سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هشام المنظري.. «الأمير» المزور الذي ذهب ضحية ارتباطاته بالمافيا العالمية الحسين المانوزي.. اختطف من تونس داخل صندوق سيارة واختفى في معتقل السري بالرباط
في تاريخ المغرب المعاصر، ارتبطت العديد من الوفيات بما عرف بالاختطافات التي عُرِفت في عهد الحماية واستمرت في السنوات الأولى التي تلت الاستقلال وتورطت فيها بعض الأسماء المرتبطة بالنظام، في الوقت الذي تم تبادل الاتهامات بين العديد من الحركات والأحزاب الوطنية حول المسؤولية عن مختلف الاختطافات والاعتقالات، التي ظلت، إلى وقت قريب، «لغزا» من ألغاز السياسة في المغرب. في المغرب العديد من الحالات المعروفة للاغتيالات والوفيات وأخرى لم تعرف تشخيصا حقيقيا وحالات يحوم حولها الجدل. في هذا الإطار، تبرز حالات ما زالت تتردد إلى وقت قريب، من بينها حالة المهدي بنبركة، الحسين المانوزي و«مول السباط»... المانوزي.. غموض حول اعتقاله وقتله التمس عبد الكريم المانوزي، شقيق المختطف الحسين المانوزي، بفتح المعتقل السري المعروف ب»النقطة الثالثة» (PF3) الموجود في «بئر الرامي» في طريق «زعير» في الرباط، في وجه الجمعيات الحقوقية وعائلات الضحايا، لتبيان حقيقة ما حدث في «حالة» أخيه الحسين. وذكر المانوزي، في تصريح سابق ل«المساء»، أن «فتح معتقل النقطة الثالثة (PF3)، الذي اشتهر بعد أن استطاع بعض المختطفين، ومن ضمنهم حسين المانوزي والعقيد محمد اعبابو، الفرار منه، يوم 12 يوليوز 1975، وكسر جدار الصمت حوله ودخوله من شأنه أن يسهم في الكشف عن «الأسرار» الكبيرة التي يخفيها، والتي تتعلق بالاختفاء القسري لعشرات الحالات». وطالب عبد الكريم المانوزي، عضو لجنة التنسيق لعائلات المختطفين مجهولي المصير وضحايا الاختفاء القسري، بإجلاء الحقيقة كاملة حول مصير الحسين المانوزي، الذي اختُطِف سنة 1972 في تونس ورُحِّل، برا، إلى المغرب، وكذا بتحديد المسؤوليات ومتابعة المسؤولين عن ذلك، مشيرا إلى أنه رغم محاولة «إقبار» الحقيقة ومقاومة الأجهزة الضالعة في اختطافه «ستبقى العائلة صامدة ولن تساوَم بالتعويض»... وتابع أخ المانوزي، قائلا في تصريحاته السابقة ل»المساء»: «لقد قيل لنا إن الحسين سُلِّم في ما بعد إلى أجهزة مختصة، لكنْ ألا تعرف الدولة من تكون هذه الأجهزة؟ نحن نعرف أن الدرك الملكي لعب دورا في هذا الملف وكذلك الدليمي وإدريس البصري والعامل بنشمسي آنذاك، وهو ما تؤكده شهادة بوريكات»، وزاد موضحا: «سواء تعلق الأمر بهذا الجهاز أو بأجهزة أخرى، فإن أيا منها لم تتعاون، مع العلم أننا زودنا هيأة الإنصاف والمصالحة بمجموعة من أسماء المسؤولين الذين علمنا أنهم تورطوا في اعتقال وتعذيب الحسين المانوزي، وفي مقدمتهم حسين جميل، الكولونيل كرواني بلمنصور، إدريس عضمون، «منسق» العملية، الذي توفي، لكن المشكلة أنه لم يتمَّ استدعاؤهم من أجل الاستماع إلى أي منهم، كإجراء للكشف عن الحقيقة». حادث 16 ماي و«لغز» وفاة «مول السباط»... اهتز المغرب، في ال16 من ماي لسنة 2003، على وقع عمليات إرهابية ضربت العديد من مناطق الدارالبيضاء وخلّفت عشرات الضحايا. وقد شنّت السلطات حملة من الاعتقالات التي أدت إلى محاكمة المئات بتهمة المشاركة أو التخطيط لهذه الأعمال الإرهابية. وبصرف النظر عن مناقشة توفر أو غياب الضمانات القانونية للمحاكمة العادلة للمعتقلين، فقد رافقت مرحلةَ التحقيق وما بعدها حالات وفاة وصفها العديد من المتبعين للملف بكونها تندرج ضمن «الوفيات الغامضة»، ولعل أبرزها وفاة بناصر، المعروف ب«مول السباط». حسب الرواية الرسمية، تم توجيه أصابع الاتهام ل«مول السباط»، الذي تم اتهامه بالتخطيط وبإعطاء الأمر بتنفيذ الأعمال الإرهابية التي هزت مدينة الدارالبيضاء. وقد بدأ «مسلسل» البحث عنه إلى أن أُعلِن في 25 ماي من السنة ذاتها عن تطويق بيت «مول السباط» في مدينة فاس واعتقاله، قبل أن يُعلَن عن وفاة المتهم، وصدر تقرير رسمي عن وفاته يفيد أن «وفاته» كانت «عادية». وحسب تصريح سابق للوكيل العام للملك، فإن الحالة الصحية ل«مول السباط» لم تسعف المحققين في استكمال عناصر البحث معه، فلفظ أنفاسه قبل عرضه على مستشفى في الدارالبيضاء. وأكد الوكيل العام أنه «بعد إجراء تشريح طبي على جثة الهالك على يد لجنة من الأطباء الشرعيين، تبيَّن من خلال نتائجه أن وفاة الشخص المذكور كانت وفاة «طبيعية»، ناتجة عن مرض مزمن متقدم في صمامات القلب مع تشنج في العضلة القلبية وكذا عن انتفاخ مزمن في كبد المتوفى». وبعيدا عن الرواية الرسمية، شككت عائلة الراحل في هذه الرواية، مشددة على أن حالته كانت عادية ولم يكن يعاني من أي أعراض مرَضية، والأكثر من ذلك أن والدته كانت قد صرحت، حينها، لجريدة «الشرق الأوسط» بأن ابنها كان يمارس الرياضة باستمرار. وسارت المنظمة المغربية لحقوق الإنسان في الاتجاه ذاته، حينما طالبت بإجراء تشريح مضاد لجثة عبد الحق، المعروف ب«مول الصباط»، وأبدت استغرابها وفاة هذا الشخص أثناء التحقيق معه من طرف الضابطة القضائية. وأكدت المنظمة، حينها، أنه كان من المفترَض إحالة الهالك على المستشفى بمجرد علم سلطات البحث ب«مرضه» وألا تشرع في التحقيق معه إلا بعد استشارة الطبيب المعالج.. ومع فتح النقاش حول الانتهاكات وتأكيد الخطاب الملكي على التنصيص على حقوق الإنسان في الدستور وتشكيل المجلس الوطني لحقوق الإنسان، يُنتظَر أن يأخذ الملف مسارا آخر مع الدعوة إلى إعادة تشريح جثة «مول السباط». «انتحار» أم «قتل» زوجة محمد العمري في ارتباط بالأحداث الإرهابية التي ضربت العاصمة الاقتصادية للمغرب، اتُّهِم محمد العمري بالتخطيط للعمليات الإجرامية ل16 ماي وأدين في الملف، بعدما اعتبر أنه الخيط الرابط والمنسق المهم للمجموعات الإرهابية، ونشرت تقارير عن «الاعترافات» أكد فيها صديقه -حسب الرواية الرسمية- أنه هو الذي أشرف على تحضير المتفجرات بطريقة يدوية، قبل أن يشرف على عملية توجيه الأعمال الإجرامية، التي عرفتها الدارالبيضاء، إلا أن التقارير تؤكد أنه تراجع عن العملية التي كُلِّف بها، في آخر لحظة. وبصرف النظر عن الدخول في حيثيات الاعتقال والحكم، أُعلِن، بعد مدة قصيرة، عن «انتحار» زوجة المتهم محمد العمري، وسط أحاديث وإشاعات حول عملية أسرار غير عادية في عملية الوفاة تتجه نحو اتهام جهات في عملية «الاغتيال»، دون أن تتأكد هذه الفرضية. هشام المنظري و«لمسة» المخابرات الدولية تشكل وفاة هشام المنظري «لغزا» محيرا في المغرب وإسبانيا، إذ أُعلِن في 3 غشت من سنة 2004 عن اكتشاف جثة المنظري وسط بِركة من الدماء، بعدما أصابته رصاصة في الرأس. وقد أثارت وفاته العديد من الأسئلة والألغاز المحيرة ووجهت أصابع الاتهام لجهاز استخباراتي دون أن تؤكد أي تقارير الجهة التي تقف وراء هذه «الحادثة». وخصصت جريدة «الشرق الأوسط» تقريرا مفصلا عن وفاة هشام المنظري (عدد 6 شتنبر 2004) تحدثت عن فرضيات الوفاة، أولها السلطات المغربية، التي اعتبرت أن هذه الشبهة أو الشك ظهر ما يفنده، فقد سارع المغرب إلى الإخبار عن الحادث فور وقوعه، وطلب من السلطات الاسبانية إجراء تحقيق لكشف الحقيقة حوله. كما أن سفر والدة الهالك إلى إسبانيا يبعد كل شبهة عن المغرب، إضافة إلى كون الرباط من المستحيل أن تضحّي بدفء علاقاتها مع مدريد، خاصة مع الحكومة الاشتراكية بقيادة لويس رودريغير ثباثيرو، من أجل رجل حكم على نفسه، مسبقا، ب«نهاية مأساوية» بعد أن «اختار طريق «المافيا» والنصب والاحتيال ولعبة المخابرات أيضا». وأوردت الجريدة المذكورة تصورا آخر ل«وفاة» المنظري يتلخص في وقوف المافيا وراء قتله، عبر شبكاتها وفروعها الأوربية والعربية والأمريكية. وفي هذا السياق، يقال إن مستشارين قانونيين للمنظري تربطهم خيوط بعناصر «المافيا»، إضافة إلى أن القتيل لديه ثروة هائلة تقدر، طبقا لروايات متطابقة، بحوالي 350 مليون دولار، عدا المجوهرات التي سرقها من القصر الملكي المغربي، والمودعة حاليا في خزائن بنوك أجنبية، ناهيك عن تورطه في عمليات تزوير عملة حُشِر فيها اسم مملكة البحرين، و«هي ثروة حقيقية أو متوهمة تُسيل، في كل الأحوال، لعاب المقامرين وعناصر الجريمة المنظمة»، يقول التقرير السالف الذكر. وأورد التقرير إمكانية تورط اسبانياوفرنسا، «الأولى سربت لصحافة بلادها أن المنظري ليس بالصورة المتوهمة عنه، بل إن مخابراتها نصحت محاميته، الاشتراكية كريستينا ألميدا، بالابتعاد عنه وبعدم التحمس لقضيته، ويجوز أن تكون إسبانيا قد غضت الطرف عن هذه القضية، لتريح نفسها من عناء مشاكل متوقّعة مع المغرب، لاسيما أن الهالك كان ينوي الإقامة في إسبانيا وامتلاك قناة تلفزيونية هناك، مما سيؤدي إلى إفساد علاقات مدريد مع الرباط. أما الاحتمال الأخير فهو فرنسا، التي تعرف عن المنظري أكثر من غيرها. فمخابراتها تتعاون مع نظيرتها المغربية، ويفترض أنها تبادلت معلومات عن المنظري، الذي كان يزعم أنه من نسل الملك الحسن الثاني ويحتفظ بأسرار ووثائق تورط شخصيات فرنسية مقربة من الرئيس الفرنسي جاك شيراك... لقد سجن المنظري في فرنسا بعد أن تسلمته قضائيا من الولاياتالمتحدة، التي اتهم فيها شخصية مهمة، هو نائب الرئيس الأمريكي السابق آل غور، بتلقي أموال ورشاوى، وقد ظل الأمن الفرنسي مقتفيا خطى المنظري إلى آخر لحظة، وهو الذي كشف حقيقة الجثة التي ظلت مرمية في مرآب إسباني للسيارات. وفي سياق الوفاة الغامضة لوفاة هشام المنظري، أوردت مجلة «لوجرنال» في أحد أعدادها رسالة توضح ارتباط المنظري بالمخابرات الجزائرية، مما يعني دخول «طرف آخر» على خط الفرضيات التي تقف وراء الاغتيال، دون أن تتأكد أو تنتفي أي فرضية. وتحدثت تقارير صحافية عن تعرض هشام المنظري في فرنسا لمحاولتي اغتيال، نجا منهما بفضل زجاج سيارته المضاد للرصاص.. وقال المنظري، حينها، إن مدبري المحاولتين ينتمون إلى جهاز المخابرات المغربية، في الوقت الذي نأت السلطات المغربية بنفسها آنذاك، حسب مصادر مقربة من الموضوع، بينما رأى البعض في ترديد فرضية «الاستهداف» محاولة لاختلاق هذه الإشاعات لتوجيه الأنظار إليه ك«مضطَهد سياسي» وملاحَق من النظام المغربي، خصوصا أنه -حسب بعض المعلومات- كان يحظى بحراسة أفراد من أكبر شركات الأمن الخاص في أوربا».