أتى حريق اندلع، مساء أول أمس، في سوق عشوائي شعبي، معروف باسم «سوق ابن عباد»، على 123 محلا تجاريا، دون أن يخلف أي ضحايا، لكنه أسفر عن خسائر مادية جسيمة. وقال شهود عيان إن شرارة ألسنة النيران الأولى اشتعلت في حدود الساعة الثامنة مساء، قبل أن «تزحف»، في ظرف قياسي، على العشرات من «البراريك» المختصة في بيع الملابس المستعمَلة، حيث لم تنفع محاولات بعض التجار في إخمادها. وأضافت المصادر أن أغلب أصحاب المحلات التجارية في هذا السوق كانوا أثناء اندلاع الحريق منشغلين بتتبع أطوار مباراة «ريال مدريد» و»برشلونة» في المقاهي المجاورة، وهو ما ساهم بشكل كبير، إلى جانب الألطاف الإلهية، في عدم وقوع خسائر في الأرواح البشرية. ولم تستبعد العديد من الجهات فرضية العمل الإجرامي وراء هذا الحريق، لاسيما أنه سبق لتجار السوق نفسه أن حرروا شكاية ضد مجهول، بعدما اكتشفوا وجود مخطط تخريبي يستهدف إضرام النار في محلاتهم. واهتز مكان الحادث على وقع سلسلة من الانفجارات المدوية تسببت فيها أكثر من 25 قنينة غاز البوتان، وهو ما جعل حالة من الذعر والهلع تخيم على الأحياء المجاورة لهذا السوق الصفيحي، الذي شيّدته السلطات في عهد يوسف السعيدي، الباشا السابق للمدينة، والكاتب العام الحالي لولاية جهة الغرب الشراردة بني احسن، بعيدا عن أعين عاهل البلاد خلال زيارته الأخيرة للقنيطرة، كحل ترقيعي، بعدما كان يتواجد قريبا من الطريق التي كان الملك سيمر منها، وهو الفعل الذي أدانته، في حينه، العديد من فعاليات المجتمع المدني، التي قرر بعضها، وفق تصريحات خالد إزوار، الكاتب العام للاتحاد الجهوي للجمعيات التنموية والنائب الأول لرئيس مجلس دار الشباب، تخصيص منحة هذه السنة كدعم للتجار المتضررين. وقد غطت سحب دخان كثيف أجواء المنطقة واستمر ذلك لساعات، وقال مواطنون إنهم شاهدوا أعمدة الدخان تعلو في السماء، أعقبها وميض شديد الإضاءة، من مواقع تبعد عن مكان الحريق بأزيد من 5 كيلومترات، مما دفع أعدادا كبيرة منهم إلى التقاطر إلى مصدر تصاعدها، لتقصّي ما حدث، وهو ما أربك كثيرا حركة السير في جل الطرق المؤدية إلى مكان الحريق، الذي هرع إليه كبار مسؤولي المدينة، بينهم أحمد الموساوي، والي الجهة، وفؤاد بلحضري، والي أمن القنيطرة. وقلل تدخل فرق الإطفاء، التابعة للقيادة الجهوية للوقاية المدنية في حينه، ومخاطرة عناصرها بحياتها، من حجم الخسائر المادية، بعدما تمكن رجال الإطفاء من السيطرة على الحريق ومن الحيلولة دون انتقاله إلى أجزاء أخرى من هذا السوق العشوائي، الذي يتواجد في منطقة حساسة لم تُعرْها السلطات أدنى اهتمام، حيث تضم العديد من العمارات وإعدادية وكذا عددا من الثكنات العسكرية والسجن المدني المحلي، وهي المؤسسات التي أُعلنت فيها حالة استنفار قصوى إلى غاية إخماد الحريق.