طالبت مجموعة من الفنانين المحترفين المغاربة، المنضوين تحت لواء الجمعية المغربية لحقوق الفنانين، والداعين إلى رفع الحيف عن الفن والفنانين والقطع مع سياسة التهميش والمحسوبية، الحكومة بالاستجابة للمطالب والحقوق التي تهُمّ الفنان المغربي، وطالب الفنانون الحكومة -في بلاغ توصلت «المساء» بنسخة منه- بتحمل مسؤوليتها في تفعيل القوانين المصادَق عليها وإخراجها إلى حيّز الوجود، بعدما ظلت حبيسة الرفوف لأجَل غير مسمى، في الوقت الذي تتدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لعدد كبير من الفنانين المغاربة، ما يؤثر سلبا على الاإنتاجات الفنية في البلاد، وبالتالي، أصبح من الضروري توفير الظروف اللازمة للعمل في الميدان وفق ما يحفظ كرامة هذا الفنان ويشجعه على الإبداع والتطور وخلق وعي ثقافي شامل. واعتبر الفنانون أن تفعيل كل القوانين وإعطاء الحقوق الشاملة، بما فيها الرفع من الأجور والتغطية الصحية وإخراج قانون الفنان إلى حيّز الوجود رهين بإحداث مؤسسات تملك إرادة حقيقية، ترمي إلى تحقيق المطالب التي ينادون بها، والتي يرونها مشروعة، معتبرين أن الحلول الجذرية للمشاكل التي يعاني منها الممثلون المحترفون المغاربة واضحة وسهلة المنال وتتمثل في تفعيل قانون الفنان وتمكينه من البطاقة المهنية وإعداد عقد تعاقدي «نموذجي» معتمَد في كل الإنتاجات الفنية المدعمة بالمال العام، يسهر على إعداده كل من المركز السينمائي المغربي والقنوات التلفزية، دون إشراك المؤسسات النقابية في الموضوع، حسب ما جاء في بيان توصلت « المساء» بنسخة منه، بالإضافة إلى متابعة الإنتاجات المدعمة، بشكل مستمر، وفرض 2000 درهم لليوم كحد أدنى للأجر عن العمل الفني وإلزام كل من الممثل وكاتب السيناريو بحمل بطاقة الفنان، على أن ينال هذا الأخير مستحقاته من القناة أو المركز السينمائي فور انتهائه من العمل، وتستخلص، بعد ذلك، المؤسسة المبالِغ من الدعم المقدم للشركة. وركّز الفنانون على ضرورة إحداث مجلس أعلى للفنون في البلاد، يحفظ للفنان المغربي حقوقه ويُملي عليه واجباته، علما أن السير في ركب الدول المتقدمة يضم، أيضا، الاهتمام بالفن والاعتماد شبه الكلي عليه وعلى الثقافة المحلية للازدهار. كما أن دولا عربية عديدة تعتمد على الفن والثقافة كوسيلة تجارية لإدخال العملة الصعبة إلى بلدانهم، وفق سياسة متّبَعة من طرف الحكومة، فضلا على الدور الذي يقوم به الفن الراقي في تلميع صورة البلاد في العالم، سياحيا وفنيا وثقافيا. وإلى جانب ذلك، طالب الفنانون، في بيانهم، بضرورة إحداث وزارة خاصة بالفنون، يكون لها وحدها حق التسيير والتدبير، وبالعمل بالتخصص وتوفير فرص العمل والمحاسبة في كل المجالات، مع اعتماد سياسة بعيدة المدى للفن في المغرب. ويعد هذا المطلب حيويا في ظل الوضعية التي يعيشها الفنانون المنقسمون بين وزارة الثقافة، بميزانيتها الهزيلة وكثرة المسؤوليات الملقاة على عاتقها، ووزارة الشبيبة والرياضة، التي تحتضن بعض الأنشطة الفنية والثقافية للطفولة والشباب. كما لا يجب إغفال جانب التكوين والتكوين المستمر للفنان، الذي كانت تقوم به وزارة الشبيبة والرياضة سابقا، علما أن هذا الأمر يُعَدّ من اختصاص وزارة الثقافة. وفي هذا الإطار، يستنكر الفنانون قيام وزارة الثقافة بإرسال موظفين تابعين لها يستمرون في مناصبهم في الملحقات التابعة للوزارة وفي المندوبية ودور الشباب، إلى خارج أرض الوطن للاستفادة من فترات تدريبية خلال مهرجانات دولية، دون أن يأتي ذلك بنتيجة تذكر، حسب نفس البيان. من جهة أخرى، يدعو الفنانون المغاربة الجهات المعنية إلى تفعيل الرسالة الملكية للمناظرة الوطنية الأولى للراحل الحسن الثاني، وتتضمن إنشاء فرق جهوية، بالاعتماد على أرضية تتوفر فيها الشروط اللازمة، والمتجسدة في المسارح التابعة للمقاطعات والجماعات الحضارية، والتي أصبح الكثير منها «يتلاشى» شيئا فشيئا، نتيجة الإهمال والتقادم، دون إيجاد إدارة حقيقية تسهر على تسييرها، إلى جانب تفعيل الإرادة الملكية، من خلال برامج سنوية حافلة بالأنشطة الفنية والثقافية. ودعا الفنانون إلى نبذ السلوكات الممارَسة من طرف بعض إدارات المسارح في المغرب، التي اتهموها ب«استغلال» الميزانية المخصصة لتجهيز المسارح وب«التلاعب» بها. وسيعطي إحداث الفرق الجهوية تنوعا ثقافيا، من خلال اعتماد مدارس فنية مختلفة متجسدة في الفنان، الذي سيسهر على إدارتها، حيث سيتم تبنّي توجهات مختلفة لكل فرقة، حسب الفنان وتجربته الخاصة في مجال التدبير والتسيير، على أساس أن تتم الاستعانة بفنانين قدامى يملكون تجربة غنية ومهمة في المجال الفني والمسرحي على وجه الخصوص... أما في ما يتعلق بالميزانية فستعتمد كل فرقة، في السنة الأولى، على مصادرَ متعددة، من بينها الميزانية المخصصة لوزارة الثقافة، من أجل الدعم المسرحي، معتبرين أنه يجب استثمارها في هذا الإطار، بعدما ثبت فشل سياسة دعم المسرح، بسبب أشخاص موجودين في المؤسسات المعنية بالمجال، ثم على الميزانية المخصصة للمقاطعات قصد التنشيط الفني والثقافي للمنطقة، التابعة للمقاطعة، حيت ستلعب الفرق ذلك الدور مباشرة بعد إحداثها، بالإضافة إلى مداخيل العروض وبطاقة الانخراط السنوية بالنسبة إلى الطالب أو العموم وغيرها، مع التزام إدارة الفرق بالبحث عن مصادر تمويل أخرى، متمثلة في الشركات الحاضنة. وشدّد الفنانون على ضرورة القطع مع سياسة الزبونية والمحسوبية، التي أصبحت تتحكم بشكل كبير في مسار المجال الفني المغربي وتضيع حقوق الفنانين المحترفين والمبدعين على حساب آخرين، يعتبرون «متطفلين» على الميدان، دون الحديث عن باقي الاختلالات التي يعيشها القطاع، مما ساهم في تدني مستوى الإنتاجات الوط