تنشغل النساء وخاصة الفتيات في مقتبل العمر بإيجاد الأجوبة للعديد من المشاكل الصحية التي تواجههن في حياتهن اليومية. البروفيسور خالد فتحي المختص في أمراض النساء والتوليد يجيب عن هذه الأسئلة المحيرة. - عمري 33 سنة، عانيت من مشكلة العقم لمدة 6 سنوات، كما أنني أجهضت بشكل تلقائي خلال حملي الأول. وذلك عند نهاية الشهر الثالث، لقد استشرت الكثير من الأطباء. وأجريت عددا لا يستهان به من الفحوصات إلى أن اكتشفت أنني مصابة بقصور الغدة الدرقية (Hypothyrouide) هل لهذا المرض علاقة بمشاكل الإنجاب لدي؟ وكيف لي أن أدبر حملي الآن فأنا حامل للمرة الثانية. وهل لهذا المرض مضاعفات على صحة الجنين؟. يبدو أنك كنت في الطريق لأن تعيشي وتكابدي كل المضاعفات المترتبة عن معاناة سيدة في طور الخصوبة من مرض الغدة الدرقية لولا أن الله لطف بك وجعلك تكتشفين مرضك قبل فوات الأوان. هذا الأمر الذي قد لا يتيسر لكثير من النساء بسبب ضعف الإمكانيات أحيانا أو بسبب إغفال هذا المرض من قبل الأطباء أحيانا أخرى, إغفالا يجعلهم لا يقدرون بشكل جيد درجة انتشار هذا المرض ومدى تورطه في العديد من المشاكل سواء لدى الحامل أو لدى الجنين. حيث قد يصل الأمر بهذا الأخير إلى الإصابة بالتخلف العقلي والإعاقة الذهنية. ولكي نلم بحقيقة المشكلة لابد أن نعرج قليلا على هذه الغدة الدرقية، إنها غدة شهيرة لها شكل فراشة تتموقع أسفل العنق أمام القصبة الهوائية تحت تفاحة آدم على وجه التحديد. إنها ذات أدوار حيوية داخل جسم الإنسان حيث تعد مسؤولة عن نشاطه العام. فهي تفرز بتحريض من الغدة النخامية التي توجد بالدماغ الهرمونات التي تنظم عملية الاستقلاب والعمليات الإيضية للذات. إن هذا ما يجعلها مرتبطة بالكثير مما يحدث داخل الجسم بدءا بسرعة نبضات القلب وانتهاء بحرق السعرات الحرارية. إنه عندما لا تنجح هذه الغدة الدرقية في إفراز الكمية اللازمة التي تحتاجها من الهرمونات الدرقية نكون أمام قصور في أداء أو في عمل هذه الغدة. يتسبب هذا الوضع في حدوث عدة أعراض تشي بعدم مواكبة الغدة لمتطلبات الجسم منها شعور المريض بالإرهاق وبالتعب دونما سبب ظاهر. وقد يؤدي ذلك إلى خمول همته وتقاعسه في أداء وظيفية وفي النهوض بأعباء حياته الشخصية. إن الكثير من الناس قد لا يبادرون لطلب المشورة الطبية أمام أعراض يرونها بسيطة كهاته، وقد يختلقون الكثير من التبريرات والأعذار لتأجيل موعد زيارة الطبيب فتدوم معاناتهم دونما داع لذلك. حيث قد تطفو على السطح أعراض أخرى أكثر بروزا كالشعور المبالغ فيه بالبرد والإمساك وشحوب الجلد وجفافه وميله للخشونة. كذلك قد يتورم الوجه وينتفخ ويتبدل الصوت الذي يصبح على غير العادة صوتا أجشا حادا. هذا بالإضافة إلى ترسب الكولسترول وارتفاع معدله في الدم. بل قد يصل الأمر إلى المعاناة من مشاكل نفسية كتعكر المزاج والاكتئاب، وعلى عكس ما يظنه البعض. فإن هذا المرض ذا التداعيات الخطيرة على صحة الإنسان ليس بالمرض النادر, بل هو مرض متوطن خصوصا في البلدان التي تعاني من مشكلة نقص اليود. وتشير آخر دراسة أنجزت بهذا الشأن بالمغرب بفاس إلى أن نسبة الإصابة عندنا تناهز 1 في 2000 وهي نسبة مرتفعة على المستوى العالمي. إن قصور الغدة الدرقية يؤدي بصاحبته إلى تأخر الإنجاب والحمل. حيث يعود من الصعب حدوث الحمل عند المصابات وقد ينفقن كثيرا من الوقت الثمين في انتظار حمل لا يأتي إذا لم يتسن لهن اكتشاف المرض والخضوع لعلاج تعويضي. أما إذا تيسر الحمل فإنه يكون حملا صاخبا مليئا بالمشاكل والمفاجآت غير السارة منذ بدايته إلى نهايته بل قد تستمر هذه المفاجآت بعد الوضع حين يتلقف المولود الجديد مشاكل أمه. قد تختفي علامات قصور الغدة الدرقية عند بداية الحمل وراء ستار من التعب تلقى فيها الحامل وأسرتها اللوم على الحمل نفسه. فلا يشخص المرض, إذ غالبا مالا ينتبه الطبيب إلى ضرورة حساب مستوى الهرمونات الدرقية في الدم. إن عدم التشخيص هذا يجعل المرأة عرضة للإجهاض وفقدان الجنين في المراحل الأولى للحمل. كما قد يؤدي بها إلى المعاناة من حالة ما قبل الارتجاع نتيجة ارتفاع ضغط دمها، وإلى حدوث مشاكل المشيمة وإلى بطء نمو دماغ الجنين وسوء نموه. كذلك فإن المواليد الجدد القادمين إلى الوجود عبر هذا الحمل يكونون عرضة للكثير من العيوب الخلقية. ويكون لزاما تقييم وضعهم الهرموني ومنحهم هرمون الغدة الدرقية منذ الأيام الأولى للحياة لأجل نمو سوي للدماغ وللملكات الفكرية لديهم. من الواجب إذن أن يبحث الطبيب مدى كفاءة الغدة الدرقية غداة الحمل إذ ينبغي له أن يتوصل للتشخيص في وقت مبكر قبل أن تشرع المضاعفات في الاستقرار لدى الجنين. كما ينبغي عليه أن لا ينسى أن هرمونات الحمل تؤثر على حساب معدلات الهرمونات الدرقية. لذلك وجب عليه تحليل الأرقام التي يمده بها المختبر بدقة بالغة حيث أحيانا قد يضطر إلى تعديل جرعة الهرمون بسبب الحمل فيرفعها بسبب ازدياد الحاجة إليها. على طبيب أمراض النساء والتوليد أن يعاود حساب هذه الهرمونات طيلة الحمل على الأقل كل ثلاثة أشهر ليطمئن دائما على أن مريضته توجد داخل هامش المعدلات المطلوبة. وفي بعض الحالات الخاصة قد يعمد إلى طلب هذا التحليل كل شهر. بالنسبة للمواليد الجدد، فقد شاركت في أواخر العام الماضي (2010) ضمن بعثة دراسية باليابان حول طرق إرساء نظام لرصد قصور الغدة الدرقية عند الولادة. وأعتقد أن وزارة الصحة بصدد وضع اللمسات الأخيرة لانطلاق هذا البرنامج ببلادنا خلال بحر هذه السنة. مما سيشكل في حال تحققه أجمل هدية للمواليد الجدد بالمغرب - عمري 30 سنة، حامل في الشهر الخامس مشكلتي أنني أعاني كثيرا مع الإمساك (constipation) فهل هناك من تدابير تقترحونها علي للتخفيف من هذه الحالة؟ تعرف الكثير من النساء بالتجربة فقط أن الإمساك عارض محتمل خلال الحمل. فهو يصيب أكثر من نصف الحوامل. وخصوصا أولئك اللائي كن يعانين منه قبل الحمل، هناك تفسيرات عدة لهذا الإمساك ففي بداية الحمل نشير بأصبع الاتهام لهرمون البروجسترون الذي يزداد إفرازه مما يعوق عملية الهضم وتصريف الطعام بسبب تكاسل وارتخاء الأمعاء. أما في نهاية الحمل فإننا نعتقد أن كبر حجم الرحم يجعله يضغط على الأمعاء الغليظة الشيء الذي يشكل حاجزا أمام انتقال الطعام، كذلك فإن امتصاص الأمعاء لكميات كبيرة من الماء خلال الحمل لحاجة الجسم إليها يجعل البراز أكثر صلابة وأكثر بطئا. كذلك يساهم الإرهاق وتغير العادات الغذائية في حدوث الإمساك. وهكذا فإن أول خطوة للتملص من هذه المشكلة تكمن في الحرص على جودة التغذية من خلال الإكثار من تناول المواد الغنية بالألياف كالفواكه والخضر النيئة والمطبوخة ومنتجات القمح وفاكهة البرقوق خصوصا المجفف والذي يباع الآن على مدار السنة. كذلك على المرأة أن تقسم طعام اليوم لعدة وجبات صغيرة تكررها مع أخذ الوقت الكافي للمضغ وأن لا تنسى شرب السوائل بوفرة وأن تشرب كمية من الماء كذلك قبل الخلود إلى النوم. أما في حالة ما إذا كانت الأعراض شديدة فينبغي استشارة الطبيب الذي سيصف لك بعض الأدوية الملينة (Laxatifs) أو قد يلجأ إلى تدابير أخرى إذا تطلب وضعك الصحي ذلك. لكن هذا يظل أمرا نادر الحدوث. وفي الأخير لابد أن أشير إلى أن حبات الحديد التي تواظب عليها النساء خلال الحمل قد تسبب الإمساك أيضا. آنذاك يجب تناولها عند الضرورة فقط وبعد تشخيص فقر دم لدى الحامل. وإذا كان ولابد فإني أنصح بتناول هذه الحبوب ممزوجة بعصير البرقوق.