هدد أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي، خريجو المدارس العليا للأساتذة (أساتذة التعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي سابقا) بعدم تسليم نقط المراقبة المستمرة لجميع مستويات الثانوي التأهيلي وبمقاطعة امتحانات الباكلوريا، الوطنية والجهوية، بدورتيها العادية والاستدراكية، في حال لم تستجب وزارة التربية الوطنية لمطلبهم، القاضي باحتساب سنوات الأقدمية في الإطار السابق، كما قرر الأساتذة خوض إضراب وطني أيام 8 و9 و10 من الشهر الجاري، مرفوقا بوقفة احتجاجية، أمام مقر مديرية الموارد البشرية. واستنكر أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي، خريجو المدارس العليا للأساتذة ما أسموه «تماطلا» نهجتْه وزارة التربية الوطنية التي لم تعمل -على حد قولهم- على رفع الحيف والضرر الذي طال هذه الفئة، حيث حذّروا الوزارة من مغبة الاستمرار في نهج ما وصفوه ب«سياسة الهروب إلى الأمام» و«التذرع بمبررات واهية»، كما طالبوا بجبر الضرر المادي والمعنوي لكافة الأساتذة المتضررين. ويتجلى مشكل هؤلاء الأساتذة، البالغ عددهم حوالي 800 على الصعيد الوطني، حسب خالد التوزاني، عضو المنسقية الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي، خريجي المدارس العليا للأساتذة، في أنهم سبق أن كانوا أساتذة، سواء في التعليم الابتدائي أو الإعدادي، حيث قاموا بتغيير الإطار عن طريق المدارس العليا للأساتذة التي ساعدتهم على الترقي إلى درجة أستاذ ثانوي تأهيلي، لكن (يضيف التوزاني) تفاجؤوا بأن مجموعة من المكاسب والحقوق التي كانوا يتمتعون بها في الإطار السابق «انتُزِعت» منهم في الإطار الحالي، حيث أكد التوزاني أنه لم تحتسب مدة الأقدمية في الإطار السابق، والتي قضى فيها الأساتذة، في الغالب، مددا تترواح بين 5 أو 6 سنوات. ويشكو الأساتذة مما أسماه المصدر ذاته «قرصنة» سنوات الأقدمية ومن عدم احتسابها في الإطار الحالي، واعتبر أن القانون الذي «تتحجج» به الوزارة الوصية، على حد تعبيره، «ليس منصفا»، لأن المادة 115 من النظام الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية، يضيف نفس المصدر، تقول إن الأستاذ يستفيد من سنتين جزافيتين فقط ولكنْ منطقيا، يتابع التوزاني: «هناك أساتذة يتوفرون على خمس سنوات سابقة ولم يتم احتسابها في الوقت الذي احتسبت سنوات الأقدمية بالنسبة إلى ملحقي الإدارة والاقتصاد، الذين كانوا يشتغلون في ما سبق في النيابات التعليمة وغيروا الإطار بناء على مذكرة تنظيمية، الأمر الذي يؤكد أن الوزارة تمارس نوعا من التمييز بين موظفي التعليم». ويطالب أساتذة التعليم الثانوي التأهيلي، خريجو المدارس العليا للأساتذة، باحتساب الخدمات في إطار سابق وبنقلها إلى الإطار الحالي وبمعادلة دبلوم المدراس العليا للأساتذة إما بالماستر بالنسبة إلى الأساتذة الذين يتوفرون على الإجازة في النظام القديم، أي 4 سنوات، بالإضافة إلى سنة من التكوين، الشيء الذي يعادل النظام المعمول به حاليا في الماستر، أو معادلة تلك الشهادة بسنة ماستر بالنسبة إلى الأساتذة الذين يتوفرون على الإجازة في النظام الجديد. ومن ضمن المشاكل المطروحة، كذلك، هناك مشكل التعيينات، حيث أكد خالد التوزاني أن هناك مجموعة من الأساتذة الذين تم تعيينهم خارج النيابات الأصلية، الأمر الذي جعلهم يعانون، خاصة من لديهم أسر وعائلات ومحلات للسكنى بالقرب من تلك النيابات، وكذلك الأمر بالنسبة إلى التعويض عن التكوين، الذي أصبح خاضعا، حسب المصدر ذاته ومنذ سنة 2006، لمرسوم وزارة تحديث القطاعات العامة، الذي يحدد الاستفادة من مصاريف التكوين في ستة أشهر. إلى ذلك، اعتبر المنسق الوطني لأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي خريجي المدارس العليا للأساتذة أن هذا الإَضراب الذي قررت التنسيقية خوضه يأتي تتويجا لمجموع المحطات النضالية التي خاضها الأساتذة منذ السنة الفارطة، والتي لم تفتح بشأنها الوزارة الوصية أي حوار، إذ صرّح خالد التوزاني ل«المساء» أن أول لقاء عُقِد مع الوزارة الوصية على القطاع كان في ثاني يونيو 2010، والذي احتضنته مديرية الموارد البشرية، بحضور ممثلي النقابات الوطنية، حيث تم تدارس الملف المطلبي وقُدِّمت لأعضاء المنسقية وعود بإدراج مطالبهم ضمن لجن الحوار القطاعية. وأضاف التوزاني أنه «منذ ذلك التاريخ الذي استقبلنا مدير مديرية الموارد البشرية ليست هناك أي بادرة لحل هذا المشكل». وأكد خالد التوزاني أنه في حال لم تستجب الوزارة لفتح باب الحوار والنقاش حول مطالب أساتذة التعليم الثانوي -التأهيلي خريجي المدارس العليا للأساتذة (أساتذة التعليم الابتدائي والثانوي الإعدادي سابقا) فإن هؤلاء عازمون على مقاطعة الامتحانات وعلى عدم تسليم نقط المراقبة المستمرة للوزارة، احتجاجا منهم على ما أسماه التوزاني «الصمت الحكومي»، حيث تابع قائلا «نحن واعون بخطورة الموقف، خصوصا بعد التدخلات الأمنية في حق أساتذة التعليم المرتَّبين في السلم التاسع، ولكن نحن لا نخاف القمع، لأن شعاراتنا سلمية، لا هي حزبية ولا سياسية». في السياق ذاته، أكد عبد الرزاق الإدريسي، عضو الأمانة الوطنية للجامعة الوطنية للتعليم، أن مشكل هؤلاء الأساتذة يتجلى في أن الوزارة الوصية لم تعمل على احتساب السنوات التي قضاها هؤلاء في التدريس في الإعدادي والابتدائي، وهو ما جعلهم، حسب قوله، يشعرون بنوع من الحيف والضرر الذي لحقهم جراء عدم احتساب سنوات الأقدمية في التدريس في إطار السلم العاشر، وهو ما يحرمهم كذلك من الاستفادة من امتحان الكفاءة المعنية للترقي إلى السلم ال11. واعتبر عضو الأمانة الوطنية للجامعة الوطنية للتعليم أن على وزارة التربية الوطنية أن تفتح حوارا جديا مع النقابات التعليمية لتسوية هذا الملف، قائلا «نحن، كنقابات، نطالب فقط بالجلوس على طاولة الحوار للبت في مجموعة من الملفات التي ما زالت عالقة». من جهة أخرى، نددت النقابات التعليمية الأربع، وهي الجامعة الحرة للتعليم والنقابة الوطنية للتعليم والجامعة الوطنية لموظفي التعليم والجامعة الوطنية للتعليم، بما أسمته «الاعتداءات» المتكررة من طرف السلطات العمومية على الأساتذة المرتبين في السلم التاسع» وحمّلت النقابات الأربع الوزارة الوصية كامل المسؤولية في كل مظاهر التوتر وعدم الاستقرار التي يعيشها القطاع، وطنيا وجهويا وإقليميا، وأكدت عزمها على إعداد مذكرة مطلبية تخص الفئة المرتّبة في السلم التاسع، اقتناعا منها أن الأجور والتعويضات التي تتلقاها غير كفيلة بضمان متطلبات عملية تعليمية وتربوية في المدرسة العمومية.