عبر صفحات على «فايسبوك» وأشرطة على «يوتوب».. قاد مجموعة من رجال الأمن والوقاية المدنية والقوات المساعدة ورجال السلطة «ثورة» حقيقية من أجل «إسماع» صوت أشخاص يعملون في قطاعات لا يسمح لهم فيها لا بالعمل النقابي ولا بالعمل السياسي... بأسماء حركية مستعارة، يناقش هؤلاء الشباب مشاكلهم ويتفاعلون مع حركتهم النضالية. يشتغلون في قطاعات حساسة، بذلك برر حرمانهم من حقهم في العمل النقابي والسياسي، إنهم رجال الوقاية المدنية والقوات المساعدة ورجال السلطة والشرطة، لكنْ كيف يمكنهم أن يدافعوا عن حقوقهم، أم إن حقوقهم مكفولة ولا يحتاجون إلى نقابة تدافع عنها؟ الجواب، كما جاء على لسان بعضهم، كان هو «الحكرة»: «إننا نعيش مأساة حقيقية». إن هذه الشريحة مجبرة على «الولاء» لرؤسائها، مع ضرورة الحفاظ على هيبة الدولة، لكنْ ليس كل ما يلمع ذهبا، كما يقال. فهذا الاحساس ب«الحكرة»، كما قال أحد رجال القوات المساعدة ل«المساء»، دفعهم إلى تأسيس نقابة، حتى ولو كانت افتراضية، على الموقع الاجتماعي «فيسبوك»، الذي كان مهد الثورات العربية، فهذه الأخيرة كانت شرارة أشعلت فتيل احتجاجات هذه الفئة: «تعود الفكرة، بالأساس، إلى الثورات في البلاد العربية وإلى معاناتنا»، يقول مؤسس صفحة «ثورة منتدى الوقاية المدنية»، ل«المساء»، قبل أن يردف: «لو كنا نتوفر على نقابة لما لجأنا إلى فيسبوك»، الذي يعتبر فرصة للدفاع عن «حقوق مشروعة» على أرض الواقع يمنعها القانون الأساسي للوقاية المدنية، بالإضافة إلى الخوف من المجالس التأديبية أو حتى من فقدان مصدر رزق لإعالة أسرة. وقد ساعد تمكن هذا الجيل من شباب هذه القطاعات من التكنولوجيات الحديثة على تحرير هذه الصفحات، ل«التمرد» على الأوضاع المرزية التي يعيشونها، فمن صفحة «ثورة منتدى الوقاية المدنية» إلى «ثورة القوات المساعدة» إلى «القايد» الذي ينشر «غسيل» وزارة الداخلية على «فيسبوك»، يثور شباب من القوات العمومية على أوضاع لم يعودوا يطيقونها، بسبب ضنك العيش وقسوة ظروف حياة هذه الشريحة. «أنقذنا أو نهلك» بعد عقود من السلبية والقبول بأوضاع فرضتها طبيعة الوظيفة، أصبح رجال المطافئ في المغرب اليوم يستخدمون «فيسبوك» من أجل خدمة مصالحهم واستطاعوا، من خلاله، كسر جدار الخوف، فحاليا «يثور» الإطفائيون بفضل «فايسبوك» ويحاولون فضح ظروف عملهم «المزرية» ويتحدثون، عبر صفحتهم، عن الفساد على أعلى مستوى، موضحين كيف أن ملابس التدخل تُشترَى من مصانع بعينها».. كما طالبنا المجلس الأعلى للحسابات بإجراء افتحاص داخلي وخارجي من أجل مراجعة مصاريف إدارة الوقاية المدنية وجمعية الأعمال الاجتماعية»، يقول أحد الإطفائين ل«المساء» (اختار لنفسه اسم الإطفائي أمين). وقد قرر رجال المطافئ، الذين اعتمدوا «فيسبوك» للدفاع عن حقوقهم نقل احتجاجاتهم من الواقع الافتراضي إلى أرض الواقع، فاختاروا يوم 20 أبريل للتعبير عن غضبهم، من خلال تنظيم تجمع فرقتي الحراسة في ساحات الثكنات، على الساعة الثانية زوالا، على أن تقوم فرقة المناوبة بالاستجابة لجميع نداءات الاستغاثة، في حين ستقوم عائلات موظفي الهيأة بوقفة أمام القيادات الجهوية والمديرية العامة يوم 20 أبريل «حنا ولّا هما... ما عْندنا ما نخسرو اكثر من هاذ الشي»، يقول أحد أعضاء المجموعة. ولم يجد إطفائيو المغرب غير موقع الأمريكي مارك زيكبورغ ل«يطفئ» لهيب معاناتهم، فمن الموقع الاجتماعي «فيسبوك» بعثوا رسالة مفتوحة إلى الملك محمد السادس يطالبونه فيها بإنصافهم وقالوا إنهم يتعرضون ل»أبشع الضغوط النفسية من طرف رؤساء المصالح الخارجية»، وهذا راجع إلى عدم وجود قانون داخلي يحدد حقوقهم وواجباتهم، وقالوا فيها لعاهل البلاد: «انقذنا أو نهلك»... وطالبوا، في رسالتهم المفتوحة إلى ملك البلاد، بوضع قانون داخلي يوضح حقوق وواجبات الوقاية المدنية وتعويضهم عن ساعات العمل الإضافية، مع تقليص ساعات العمل، لأنهم يشتغلون 84 ساعة أسبوعيا، أي حوالي 4360 ساعة سنويا. «هيأة الوقاية المدنية تعاني من العشوائية ومن انعدام النظام ومن غياب قانون رسمي»، يقول أحد رجال المطافئ، في تصريح ل«المساء»، قبل أن يضيف: «المهم إدارة الوقاية المدنية... لا تسيير ولا مسيرين. كل شيء بالفاتحة»... «فيسبوك» لمواجهة «الحكرة» ليس رجال الوقاية المدنية وحدهم من طرقوا باب أعلى سلطة في البلاد، فرجال القوات المساعدة بعثوا، بدورهم، برسالة إلى الملك يطالبون فيها بترقية الجنود وبالرفع من راتبهم إلى 3500 درهم، عوض 2200 درهم، التي لا تكفي لشخص واحد أمام غلاء المعيشة، وكذا بالتعويض عن الساعات الليلية، شأنهم شأن الشرطة والوقاية المدنية: «شْكونْ اللّي تقدر تتزوج مخرني؟» يتساءل أحد رجال القوات المساعدة، اختار لنفسه على «فايسبوك» لقب «الجندي المتمرد». وأردف قائلا: «حتى ولو قبلت الزواج به، فإنه لن يستطيع التكفل بها». لم يعد «الجندي المتمرد» يتحمل ظروف العمل في القوات المساعدة «راه صابْرين غيرْ على الوالدينْ»، يقول هذا «المخزني»، الذي التحق بصفوف العمل في القوات المساعدة سنة 2007. عبر صفحات على «فايسبوك» وأشرطة على «يوتوب».. قاد مجموعة من رجال الأمن والوقاية المدنية والقوات المساعدة ورجال السلطة «ثورة» حقيقية من أجل «إسماع» صوت أشخاص يعملون في قطاع لا يسمح لهم لا بالعمل النقابي ولا بالعمل السياسي... بأسماء حركية مستعارة، يناقش هؤلاء الشباب مشاكلهم ويتفاعلون مع حركتهم النضالية. أسماء مستعارة من أجل حمايتهم: «الثقة ما كيناشْ.. يْقدرو يْكونو من أتباع المسؤولين»، يقول أحد رجال القوات المساعدة. قام «الجندي المتمرد» بتغيير اسمه الحركي السابق بعدما ترددت إشاعات عن كون هويته أصبحت معروفة لدى الجهات المسؤولة. ويطالب أفراد القوات المساعدة، أيضا، بتوفير سكن لائق ورفع راتب ضباط الصف إلى 5000 درهم وبإعادة صياغة قانون جديد خاص بهذه الفئة من القوات العمومية. القوات المساعدة المغربية هي قوة شبه عسكرية تستعين بها الشرطة، الدرك والجيش عند الحاجة، لكن هذه القوة، التي لها صبغة عسكرية، تابعة لوزارة الداخلية، وقد تعتبر فرعا من القوات المسلحة الملكية، وتتلخص مهمتها في حفظ النظام والأمن وفي حراسة الحدود وإعانة إطفائيي الغابة.
حجّار ارحل... تطالب عناصر القوات المساعدة بإعفاء هذا الجهاز الأمني من الضباط الممتازين وإلحاقهم بالجيش، لأنهم دون عمل يذكر في القوات المساعدة، وبإقالة الجنرال حدو حجار من مهامه، وفورا، ل»جرائمه المادية والمعنوية، التي لا تعد ولا تحصى، في حق عناصر القوات المساعدة»، تقول الرسالة التي وُجِّهت لعاهل البلاد. ومن «فيسبوك» إلى «يوتوب»، وهذه المرة عبر فيديو ينقل، من خلال شهادات بعض رجال القوات المساعدة، معاناة مجنديها تحت عنوان «القوات المساعدة تعاني». وقد وضع هذا المقطع بتاريخ 11 أبريل 2011 ويتضمن رسالة صوتية مسجلة موجَّهة للملك من أجل وضع حد لمعاناتهم وبغية إعفاء الجنرال حدو حجار من مهامه. وضع «لمخازنية» شريطا آخر في نفس اليوم، يحمل اسم «ثورة القوات المساعدة»، يتحدث عن التجاوزات التي تقع في منطقة «أولوز». وقد جاء في الفيديو، الذي هو عبارة عن رسالة وصور مرفوقة بموسيقى صامتة، أن هذا المسوؤل، ومنذ توليه منصبه، لم يكن همه الوحيد سوى جمع المال، وقال أصحاب الرسالة إن مدير مركز التدريب في منطقة «أولوز»، الذي وصفوه ب«أحد أكبر رموز الفساد في صفوف القوات المساعدة»، قام بمنع تعويضات شهرية كانت تُصرَف لضباط الصف الجنود في المركز، «وبطبيعة الحال، لا أحد يستطيع أن يتكلم»، مشيرين إلى أنه دخل في مشادة كلامية وخطيرة مع طبيب المركز، حين قام هذا الأخير بفحص مطابخ المركز ووجد أن الأكل في أسوأ حالاته، إذ لا تتعدى الوجبات «العدس واللوبيا»... هكذا تحدث الفيديو عن أكلهم، رغم أن مفتشية القوات المساعدة قد منحت الجنود تعويضات يومية للأكل، بقيمة 30 درهما، وتعويضات بقيمة 40 درهما لضباط الصف. ولكون المتزوجين لا يستطيعون تناول الوجبات الغذائية في المركز، لأنهم يسكنون في الحي الإداري، كما جاء في الشريط، فإن المستفيد الوحيد يبقى هو المسؤول، حيث يرسل بيانات شهرية موقعة من طرفه تؤكد أن جميع العاملين قد استفادوا من وجباتهم الغذائية، حيث يضع توقيعات مزورة لهم، مما يمنحه شهريا 200 مليون سنتيم»... وكانت مفتشية القوات المساعدة، كما أشاروا إلى ذلك، قد أرسلت وثيقة تأمره بالإفصاح عن ممتلكاته، فأجاب بأنه لا يملك شيئا، «في حين أنه يملك أراضي فلاحية في مدينة ميسور و3 حمامات وفيلا في مدينة مريرت وأخرى في مدينة مكناس»، على حد قول أصحاب الرسالة، الذين دعَوْا المفتشية إلى فتح تحقيق وإلى محاكمة من وصفوه ب«الطاغية وأتباعه»... من رجال السلطة إلى وزير الداخلية في وزارة الداخلية، تم إعلان حالة «الطوارئ» وسط أقسامها، بسبب قائد «تجرّأ» على «نشر غسيل» وزارة الطيب الشرقاوي، خاصة في ما يخص الترقيات. سيخلق وجود صفحة «القايد العلوي» على «فايسبوك» ضغطا قويا على رجال السلطة وعلى مطالبهم، الأمر سيضطر وزارة من وزارات السيادة إلى التراجع فعلا عن الترقيات السابقة، كما جاء في رسالة رجال السلطة إلى وزير الداخلية، لأن الترقيات كانت السبب الرئيس وراء إنشاء الصفحة من أجل «فضح الخروقات» التي عرفتها هذه الترقيات. ليتم الإعلان عن استفادة جميع رجال السلطة منها، منتشيين بالنصر الذي حققوه من خلال «نقابة فيسبوك»، التي بعثوا عبرها رسالة إلى وزير الداخلية من أجل «رفع الحيف والظلم» اللذين عانوا منها منذ الاستقلال إلى الآن». فطالبوا بإعفاء المدير العام للإدارة الداخلية وبإعفاء مدير مديرية الولاة، مع إعفاء جميع الولاة والعمال الملحقين بالوزارة، الذين بلغوا سن التقاعد من «مهامهم»، مع فتح المجال لرجال السلطة «الأكفاء» من حمَلة الدكتوراه والشواهد العليا ومن ذوي التجربة الميدانية، لإعطاء نفَس جديد للإدارة المركزية وللتخلص من «النماذج الفاسدة ذات الماضي السيئ»... كما طالب أعضاء «نقابة فيسبوك»، أيضا، في الرسالة التي وجهوها لوزير الداخلية، بتفعيل مقتضيات القانون الأساسي لرجال السلطة، «باعتباره في صالحنا وليس سيفا مسلطا على رقابنا، بعد أن قبلنا الاندماج»، وفق ما صرح مدير شؤون الولاة» كما جاء في نص الرسالة، وخاصة في ما يتعلق بالتعيين وبالترقية حسب الأقدمية وليس «حسب المحسوبية»، يصر كاتبو الرسالة، وبالاستناد إلى الفصل ال18، الذي يجب إعماله لتصحيح الخطأ الفادح الذي ارتكبته لجنة الإدماج، قصد تسوية وضعية كل رجال السلطة، الذين «ضاعوا» في أقدميتهم، وبالتالي ضاعوا في درجة على الأقل، فمن كان يجب أن يكون «باشا ممتاز» أدمجوه ك«قائد» أو ك«قائد ممتاز» أو «باشا»، وهم قلة، و«هذا الحل القانوني بين أيديكم لإرجاع الأمور إلى نصابها»، يقول أصحاب الرسالة.
رجال شرطة يعلنون الحرب على الفساد ستصل موجة الاحتجاجات التي انطلقت من «فايسبوك» و«يوتوب» إلى رجال الشرقي الضريس، فقد اختار رجال أمن شباب التكنولوجيات الحديثة من أجل إيصال مطالبهم إلى الجهات الرسمية. وستخصص الصفحة ل«فضح» ممارسات الفساد، خاصة مع إمكانية ذكر أسماء المتورطين وتقديم الأدلة الواضحة على ذلك، من أجل «تحريك المتابعات القضائية وفسح المجال لفتح تحقيقات وإيفاد لجن تقصي الحقائق حول الوارد في هذه الصفحة»، كما جاء في تقديمها. وإلى جانب فضح الفساد، الذي يستشري في هذا الجهاز، التابع لوزارة الداخلية، تسلط الصفحة، التي اختار لها منشؤوها اسم «المدير العام للأمن الوطني الشرقي الضريس»، معاناة البوليس المهنية والشخصية والتعريف بالمصاعب والاكراهات التي تحول بينهم كرجال أمن وبين أداء مهامهم الأمنية الشريفة. وليست صفحة الشرطة المغربية، كما أراد لها مؤسسوها، حكرا على رجال الأمن وحدهم، بل هي مفتوحة أمام عموم الشعب المغربي من أجل المساهمة فيها وفي تفعيل أهدافها: «نخبر قراء ومتصفحي هذه الصفحة الأعزاء أننا نتوقع وننتظر أن نكون موضوع مطاردات وتعقبات أجهزة الشعبة المعلوماتية وجرائم الأنترنت التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني على خطوط هذا العالم الافتراضي، وهذا ما سيحول بيننا، كلجنة مسيرة، وبين إمكانية التحيين اليومي لمواد وإضافات هذه الصفحة. كما أن هذا الوضع سينعكس كذلك على تأخر ردودنا، كلجنة مسيرة، على تعاليق وإضافات زوار الصفحة»، يقول مؤسسو الصفحة.