في المناسبات الكبرى، يُظهر المغاربة أنهم مستعدون، دوماً، للعطاء، وبلا حدود، يكفي فقط أن تتوفر النوايا الحسنةُ لدى فاعلين يقترحون المبادرات ويضعون البرامج ويرسمون الخطط الكفيلةَ بالسير، قُدماً، بمَرْكب هذا المغرب المتضامن... في حلقة يوم الاثنين، 11 أبريل الجاري، من برنامج «بصراحة»، الذي يقدمه أديب السليكي على أثير «راديو بْليسْ»، أُعلِن عن إطلاق المنبر المذكور، رفقة «مؤسسة الجنوب للتنمية والتضامن» وجمعية «الأيادي البيضاء»، عن «قافلة الإعذار الكبرى في المغرب».. وفي الفترة الممتدة من التاريخ المذكور إلى يوم الجمعة، 15 أبريل، بدأت تنهال المساعدات والتبرّعات من كل حدب وصوب، بين من يتكفل بطفل واحد أو بطفلين إلى من يأخذ على عاتقه مسؤولية إدخال البهجة إلى قلب 10 أو 20 أو حتى 100 من الأطفال المغاربة المعوزين ممن ليس بمقدوركم تحمل نفقات ختان فلذات أكبادهم، بل إن ابن أحد أثرياء منطقة سوس وعد بالتكفل لوحده بألف (1000) طفل من المستفيدين المفترَضين من هذه القافلة، التي اختير لها شعار «فرحتنا في صحة أطفالنا»... وقد كانت خمسة أيام كافية لكي يُبين المغاربة عن كرم منقطع النظير وصل بالبعض مستويات من الإيثار عرفت أبلغَ تمثلاتها في «حالات» لمغاربة بسطاء، إنما أقحاح وحقيقيين، قدّموا نماذجَ لِما يمكن أن يصل إليه أبناء المغرب من درجات التكافل والإيثار، «ولو كان بهم خصاصة»، كمثال سيدة سوسية أصيلة قصدت مقر الإذاعة حاملة معها حزاماً (مْضمّة) من الفضة كانت قد تلقّتْه كهدية من أمها وأعربت عن رغبتها في التخلّي عنه كي تساهم بمبلغه.. كما أن مستمعا من الدارالبيضاء، متوسط الدخل، تبرَّع بمجموع ما كان يدخره ل«دْْوايرْ الزمانْ» (20000 درهم) لختان 100 طفل، والمفاجأة أن ابنه -ويبلغ من العمر سنتين- ما زال بدون ختان، وفسّر ذلك بقوله، وهو يجهش بالبكاء: «وْليداتْ المغرب قبل وْلدي أنا.. باغي الأجْر مع سيدي رْبّي»... كما رسمت سيدة مغربية أخرى صورة رائعة عن المرأة المغربية وهي تتنازل عن 5000 درهم من مبلغ كانت قد خصصتْه لإجراء عملية جراحية، موثرة سعادةَ أبناء الآخرين على سعادتها الشخصية وعلى صحتها... في ظرف خمسة أيام، إذن، نجح تضامن المغاربة ووقوفهم وقفة رجل واحد في توفير المبلغ الكفيل بأن «يختن» أزيد من 3000 طفل، بزيادة أكثر من 1000 طفل عن العدد المعلَن عنه ضمن نداء القافلة الأول (2000)، حيث تم الحديث عن حوالي 60 مليون سنتيم سيتم دفعها في الحساب البنكي الخاص ب»مؤسسة الجنوب للتنمية والتضامن». وقد أفلح المغاربة، بذلك، في رسم صورة من أحلى صور التكافل التي ازدادت جمالا باستقبال تبرعات من مغاربة مقيمين في مختلف دول المعمور (فرنسا -إسبانيا -الولاياتالمتحدةالأمريكية -ألمانيا -السعودية -بلجيكا وهولندا) أخذوا على عاتقهم مسؤولية ختان بعض أبناء فقراء المغرب، بكل ما تعنيه «خْتانة» في العرف المغربي من ملابس جديدة لائقة ب»الحدث» و»رْكوبْ العاودْ» ولُعَب و»قشيوشاتْ» كفيلة بأن تنسيَّ الأطفال الصغار مرارة «المقص»، إلى جانب حضور عدد من الفرق الموسيقية والفلكلوية لصناعة أجواء ختان مغربي، كما يعرفها الجميع... وقد تمت تعبئة فريق مكون من 30 إطارا، بين أطباء وممرضين وصيادلة، سيسهرون على أن تمر عملية الختان في أحسن الظروف، حيث سيستعينون بأحدث الوسائل والمعدات الطبية (الليزر). كما أقدمت مجموعة من المصحات الخاصة في أكادير والنواحي خطوة مواطِنة تتمثل في نيتها إعذار ما بين 10 إلى 20 طفلا من أبناء الأسر الأكثر فقرا بالمجان.