الحركة، قبل أن يردوا عليه بأنهم «أيضا مع الملك»، فما كان منه إلا أن قال: «سأنزل معكم إلى الشارع من أجل الاحتجاج يوم الأحد». لكن بعض سكان الحي كانوا مهتمين بالحركة؛ فتلك السيدة الخمسينية كانت تتحدث عن الحركة وعن أسباب الاحتجاج وهي تشرح لزميلتها» راه خاصنا نهضروا على الصحة، الأطباء تقهروا واحتجوا وحنا خاصنا نهضروا» قالت المرأة، قبل أن تضيف «راه الملك خدام ولكن كاينين الشفارة» انتظرت السيدتان قبالة «الشاطو» لمدة ساعتين، لكن بعدما استطاع الأمن منع اقتراب أعضاء الحركة من القدوم إلى مكان الموعود رحلتا إلى وجهتهما. الجانب الإنساني يطبع علاقات أعضاء الحركة بعد انتهائهم من التعبئة انتقل جزء من الشباب، الذي يشكل لجنة الإعلام إلى مقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان من أجل كتابة بيان يدين تصرفات القوات العمومية ومضايقات أجهزة القوات العمومية، في إطار العمل المكلفين به، وقالوا في بيانهم «إن هذا التصرف يبين زيف الشعارات التي تنادي بها الدولة المغربية» وأضافوا: «ندين كل المضايقات البوليسية والاعتقالات، ونؤكد أن مطالبنا مشروعة ولا تنازل عنها». فيما تابع ما تبقى من شباب الحركة طريقه في اتجاه أحد مقاهي وسط مدينة الرباط، كما اعتاد على ذلك مجموعة من أعضاء الحركة. جلسات حميمية يجد فيها شباب الحركة فرصة من أجل تذويب الجليد بين الأعضاء ذوي الانتماءات السياسية والفكرية المختلفة، فقبل مسيرات «20 فبراير» لم يكن يعرف أعضاء الحركة بعضهم البعض جيدا، إلا بعض المحسوبين على فصائل معينة. فعلاقة هؤلاء الشباب من صفحات «الفايسبوك»، قبل أن يقرروا الالتقاء في المقاهي من أجل تقرير طريقة اشتغالهم: « بعدما خرجنا للواقع بدأت العلاقات تتحول إلى علاقات حميمية» يقول نجيب، أحد المؤسسين الأوائل للحركة، ويواصل حديثه مسترسلا: « الشاب الليبرالي أصبح يقف مع شخص سلفي أو عدلي». هي صور جديدة لم يشهدها المشهد السياسي المغربي، فمطالب الحركة استطاعت تذويب الخلافات الإيديولوجية بين الأشخاص، لتسمو عليها مطالب التغيير نحو تأسيس مغرب أحسن» الجميع توحد حول أرضية المطالب ولم تعد الخلفيات الإيديولوجية مركزا للتطاحن» يقول نجيب. الاختلاف انمحى أمام تضامن الشباب بعضهم البعض «نخاف على بعضنا البعض ونسأل عن أسماء المعتقلين»، يقول نجيب قبل أن يتابع قائلا: «العلاقات تجاوزت الحدود النضالية البرغماتية فأصبح الجانب الإنساني حاضرا بقوة بين أعضاء الحركة». نقاش وعناق وروح المزحة.. عناوين الجموع العامة علاقات حميمية تربط كل الأعضاء، كما أكد بعض أعضاء الحركة، خاصة في صفوف الشباب المحسوب على اليسار. لكن هذه اللحمة، التي يحاول أعضاء الحركة الحفاظ عليها ليست وليدة اليوم وإنما ترجع إلى أكثر من 120 يوما من التوافقات، فالجموع العامة السابقة كانت شاهدة على التطاحن الذي كانت تعرفه لقاءاتهم، فانتقلت أماكن الجموع العامة من مقر الاتحاد المغربي للشغل إلى مقر حزب الطليعة، ثم إلى مقر الكونفدرالية، ليس لأن هذه المقرات لم تعد قادرة على استيعاب عددهم، ولكن لأن ساكنة العمارات التي توجد بها هذه المقرات لم تعد قادرة على تحمل ضجيجهم ونقاشاتهم التي تطول إلى ساعات متأخرة من الليل كل أسبوع. ساعات طوال تستغرقها الجموع العامة، صراعات ونقاشات تطفو إلى السطح خلالها. في بداية انطلاق الحركة كانت مداخلات الأعضاء في الجموع العامة، التي يتجاوز عدد المشاركين فيها دائما ال 100 شخص، تحدد بالأرقام وليس بالأسماء. يمر «النقاش في الجموع العامة ل»حركة 20 فبراير» في أجواء أحيانا هادئة وأحيانا أخرى ساخنة، حسب طبيعة المواضيع المطروحة للنقاش والرهان المعقود عليها، وهذا أمر صحي وطبيعي جدا ما دامنا نحن كشباب اخترنا بطواعية النضال من أجل التغيير ولا يمكن لنا أن نكون في يوم من الأيام عدميين أو أصوليين لأن النقد والنقد البناء حاضر في نقاشنا باستمرار، وقراراتنا تؤخذ بمراعاة التوجه العام للجموع العامة، وهي قرارات تتعلق فقط بتقييمنا لبرامجنا النضالية التي نفذت من أجل الوقوف على مكامن الخلل ومكامن القوة ووضع البرامج المستقبلية» يقول توفيق مطيع، أحد أعضاء الحركة. لكن مع مرور الوقت تم تعويض الأرقام بالأسماء بعدما أصبحوا يعرفون بعضهم البعض باستثناء الوجوه الجديدة، التي قد تطبع أي جمع عام،» الآن صارت هناك أجواء للثقة بين الأعضاء» يقول محمد طارق، عضو الحركة، قبل أن يضيف « أصبحنا قادرين على امتصاص غضب بعضنا البعض في سبيل الحفاظ على وحدة الحركة». توفيق هو الآخر يذهب في نفس الاتجاه، ويقول « قد تبرز بعض المشادات العابرة لأننا كنشطاء داخل الحركة نعمل كل من جانبه من أجل الحفاظ على وحدتها واستقلاليتها، كما ظهرت منذ بدايتها كحركة احتجاجية مطلبية مستقلة جماهيرية يمكن تلخيصها في دعوة للاحتجاج». هي إذن ، ساعات طويلة للجموع العامة تعتبرها وداد ملحاف، عضو الحركة، أمرا عاديا وتحصيل حاصل «فيما يخص الجموع العامة : صحيح أننا نقضي وقتا طويلا يصل أحيانا إلى وقت متأخر وأضطر دائما لتبرير تأخري عند باب الحي الجامعي السويسي الثاني الذي يغلق عند الساعة الحادية عشرة، لكن العدد الكبير للمتدخلين وأهمية المواضيع التي تطرح خلال جدول أعمال كل جمع عام تبين أن الحركة تتسم بمرونتها وبالاستماع لكافة الآراء رغم اختلاف انتماءاتها الإيديولوجية» لكن، «كل الخلافات والاختلافات تنصهر لتحديد الشكل النضالي للحركة، والتعالي عن الاختلافات يفسر نجاح معظم المحطات النضالية التي قادها الشباب» تقول وداد ملحاف، عضوة الحركة. الاختلافات الإيديولوجية، بقدر ما تخلق في بعض الأحيان خلافات بين أعضاء الحركة، في حال ما إذا حاول أحدهم تمرير مواقف، فإنها تحولت مع الوقت إلى فرصة للمزحة. وفي أحد الجموع العامة ركزت إحدى المداخلات على أن فصل الصيف على الأبواب ويجب التفكير في التعبئة على الشواطئ « وهو يدور واحد الدري من حزب الطليعة عند واحد من العدل والإحسان وقال ليه هاد المهمة انت الأخ اللي غادي تكلف بها معاي» تحكي إحدى عضوات الحركة . لجان تقنية لتطبيق قرارات الجموع العامة الجموع العامة للحركة كانت تعقد مرة كل أسبوع منذ بدايتها، لكن أعضاء الحركة اختاروا مباعدة موعد الجموع العامة عن بعضها بأسبوعين، وتفصل بينها أشغال اللجان، في البدء كانت اللجان ثلاثا، لكن منذ تعرضت الحركة للقمع، يقول محمد طارق، تمت إضافة لجنة أخرى هي لجنة اليقظة. لجنة تضم 3 أعضاء من الحركة غير معروفين عند الجميع مهمتهم تتلخص في إيجاد ممرات جديدة للمسيرات في حال ما إذا تم قمعها أو حتى محاولات التشويش عليها. أشغال اللجان لا تكون أقل حدة من الجموع العامة، ففي آخر اجتماع اضطر أعضاء اللجان للاجتماع لأكثر من ساعتين ونصف، وتجاوز السقف المحدد للقاء، من أجل اختيار الشعار الرئيسي لمسيرة 19 يونيو وطرق التعبئة واليوم الدراسي حول مسودة الدستور. اجتماع لم يكن ينذر بارتفاع حرارته في البداية، لكن مع الوصول إلى منتصف الجلسة بدأت الأعصاب تتوتر وتتعالى الأًصوات، في كل مرة يتم تقديم إخبار أو توضيح. لكن النكتة والمزحة كانت سلاح البعض منهم من أجل تلطيف الأجواء «أنا مامستعداش نبقى حتى الجوج ديال الليل الدار يجريو علي» قالت يسرى مازحة من أجل خفض حدة التوتر التي سادت القاعة بسبب الشعار الرئيسي لمسيرة 19 يونيو، قبل أن تتوافق القاعة في النهاية، كما جرت العادة خلال الجموع العامة وأشغال اللجان على الانتهاء باختيار شعار «نضال مستمر من أجل مجتمع ديمقراطي عادل ومتحرر» بالرغم من أن بعض الأعضاء المحسوبين على جماعة العدل والإحسان حاولوا الاعتراض على الشعار لكن التوجه العام للقاعة هو من حسم القرار. لكن أشغال هذه اللجان هذه المرة ستكون استثنائية، اللجان كلها ستجتمع في جلسة واحدة، كما أنها ستطرح مشكلا جديدا، مطابع الرباط ترفض طبع النداءات ل «حركة 20 فبراير». اتصالات متكررة كانت بين اللجنة التنظيمية ومجلس الدعم المحلي من أجل توفير النداءات للخروج إلى الأحياء الشعبية من أجل التعبئة لمسيرة 19 يونيو بحي التقدم وبروح المزحة قال أحد الأعضاء «خاصنا نديرو وقفة احتجاجية أمام مجلس الدعم». مجلس الدعم، الذي من المفروض أنه الجهة الداعمة ماديا للحركة، لكنه لقي انتقادات لاذعة من أعضاء الحركة بخصوص تقصيره في إطار الدعم المالي. قبل أن يضيف عادل «نطالب بوضوح المجلس بخصوص الدعم». هو تقصير إذن من طرف مجلس الدعم، لكن جمعهم العام، أقر هو الآخر بضعف دعمه، فقرر رفع الدعم المالي المقدم من طرف كل تنظيم إلى ألف درهم عوض 500 درهم المحددة سابقا. بدايات طريق وعرة نزلوا إلى الشارع في يوم ممطر من شهر فبراير المنصرم،الذي تم تسجيله في دفتر التاريخ المغربي، لكن إرهاصات النزول إلى الشارع انطلقت من الموقع الاجتماعي «فايسبوك»، خلال الأسبوع الثاني من شهر يناير بتأسيس مجموعة أطلق عليها «مغاربة يحاورون الملك»، تأسيسها مباشرة بعد ثورة تونس جاء من أجل مناقشة فصل السلط وصلاحيات الملك. وبعد « مغاربة يحاورون الملك» كان تأسيس مجموعتي: «حرية ديمقراطية الآن» و«الشعب يريد التغيير» لتتحول هذه المجموعات الثلاث إلى مجموعة واحدة هي التي أصبح اسمها الآن «حركة 20 فبراير، الشعب يريد التغيير». نقطة التحول ستكون من مقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في إحدى عمارات حي الليمون وسط العاصمة الرباط، وسط حضور مكثف من الصحافيين ونشطاء منظمات المجتمع المدني والحقوقي، توجه ذلك الشاب العشريني إلى المنصة ليجلس بجانب فتاة من جيله، وبقربهما تأخذ الكلمة خديجة الرياضي رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، لتأطير سياق الندوة الصحافية. ففي أول خروج إعلامي لهما، من داخل مقر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في الرباط، أعلن أسامة لخليفي وتهاني معماد، باسم شباب حركة العشرين من فبراير، عن مطالبهم علانية في العالم الواقعي بعد أيام من التواجد فقط في العالم الافتراضي عبر «فيسبوك». وأول المطالب إقرار دستور وصفوه بالديمقراطي، وبحل الحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة انتقالية مؤقتة تخضع لإرادة الشعب، إضافة إلى قضاء مستقل ونزيه، مع الدعوة لمحاكمة المتورطين في قضايا الفساد واستغلال النفوذ ونهب الخيرات، والاعتراف باللغة الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب اللغة العربية، مع الاهتمام بالخصوصية المغربية لغة وتاريخا وثقافة. وطالبت الحركة بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي ومحاكمة المسؤولين، وتشغيل العاطلين عن العمل في الوظيفة العمومية، وضمان حياة كريمة بالحد من غلاء المعيشة والرفع في الأجور، وتسهيل ولوج المغاربة للخدمات الاجتماعية. ومنذ أول يوم تشبث شباب الحركة باستقلاليتهم عن كل التنظيمات والأحزاب السياسية، وأن الشعار الذي يوحدهم جميعا أن ترفرف «الحرية والديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية».
مصطفى كمري.. مسجل خطر لم يظهر كثيرا في وسائل الإعلام ولم تسلط عليه الأضواء، لكن أعين الأجهزة الأمنية لم تفارقه منذ البداية، تعرض للاختطاف حتى قبيل مسيرات 20 فبراير، من طرف المخابرات وتم احتجازه لمدة 36 ساعة قبل أن يفرج عنه. في الساعات الأولى من صباح يوم الإثنين 16 ماي 2011 تعرض مصطفى كمري، عضو المكتب التنفيذي لمنظمة حريات الإعلام والتعبير، وناشط في حركة شباب 20 فبراير، مرة أخرى للاختطاف من قبل عناصر أمنية من داخل مستشفى ابن سينا بالرباط، حسب تقرير للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، حيث كان يقضي الليلة مرافقا لأسامة الخليفي الذي كان يرقد بقسم المستعجلات بالمستشفى على إثر الإصابات التي تعرض لها من طرف قوات الأمن خلال المسيرة السلمية لحركة 20 فبراير بتمارة. وقد تم استدراج مصطفى كمري، كما جاء في التقرير، عن طريق الاحتيال إلى سيارة انطلقت به إلى مكان مجهول، حيث تم استنطاقه حول علاقته بأسامة الخليفي ونشاطه في حركة 20 فبراير وأشياء أخرى، وذلك بأسلوب التعنيف النفسي والسب والشتم والاستفزاز. ثم تم احتجازه في مكان معزول ومغلق إلى حدود الساعة الخامسة بعد الزوال حينها تم نقله إلى مكان بعيد عن مركز المدينة (بين الرباط وسلا) حيث تم تركه وحيدا.
فاطمة الزهراء .. برعم حركة 20 فبراير ببراءتها وتلعثم الصغار تردد فاطمة الزهراء «الشعب يريد..»، في المنزل وفي الشارع. تحولت هذه الصغيرة إلى جزء لا يتجزأ من الجموع العامة ولقاءات اللجان لحركة 20 فبراير. يعرفها جميع الفبرايريون، الذين اعتادوا على تواجد الصغيرة في جميع أنشطة الحركة رفقة والديها تحضر المسيرات وهي تحمل اللافتات التي تثقل يديها الصغيرتين، لكنك تلمس فرحتها بتواجدها وسط شباب الحركة. «منذ كنت حاملا بها وهي تسمع الشعارات»، تقول والدتها وهيبة بوطيب، عضوة حركة 20 فبراير، و لكنها حضرت أول نشاط نضالي، تضيف والدتها «عندما كان عمرها 10 أشهر، أي يوم 29 أكتوبر 2009 ، خلال الوقفة التي تنظم كل سنة لتخليد يوم اختطاف المهدي بنبركة للمطالبة بالحقيقة الكاملة ومحاسبة المسؤولين عن هذا الملف». لتحتفل الصغيرة رفقة والديها في نفس اليوم بمرور سنتين على لقائهما، حيث كان اللقاء الأول في نفس الوقفة من سنة 2007. وفي الوقت الذي كان منتظر الزايدي يضرب بوش بحذائه، كانت وهيبة في الجانب الآخر من الكرة الأرضية تعطي الحياة لطفلة جميلة، ستتحول إلى وجه من وجوه التغيير في المغرب. هذه الصغيرة التي رأت النور يوم 14 دجنبر أصبحت من المواظبين على أنشطة الحركة منذ وقفة يوم 6 مارس، فأصبح حضورها أساسيا في جميع الوقفات والمسيرات والجموع العامة، كما كانت حاضرة في الحملة التواصلية مع ساكنة التقدم للتعبئة للمسيرة التي ستنظم اليوم الأحد 19 يونيو بهذا الحي، وذلك خلال الأحد المنصرم.
وداد الملحاف..الصحفية الثائرة رجعت من أمام مركز تمارة، يوم 15 ماي وعلامات هراوات الأمن التي انهالت على جسدها مطبوعة، ظلت أثار الكدمات على جسدها لأيام، لكن ذلك لم يمنعها من الحضور في المحطات النضالية التي تلتها. وداد ملحاف، أحد أعضاء «حركة 20 فبراير». تقول لك بكل وثوقية إنها ليست عضوا في حركة 20 فبراير، لكن « أنا ناشطة في الحركة»، قبل أن تضيف هذه الطالبة الصحافية مفسرة «فالحركة ليست تنظيما بالمعنى التقليدي». لا تحب كلمة تقليدي، حتى ولو في النضال، الذي تعتبره مجرد فوضى منظمة وعفوية لأن النضالات التقليدية لم تعد صالحة، في ظل الظروف التي تعرفها المنطقة العربية، تقول وداد، قبل أن تضيف «ما كاين ما أحسن من أن الواحد يطالب بحاجياته». تعتبر مقولة غاندي: «في البداية يتجاهلونك... ثم يسخرون منك... ثم يحاربونك...ثم تنتصر...» شعارا لها في هذه الحياة». نزلت إلى الشارع منذ اليوم الأول للمسيرات لتكون رفقة أصدقائها بالرغم من أن والدتها تحفظت في البداية خوفا على إصابة ابنتها بمكروه، لكنها رضخت في النهاية لرغبة وحيدتها «أمي كان عندها تخوف في البداية لكنها لم تمنعن» تقول وداد. بعيدا عن أي حسابات حزبية، قد تكون «ضيقة»، فقد اختارت طالبة السنة الثالثة بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، تبني مبادئ حركة «20 فبراير» منذ البداية، «بعيدا عن الحسابات الحزبية الضيقة عند كل الشعوب، تبنيت أفكار الحركة من البداية لم يكن لدي أي تحفظ على أي مطلب.. تبنيتها لأنها نابعة من معاناة الشعب في كل المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية» تقول وداد، التي درست البيولوجيا قبل أن تلتحق بدراسة الصحافة.