جدعون ليفي: نتنياهو وغالانت يمثلان أمام محاكمة الشعوب لأن العالم رأى مافعلوه في غزة ولم يكن بإمكانه الصمت    أحمد الشرعي مدافعا عن نتنياهو: قرار المحكمة الجنائية سابقة خطيرة وتد خل في سيادة دولة إسرائيل الديمقراطية    مؤامرات نظام تبون وشنقريحة... الشعب الجزائري الخاسر الأكبر    الاعلام الإيطالي يواكب بقوة قرار بنما تعليق علاقاتها مع البوليساريو: انتصار للدبلوماسية المغربية    الخطوط الملكية المغربية تستلم طائرتها العاشرة من طراز بوينغ 787-9 دريملاينر    مؤتمر الطب العام بطنجة: تعزيز دور الطبيب العام في إصلاح المنظومة الصحية بالمغرب    استقرار الدرهم أمام الأورو وتراجعه أمام الدولار مع تعزيز الاحتياطيات وضخ السيولة    السلطات البلجيكية ترحل عشرات المهاجرين إلى المغرب    الدفاع الحسني يهزم المحمدية برباعية    طنجة.. ندوة تناقش قضية الوحدة الترابية بعيون صحراوية    وفاة رجل أعمال بقطاع النسيج بطنجة في حادث مأساوي خلال رحلة صيد بإقليم شفشاون    أزمة ثقة أم قرار متسرع؟.. جدل حول تغيير حارس اتحاد طنجة ريان أزواغ    جماهري يكتب: الجزائر... تحتضن أعوانها في انفصال الريف المفصولين عن الريف.. ينتهي الاستعمار ولا تنتهي الخيانة    موتمر كوب29… المغرب يبصم على مشاركة متميزة    استفادة أزيد من 200 شخص من خدمات قافلة طبية متعددة التخصصات    حزب الله يطلق صواريخ ومسيّرات على إسرائيل وبوريل يدعو من لبنان لوقف النار    جرسيف.. الاستقلاليون يعقدون الدورة العادية للمجلس الإقليمي برئاسة عزيز هيلالي    ابن الريف وأستاذ العلاقات الدولية "الصديقي" يعلق حول محاولة الجزائر أكل الثوم بفم الريفيين    توقيف شاب بالخميسات بتهمة السكر العلني وتهديد حياة المواطنين    بعد عودته من معسكر "الأسود".. أنشيلوتي: إبراهيم دياز في حالة غير عادية    مقتل حاخام إسرائيلي في الإمارات.. تل أبيب تندد وتصف العملية ب"الإرهابية"    الكويت: تكريم معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية كأفضل جهة قرآنية بالعالم الإسلامي    هزة أرضية تضرب الحسيمة    ارتفاع حصيلة الحرب في قطاع غزة    مع تزايد قياسي في عدد السياح الروس.. فنادق أكادير وسوس ماسة تعلم موظفيها اللغة الروسية    شبكة مغربية موريتانية لمراكز الدراسات    المضامين الرئيسية لاتفاق "كوب 29"    ترامب الابن يشارك في تشكيل أكثر الحكومات الأمريكية إثارة للجدل    تنوع الألوان الموسيقية يزين ختام مهرجان "فيزا فور ميوزيك" بالرباط    خيي أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    الصحة العالمية: جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة    مواقف زياش من القضية الفلسطينية تثير الجدل في هولندا    بعد الساكنة.. المغرب يطلق الإحصاء الشامل للماشية    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد        نادي عمل بلقصيري يفك ارتباطه بالمدرب عثمان الذهبي بالتراضي    مدرب كريستال بالاس يكشف مستجدات الحالة الصحية لشادي رياض    الدكتور محمد نوفل عامر يحصل على الدكتوراه في القانون بميزة مشرف جدا    فعاليات الملتقى العربي الثاني للتنمية السياحية    ما هو القاسم المشترك بيننا نحن المغاربة؟ هل هو الوطن أم الدين؟ طبعا المشترك بيننا هو الوطن..    ثلاثة من أبناء أشهر رجال الأعمال البارزين في المغرب قيد الاعتقال بتهمة العنف والاعتداء والاغتصاب    موسكو تورد 222 ألف طن من القمح إلى الأسواق المغربية        ⁠الفنان المغربي عادل شهير يطرح فيديو كليب "ياللوبانة"    الغش في زيت الزيتون يصل إلى البرلمان    أفاية ينتقد "تسطيح النقاش العمومي" وضعف "النقد الجدّي" بالمغرب    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة    قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في محيط السفارة الإسرائيلية    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصة ديبلوم ماستر «وهمي» منحته المدرسة الحسنية للأشغال العمومية للطلبة
اتهامات ضد وزارة غلاب بالوقوف وراء القضية ومدير المدرسة يعترف ب«الفضيحة»
نشر في المساء يوم 15 - 04 - 2011

اكتشف طلبة المدرسة الحسنية للاشغال العمومية، بالصدفة، أن ديبلوم «الماستر» في شعبة «تدبير واستغلال أنظمة النقل»، الذي وعدتهم به إدارة المدرسة
هو مجرد وعد لن يتحقق، والسبب راجع إلى تأخر الجهات المعنية في المصادقة على قانون يسمح للمدرسة بمنح هذا الدبلوم، لكن لماذا وافقت وزارة كريم غلاب على تدريس هذا الشعبة إذا كان القانون غير جاهز؟ وقد أحيطت هذه الفضيحة بالتعتيم لمدة ثلاث سنوات تقريبا، قبل أن يتسرب الخبر بعد أن أصبح الطلبة المتضررون يعيشون وضعا لا يحسدون عليه، فمن جهة، يريدون الحصول على الدبلوم الذي وعدتهم به الإدارة، ومن جهة أخرى، يتساءلون عن هذا التأخير الذي يبرَّر بتباطؤ المسطرة القانونية التي ستمنح المدرسة، في نهاية المطاف، الحق في منح هذا الدبلوم.
تسود حالة من الترقب والانتظار لدى طلبة الماستر في المدرسة الحسنية للأشغال العمومية في الدار البيضاء، شعبة «تدبير واستغلال أنظمة النقل» وسط تكتم وخوف شديدين، سببهما عدم تمكن طلبة الماستر -الفوج الأول لسنتي
2008-2010، والبالغ عددهم 11 طالبا تقريبا، من الحصول على الدبلوم في الشعبة سالفة الذكر، والتي تم اختيارها بناء على الإعلان الذي سبق أن قدمته المدرسة الحسنية، التابعة لوزارة النقل والتجهيز، مفاده أنها ستعمل على منح دبلوم الماستر في نفس الشعبة لهؤلاء الطلبة، وهو الدبلوم الذي سيمكّنهم من الحصول على شواهد تخول لهم تولي مناصبَ مهمة في الدولة، على اعتبار سمعة المدرسة التي تعد الأولى في المغرب على صعيد تكوين المهندسين، وخاصة في مجال النقل الذي يشهد تطورات كبيرة تتجلى في جملة المشاريع التي برمجتها وزارة النقل، وعلى رأسها مشروع «الترامواي» والقطارات فائقة السرعة وغيرها من المشاريع التي جعلت الطلبة يتخلّوْن عن مجموعة من المدارس والكليات التي تم قبولهم فيها، بعد حصولهم على الإجازة، واختاروا دراسة هذا «الماستر» في هذه المدرسة بالذات، بناء على الآفاق التي سيفتحها لهم هذا التخصص مستقبلا. ولكن ما لم يكن في علم الطلبة وما لم يكن في حسبانهم هو أن الدبلوم الذي كانوا متأكدين من الحصول عليه سيعرف عرقلة مسطرية جعلت الفوج الأول يحصل فقط على شهادة النجاح في انتظار الدبلوم وتركت الفوج الثاني ينتظر «الإفراج» عن هذه الشهادة بعد فشل المدرسة الحسنية للأشغال العمومية ووزارة النقل والتجهيز في الحصول على ترخيص قانوني بمنحه لطلبة الماستر. ولكن ما اتضح ل«المساء» -حسب مصدر من داخل المدرسة الحسنية للأشغال العمومية- هو أن هذه الأخيرة أبرمت شراكة مع مدرسة القناطر في باريس من أجل إنجاز مشروع تدريس «الماستر» على أساس أن المدرسة الحسنية ستحصل على تمويل من طرف الاتحاد الأوربي سيساعدها على الإسراع في تلقين مبادئ هذا التخصص.
ويقول المصدر ذاته إنه «تم جلب الطلبة من ميادين مختلفة لا علاقة لها بالمجال التقني كالمجال القانوني، مثلا، وتم إيهامهم بأنهم سيحصلون على الماستر من المدرسة الحسنية، في الوقت الذي ما زال هذا الماستر غيرَ معترف به قانونا».
ويضيف المصدر نفسه أنه بعد انتهاء العقد بين المدرسة الفرنسية للقناطر والمدرسة الحسنية للأشغال العمومية، أصبحت هذه الأخيرة في مستوى تدريس هذا التخصص، وعلى هذا الأساس قدمت مشروع المصادقة عليه من لدن وزارة التعليم العالي في الرباط، غير أن ما كشفه مصدرنا هو أن إدارة المدرسة الحسنية آنذاك كانت تعلم جيدا أن وزارة التعليم العالي لا يمكن أن تمنح موافقتها على هذا الدبلوم، لأن المدرسة، ببساطة، «لا تتوفر على قانون يمنح الماستر»، يؤكد نفس المصدر. ومع ذلك، قدمت الطلب وتمت المصادقة عليه سنة 2010، ولكن الإشكال المطروح هنا هو أن الطلبة الذين درسوا قبل هذا التاريخ لا يسري عليهم قانون المصادقة، فهم لن يستفيدوا من الدبلوم، عكس الطلبة الذين درسوا أثناء المصادقة عليه، إلا في حال تم العمل برجعية القوانين أو تم التوصل إلى حل سياسي يكون بتراضي الوزارات وتراعى فيه وضعية هؤلاء الطلبة كحالة خاصة.
شهادات الطلبة
بدأت القصة كما سردتها إحدى طالبات الفوج الأول، عندما قرر هؤلاء اختيار هذه الشعبة، حيث قدم الطلبة الحاصلون على الإجازة من مختلف الكليات ملفاتهم للظفر بمقعد داخل المدرسة الحسنية للأشغال العمومية، بعدما تم الإعلان عن هذا الماستر، الذي أكدت إحدى الطالبات أنهم أول فوج يدرسه في صياغته الجديدة، حيث قالت، في حديث مع «المساء»: «لقد قدمنا الطلب بعدما توصلنا برسالة في البريد الإلكتروني مفادها أن الماستر الجديد لا تتجاوز فيه مدة التكوين السنتين، تتوج بالحصول على دبلوم معترف به من طرف الدولة»، وتابعت قائلة: «بعد عمليات الانتقاء ودراسة الملفات، اختير للمقابلات مجموعة من الطلبة، أسفرت عن قبول 11 طالبا للدراسة في رحاب المدرسة الحسنية ومباشرة بعد ذلك، تضيف الطالبة التي طلبت عدم ذكر اسمها، بدأت الدراسة والتكوين «صراحة كان التكوين جيدا، رغم صعوباته التي كانت تجعلنا كطلبة نقضي أوقاتا طويلة في المدرسة وحتى الأساتذة لم يبخلوا علينا، بل استفدنا حقيقة خلال مدة التكوين».
استمرت الدراسة بشكلها الطبيعي وكان كل شيء على ما يرام إلى غاية بداية العام الثاني 2009-2010، وهي السنة التي صادفت التحاق الفوج الثاني بالمجموعة المتضررة، حيث تقول الطالبة: «سيكتشف الطلبة ال11 الخبر صدفة». ومنذ ذلك الوقت، تؤكد الطالبة «يعيش الطلبة حالة من القلق والخوف من عدم تمكنهم من الحصول على هذا الدبلوم الذي يعقدون عليه آمالا وأحلاما كبيرة».
وتقول طالبة أخرى من الفوج الأول: «ضيعنا مجموعة من الفرص التي أتيحت لنا، لأننا وضعنا ثقتنا في إدارة «الحسنية»، استفدنا من تجارب المهندسين الذين التقينا بهم خلال مدة التكوين، خاصة في مجال الهندسة المدنية». وتضيف: «صراحة، ما نْدمناشْ». في المقابل، يستنكر مجموعة من الطلبة ما أسموه عملية «الاحتيال» التي تعرضوا لها، والتي جسدها الشخص الذي قرر عدم إخبارهم بموضوع عدم منح المدرسة دبلوم الماستر: «الأمر ليس هينا»، يقول أحد الطلبة، وتابع، شارحا: «لو أخبرونا لقررنا آنذاك تغيير الشعبة، خاصة أننا كطلبة كنا مقبولين في كليات أخرى ولكن عدم إخبارنا بالموضوع ضيّع علينا فرصا كثيرة».
وقد أكد بعض طلبة الفوج الأول أن أغلبهم كانوا يطمحون إلى الاشتغال في مجال الوظيفة العمومية وقد اعترضتهم مجموعة من العراقيل بعد انتهاء السنة الدراسية، دون أن يتمكنوا من الحصول على الدبلوم. يقول أحد هؤلاء الطلبة: «لم نستفد من التوظيف المباشر الذي أعلنت عليه الوزارة مؤخرا، كما أننا لم نُقبَل في مجموعة من المدارس لإتمام الدكتوراه». فالدبلوم في نظر الطلبة يعتبر ضروريا، يضيف نفس الطالب، «لأنك إذا لم تحصل على الدبلوم، فلا يمكنك أن تحلم بالعمل في الوظيفة العمومية، صحيح أن مجموعة من الطلبة اشتغلوا في القطاع الخاص وبأجور جيدة، إلا أن هذا لا يمنع من أن الطلبة وقعوا ضحية عملية نصب واحتيال «بطلتها» جهات في وزارة النقل والتجهيز» .
من جهة ثانية، تمكن الدراسة في المدرسة الحسنية للأشغال العمومية (EHTP)، بشكل عامّ، من الاستفادة من التكوين في مجموعة من التخصصات، كالهندسة المدنية وهندسة المعلوميات والأرصاد الجوية والهندسة الكهربائية وعلم التنبؤات الجغرافية.. وتخول الشهادة التي يحصل عليها الطالب من المدرسة، التي توجد فيها داخلية، إمكانية الاندماج في الحياة العملية في المؤسسات العمومية أو شبه العمومية أو الخاصة وتتيح له إمكانية مواصلة الدراسة لتحضير الدكتوراه، أما مدة التكوين في مدرسة الحسنية للأشغال العمومية للحصول على دبلوم الماستر بصيغته الجديدة، كما ينص على ذلك قانون المدرسة فهي سنتان، يتعرف فيها الطالب على مجموعة من المواد ذات صلة بالهندسة المدنية وهندسة الطرق وكل ما له علاقة بمجال النقل البحري والجوي والسككي وكذا النقل الحضري ومدة التدريب، كما حددها الطلبة، هي أربعة أشهر تتوج في نهاية المطاف بالحصول على شهادة جامعية تزكي المحطات التي قطعها الطلبة خلال مدة التكوين.
ضحايا «الاحتيال»
كان إخفاء الموضوع عن الطلبة وعدم إخبارهم به لحظة تقديم ملفات الترشيح من بين الأسباب التي جعلت بعض الطلبة يعتبرون أنفسهم ضحية عملية «احتيال وتحايل»، حيث حمّلوا المسؤولية لمن اتخذ قرار إخفاء الخبر عنهم إلى غاية اكتشافهم إياه صدفة. أما طلبة الفوج الثاني فما زالوا لم يتقبلوا الأمر، فمشاعرهم ما زالت مختلطة بالخوف من المستقبل تارة ومن عدم استجابة الإدارة لمطالبهم تارة أخرى، رغم الوعود التي قدمها المدير الجديد، الذي لم يبخل عليهم بكل «الكلمات المطمئنة» في خطوة منه لإصلاح الوضع بعد عام من تحمله مسؤولية هذا الملف.
وتعتبر «حالة» طلبة الفوج الثاني، الذين يبلغ عددهم حوالي 15 طالبا، «خاصة»، لأنهم لم يعلموا بالخبر أيضا ولم يتمّ إخبارهم بالموضوع حتى اكتشفوه بعد علم أصدقائهم في الفوج الأول. عندما التقت «المساء» بالطلبة في رحاب المدرسة الحسنية للأشغال العمومية، بدت علامات التوتر على وجوههم فهم ما زالوا يواصلون دراستهم في المدرسة ويُجرون حاليا تداريب في مجموعة من المؤسسات، ولكنهم لا يخفون انشغالهم بأمر الدبلوم، فقد أصبح هذا الموضوع هو الشغل الشاغل لهم كطلبة، علما أنهم من المفروض أن يركزوا في الدراسة ويدققوا في خصوصيات المواد التي يدرسونها. وقد تحدث خلال اللقاء ممثلو الطلبة في الفوج الثاني عن معاناتهم من هذا الأمر ومن تذمرهم من عدم إخبارهم بالموضوع، بعد أن ضيّعوا مجموعة من الفرص التي كانت من الممكن أن تكون أحسن بالنسبة إليهم ولكنهم «فرّطوا» فيها رغبة منهم في الحصول على الماستر من المدرسة الحسنية للأشغال العمومية، وهو الحلم الذي لم يتحقق، وظل الطلبة يتساءلون عن مصير هذا الدبلوم، بعد تأخر مسطرة المصادقة عليه من قِبَل اللجنة المشرفة على دراسته، حيث قالت إحدى الطالبات: «يطلب من المدرسة دائما مراجعة القانون، لأسباب بسيطة، كالنقطة والفاصلة» وغيرها من الأسباب التي وجدها الطلبة غير مقنعة ولن يقبلوا أن يحصلوا فقط على شهادة النجاح، كما حدث مع طلبة الفوج الأول»...
ولأجل ذلك، دخل الطلبة، منذ علمهم بالخبر، في حوار مع المدير الجديد، حيث تم التوصل إلى مجموعة من الحلول البديلة من أجل التعجيل بالحصول على الدبلوم ريثما تتم المصادقة على القانون من طرف الجهات الوصية، ومن ضمن هذه الحلول الحصول على شواهد مقدمة من مدارس فرنسية معروفة في مجال الهندسة بشراكة مع المدرسة الحسنية، وهم يضغطون -على حد قولهم- على الإدارة من أجل احترام مهلة معينة، خاصة أن العام الدراسي يشارف على نهايته والطلبة مقبلون إما على ضرورات الالتحاق بسوق الشغل أو إتمام دراستهم الجامعية، وهذا ما يطرح تساؤلات لدى الطلبة، الذين يعتزمون التصعيد والاحتجاج في حال لم يتم التوصل إلى حل يرضيهم ويرضي مستقبلهم المهني.
وفي اتصال هاتفي بمدير المدرسة الحسنية للأشغال العمومية، عدنان بوكامل، قال إن المدرسة لديها كامل الأحقية في منح هذا الدبلوم، لكنْ تبيّن أن قانونها الأساسي لا يتطابق مع مواد القانون وبالضبط ما تنص عليه مقتضيات القانون المنظم للتعليم العالي 01.00. وأضاف، في تصريح ل«المساء»: «نحن كإدارة نبذل قصارى جهدنا من أجل تصحيح هذا الخطأ، وهناك اتصال دائم مع إدارة التعليم العالي ووزير النقل والتجهيز، كريم غلاب، من أجل التسريع من وتيرة تصحيح هذا القانون، لكي يحصل الطلبة على الدبلوم في أسرع وقت ممكن»، وتابع بوكامل قائلا: «حاولنا دمج الطلبة في سوق الشغل وفي أسلاك التعليم العالي لمن يريد إتمام الدكتوراه ريثما يخرج القانون إلى حيز الوجود، والذي سيمكّن المدرسة من منح دبلوم الماستر».
وفي ما يخص مسؤولية وزارة النقل والتجهيز على هذا التأخير، أكد عدنان بوكامل أن الوزارة تقوم بدورها في الموضوع، لأن المدرسة تابعة لها، وأنه على اتصال دائم مع وزير النقل، كريم غلاب، وأن المدرسة الحسنية ليست الوحيدة التي تعاني من هذا المشكل، بل هناك عدة مدارس أخرى للمهندسين تعاني من نفس المشكل. وأضاف أنه تَحمَّل مسؤولية إدارة المدرسة بعد المدير السابق، دليل الكندوز، وهو على تواصل دائم معه، حتى يتم حل هذا الملف الذي يعد من الأولويات بالنسبة إليه. وبالنسبة إلى الجهود المبذولة لحل هذا المشكل، يقول عدنان بوكامل: «قمنا بمجموعة من المحاولات لإدماج الطلبة في سوق الشغل، وأنا دائما في حوار مع الطلبة ونبحث على مجموعة من الحلول البديلة التي ستمكنهم من الحصول على شهادات من مدارس أخرى، ريثما تتم الموافقة على منح الدبلوم». كما أكد بوكامل أن مجموعة من الطلبة استفادوا من إدماجهم في الخدمات التابعة للوزارة، كما أن المدرسة عقدت شراكات مع مجموعة من المدارس الفرنسية، كالمدرسة الوطنية للقناطر والطرقات والمدرسة الوطنية للأشغال العمومية، وهناك موافقة مبدئية، حسب قوله، من لدى هذه المدارس بمنح شهادة التكوين لطلبة الماستر في المدرسة الحسنية في شعبة «تدبير واستغلال أنظمة النقل».
الجهل بالقانون
عندما التحق دليل الكندوز بالمدرسة الحسنية، حاول ترك بصمة خلال مدة ولايته، لهذا -تقول مصادرنا- حاول، قدر الإمكان، التعجيل بهذا الماستر، لأنه سيعمل على الرفع من إشعاع المدرسة، لذلك ومباشرة بعد انتهاء العقد مع مدرسة القناطر الفرنسية، شرعت المدرسة الحسنية في اختيار الطلبة لمباشرة الدراسة في شعبة النقل، علما أنها لم تحصل حتى على المصادقة من وزارة التعليم العالي. وبعد المصادقة مباشرة، تضيف نفس المصادر، عملت المدرسة على إدخال تعديلات على قانونها الداخلي على أساس أنها ستعمل على منح مجموعة من الدبلومات الجديدة، إلا أنها تفاجأت بقانون 01.00، الذي نص على نظام جديد بالنسبة إلى الحصول على الإجازة والماستر والدكتوراه، ويرتكز هذا النظام البيداغوجي الجديد (LMD) على مسار تكويني يدعى «المسالك»، يقوم على التدريس بالوحدات.
وحسب أستاذ في المدرسة، طلب عدم ذكر اسمه، قامت الإدارة، أثناء إدارة دليل الكندوز، على تقديم مشروع قانون ما زال قيد الدراسة والنقاش بين إدارة المدرسة ومجلسها وبين الوزارة على أساس أنه بعد المصادقة عليه في مجلس المؤسسة ووزارة التعليم سيتم منحه لوزارة التجهيز والنقل لتقدمه للبرلمان، ولكن الإشكال، حسب الأستاذ نفسه، هو أن الأساتذة يرفضون أن تكون لهم وضعية مستخدمين، في الوقت الذي يتمتعون بصفة موظفين عموميين يتقاضون أجورهم من وزارة التجهيز والنقل.
وقد حمّل الأستاذ مسؤولية ما أسماه «الجهل بالقانون» للإدارة السابقة، لأنها -على حد قوله- «لم تفهم القانون جيدا، فهي أعلنت عن منح دبلوم الماستر للطلبة في الوقت الذي لم تتم المصادقة عليه حتى من وزارة التعليم العالي ولم يتم تعديل وضعية القانون الخاص بالمؤسسة». في المقابل، يضيف المصدر ذاته، فإن وزير النقل، كريم غلاب، هو الذي طلب تدريس هذا التخصص، وأكد الأستاذ أن «الوزير لا يعرف قانون الحسنية، فمن يعرفه جيدا هو المدير السابق وهو من كان عليه إطلاع وزير النقل على حيثيات وملابسات الموضوع لدراسته من مختلف الزوايا، حتى لا يتطور الوضع ويزداد تعقيدا».
وحسب مصدر نقابي، فإن مشروع القانون الذي أعدته المدرسة الحسنية للأشغال العمومية ينتظر المرور من المسطرة القانونية، المتمثلة في مصادقة المجلس الحكومي والوزاري والصدور في الجريدة الرسمية.
إلا أن هذه المسطرة بالنسبة إلى الطلبة قد طالت مدتها ثلاث سنوات، دون أن يتم «الإفراج» عن هذا القانون والحصول على الدبلوم المتفق عليه.
وعود «تبخرت»...
«لا يمكن للمدرسة الحسنية أن تمنح دبلوم الماستر»، هذه العبارة حولت تفكير الطلبة بشكل لافت، حيث دخلوا، منذ علمهم بالخبر، في حوار مع المدير السابق، دليل الكندوز، الذي يشغل حاليا منصب مدير المكتب الوطني للمطارات، والذي وعدهم، كما تقول إحدى الطالبات، بتسريع المسطرة القانونية التي ستمكن المدرسة من منحهم دبلوم الماستر في الشعبة التي درسوها، والذين لم يتقبلوا بتاتا إخفاء الخبر عليهم إلى أن اكتشفوه صدفة.
ورغم الصمت الذي التزم به الطلبة على مدى ثلاث سنوات تقريبا، حيث عملوا قدر الإمكان على أن يبقى المشكل حبيس جدران المدرسة، فإن «الكيل قد طفح» وتسرب الخبر من أحد الطلبة المتضررين، الذين تأزموا بسبب هذا الموضوع وأصبحوا يعيشون وضعا لا يحسدون عليه، فمن جهة، يريدون الحصول على الدبلوم الذي وعدتهم به الإدارة، ومن جهة أخرى، يتساءلون عن هذا التأخير الذي يبرَّر بتباطؤ المسطرة القانونية التي ستمنح المدرسة، في نهاية المطاف، الحق في منح هذا الدبلوم. فحسب الطلبة فقد قدمت لهم مجموعة من الوعود بإيجاد حل في القريب العاجل وبإدماجهم في سوق الشغل، خاصة مع الظرفية التي يعيشها المغرب، والتي تحتاج -على حد قولهم- إلى طلبة في مستوى تكوينهم وكفاءتهم، لكن الطلبة مع ذلك ظلوا مُصرّين على أن وزارة النقل والتجهيز تتحمل القدْر الكبير من المسؤولية، فهي من لديها كامل الصلاحيات في التعجيل بالبت في هذا القانون والمصادقة عليه. تقول إحدى الطالبات: «كانت هناك وعود بالإدماج من طرف مدير الدراسات السابق، ولكنْ مع رحيل الإدارة السابقة، «تبخرت» معه كل الوعود»، فالإدارة السابقة، تقول الطالبة، «تتقاسم مسؤولية هذا التأخير مع وزير النقل، كريم غلاب»، هذه الوعود التي قدمت للطلبة على مدى ثلاث سنوات تقريبا، تؤكد الطالبة، «كان هدفها مساعدتنا كنوع من تلميع سمعة المؤسسة ونوع من إخفاء الخطأ الفادح الذي وقعت فيه الوزارة».
وعود، طلب من الطلبة على إثرها إعداد ملفاتهم، بغرض إدماجهم في سوق الشغل، حيث قدم الطلبة ملفاتهم، ولكن المدير السابق، تضيف الطالبة، «رحل ورحلت معه أحلامنا بالإدماج»، وتتابع: «عندما تحمّل المدير الجديد، عدنان بوكامل، مسؤولية إدارة المدرسة الحسنية كان أول شيء أخذه على عاتقه هو هذا الملف، وعندما أخبره الطلبة بقصة الوعود بالإدماج، طلب منهم آنذاك وضع ملفاتهم لدى الكتابة العامة»، لكنْ تتابع الطالبة نفسها «مر وقت طويل ونحن ننتظر ولم تتحقق تلك الوعود إلى يومنا هذا»...




هيام بحراوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.