ما زالت الولاياتالمتحدةالأمريكية تعيش على وقع المفاجأة التي أحدثها كتاب صدر هذه السنة يحمل عنوان «حقيقة ما حدث... داخل البيت الأبيض في عهد بوش وثقافة الخداع في واشنطن». وليس مؤلف الكتاب سوى أحد رجال بوش السابقين، بل الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض لمدة قاربت الثلاث سنوات، إنه سكوت ماكليلان الذي يكشف في كتابه هذا « كيف ضلل جورج بوش العالم وزور تقارير مخابراتية لكي يغزو العراق». في 28 مارس 2006، أعلن أندي كارد استقالته من منصب رئيس طاقم إدارة بوش في البيت الأبيض، ويبدو من خلال الطريقة التي غادر بها أنه كان مضطرا إلى فعل ذلك. ومع ذلك، فإن الوقت كان قد حان من أجل التغيير، وكان أندي الذي خدم البيت الأبيض بتفان وإنكار للذات يعرف ذلك. وكان مستعدا لتلقي الضربات تلو الأخرى إذا كان ذلك سيحسن صورة بوش وفريقه الرئاسي لدى الرأي العام الأمريكي. قبل أن يغادر أندي، تبادلنا بعض الكلمات، قال لي: «هناك أربعة وربما خمسة أشخاص فقط يمكن أن يكون رحيلهم عن البيت الأبيض فارقا بالنسبة إلى الناس. أنا ونائب الرئيس، الذي لا يمكن أن يغادر، وكوندوليسا، وهي أيضا لا يمكن أن تغادر، ورامسفيلد، الذي رغم أنه يبدو بعيدا عن المغادرة فإن ذلك أمر لا يعرفه إلا هو، والرئيس». يبدو أنه لم يكن أمام أندي سوى خيار واحد هو المغادرة وترك المكان لرئيس جديد يعرف كيف يلعب اللعبة. الكلام الذي دار بيني وبين أندي ساعدني على التفكير في تغيير وضعي داخل البيت الأبيض، عدت بذاكرتي إلى الوراء وبدأت أفكر في اللحظة التي انكشف فيها أن ما قلته دفاعا عن روف وليبي في قضية تسريب المعلومات عن بليم كان خاطئا، حينها شعرت بالكثير من الألم، لكني لم أكن أريد أن أترك الرئيس وهو لايزال يواجه وقتا عصيبا، شعرت بأن مغادرتي ستكون في غير محلها، فقررت أن أنتظر إلى أن أتم السنة الثالثة لتعييني في منتصف يوليوز لكي أقدم استقالتي، وأبدأ خطوة جديدة في حياتي المهنية. فكرت وقررت بيني وبين نفسي متى يجب أن أعلن الأمر، فقلت «ربما في ماي». جاء جون بولتن ليحل محل أندي كرئيس للطاقم الرئاسي، كان مقربا من بوش وموضع ثقة بالنسبة إليه. تحدثت إليه قليلا من أجل إعداد ما سأقوله للصحافة يوم تعيينه. ثم بعد ذلك بأسبوع وبعد أن سافر الرئيس لقضاء نهاية الأسبوع في كامب دافيد، طلب جوش أن أذهب للقائه في مكتبه. كنت قد علمت أن جوش ينوي إحداث تغيير في منصب الناطق باسم البيت الأبيض، فأعددت نفسي لكي أعلن له رغبتي في الاستقالة في تاريخ نتفق عليه معا على ألا يتأخر أكثر من 15 يوليوز، وكنت أتوقع أن يوافق، لكنني كنت مخطئا تماما. ذهبت إليه وقبل أن أبدأ أنا الحديث سبقني وقال: «لن يكون هذا أمرا مفرحا بالنسبة إلي، فأنت إنسان محبوب هنا، ويعجبني عملك، لكني أومن بأن البيت الأبيض بحاجة إلى تغيير ومن بين ما يحتاج إلى التغيير منصبك. عندما عينني الرئيس قال لي إنه يعطيني الصلاحية التامة لكي أجري أي تغييرات تبدو لي مناسبة». فقلت له: «أنا أفهم ذلك، ويجب أن تعرف أنني كنت أفكر في التغيير أنا أيضا، لهذا فكرت أنه ربما سيكون 15 يوليوز، عندما أنهي ثلاث سنوات في منصبي، تاريخا مناسبا لمغادرتي». فأجابني»: أوه، هذا جيد، أنت تسهل علي الأمر، لقد كنت سأقول لمساعدي يوم الاثنين أن على أي أحد يفكر في المغادرة خلال الشهور القادمة أن يفعل ذلك الآن، لأنني أريد أن يكون الفريق الجديد جاهزا خلال الأسبوعين القادمين. ويمكنك أن تخبر الصحافة بأن هذا هو سبب مغادرتك، يبدو يوم غد تاريخا مناسبا لكي تعلن مغادرتك». كان ذلك صادما، أعلن مغادرتي غدا؟ أغادر خلال أسبوعين؟ ليس هذا ما خططت له. كان رد الفعل العاطفي سريعا، قلت لنفسي إنه مستعد لأن يرميني خارجا كأي خرقة بالية. فكرت كم خدمت الرئيس بإخلاص، وكيف ضحيت بمصداقيتي لكي أدافع عن بوش في فضيحة بليم، والآن، أنظروا كيف يستغنون عني بكل بساطة. لكن عندما فكرت بعقلي وبعيدا عن العواطف، عرفت أن جوش يقوم فقط بواجبه، لا يمكن أن يعمر طويلا أي ناطق رسمي في البيت الأبيض في منصبه بعد كل الهزات التي تعرض لها خلال السنتين الأخيرتين. حينها أخبرت بوش بأنني موافق، لكنني لن أعلن استقالتي غدا بل بداية الأسبوع المقبل.