حلت ببلدية المهدية، الأسبوع المنصرم، لجنة مكونة من قضاة المجلس الأعلى للحسابات لاستكمال التحقيق في مجموعة من الملفات ذات الصلة بالتدبير الجماعي للشأن العام المحلي، والتي كانت محط جدل واسع بين الأغلبية والمعارضة. وكشفت مصادر مطلعة أن القضاة التقوا برؤساء عدد من مصالح البلدية، وقاموا بافتحاص وثائق تتعلق بالممتلكات الجماعية، ثم زاروا العديد من المواقع. وذكرت المصادر نفسها أن اللجنة عاينت مصلحة العتاد ودققت في الفواتير الخاصة ببعض المشتريات، مضيفة أن عناصر الداخلية لاحظت تضخيم أثمنة العديد من الأجهزة، واشتغال موظفي أقسام الجماعة بوسائل تقليدية، رغم أن المجلس خصص اعتمادات مالية مهمة لاقتناء أجهزة معلوماتية. واستنادا إلى معلومات توصلت بها «المساء»، فإن قضاة المجلس انتقلوا أيضا إلى المصلحة التقنية واستفسروا رئيسها عن الكيفية التي تعاملت بها البلدية مع الزيادات التي عرفتها البنايات العشوائية في المنطقة، سيما أن المئات منها تنامى في ظرف جد قياسي، خاصة في ظل غياب تصور مستقبلي متكامل للتأهيل الحضري وتنمية المشاريع المدرة للدخل في الجماعة. ولم تستبعد المصادر، وفق المعطيات ذاتها، وقوف اللجنة على اختلالات ملحوظة في مصلحة الموظفين، مشيرة إلى أن زيارة مراقبي الإدارة الترابية للبلدية صادفت غياب عدد لا يستهان به من الموظفين، بعضهم، حسب المصادر نفسها، تم دمجه في سوق الشغل بطرق مشبوهة اعتمدت معيار القرابة والزبونية والمحسوبية، حيث تعالت العديد من الأصوات في هذا الإطار مطالبة بفتح تحقيق نزيه في جملة من هذه التوظيفات، التي من المنتظر أن تكشف تورط منتخبين ومسؤولين في جرائم استغلال السلطة والنفوذ، على حد تعبيرها. وكانت مجموعة من فعاليات المجتمع المدني بالمهدية سبق أن راسلت العديد من الجهات المسؤولة، وطالبت بالتقصي في مجموعة من الملفات، بينها ملف البناء العشوائي الذي تشوبه تلاعبات وتجاوزات وصفت بالخطيرة، تم السكوت عنها بتواطؤ مكشوف من طرف السلطات المحلية والولائية. بالمقابل، نفى الاستقلالي خليل يحياوين، رئيس جماعة المهدية، في تصريح سابق ل«المساء»، جملة وتفصيلا وجود اختلالات في تسيير البلدية، واعتبر كل الاتهامات مجرد ادعاءات لا أساس لها من الصحة، بما فيها قضية الموظفين الأشباح، وقال إن هاجس الأغلبية المسيرة لشؤون الجماعة هو البحث عن موارد إضافية لتنمية المداخيل، التي تعتمد أساسا على سوق السمك وشركة جرف الرمال ومواقف السيارات والمسبح البلدي وبعض الأكرية الضعيفة، سيما، يضيف الرئيس، أن الميزانية السنوية للجماعة لا تتجاوز مليارا و200 مليون سنتيم، 900 مليون منها تصرف كأجور للموظفين، و100 مليون لشركة توزيع الماء والكهرباء، وهو ما يعيق كثيرا عمل المجلس لخلق المشاريع التنموية المسطرة، حسب قوله.