وجدت قيادة حزب الأصالة والمعاصرة نفسها في مواجهة سيل جارف من الانتقادات خلال اجتماع المكتب الوطني، الجهاز التنفيذي للحزب، بفريقيه في مجلسي النواب والمستشارين، يوم الجمعة الماضي، ساعات قليلة قبل انطلاق الشوط الثاني من المجلس الوطني للحزب الذي انعقد صباح أول أمس السبت بالرباط. وحسب مصادر من «البام»، فقد تعددت خلال الاجتماع انتقادات برلمانيي الحزب والمطلب واحد هو معرفة سبب ركون قيادته إلى الصمت في مواجهة الانتقادات الحادة التي وجهت إليه خلال الأسابيع الماضية، ووصلت إلى حد رفع المشاركين في مسيرات 20 فبراير و20 مارس مطلب رحيل فؤاد عالي الهمة، مؤسس الحزب، وقياديين آخرين، والمطالبة بحله، مشيرة إلى أن نقاشا ساخنا عرفته أطوار الاجتماع، بسبب «صمت المكتب الوطني، الذي لم يفهم إطلاقا من قبل مناضلي الحزب، والذي جعل هذا الأخير يبدو في موقف الضعيف الذي يترنح أمام ضربات الخصوم». وكما كان الحال خلال اجتماع البرلمانيين بالمكتب الوطني، لم يتوان أعضاء في المجلس الوطني خلال انعقاد الشوط الثاني من برلمان الحزب عن التعبير عن امتعاضهم من صمت قيادة الحزب عن الرد على الهجمات التي تعرض لها. واعتبر محمد طالب، عضو المجلس الوطني، خلال نقطة نظام قبل انطلاق أشغال الدورة، أنه «من الواجب على القيادة الرد وتقديم توضيحات بخصوص العديد من الأمور التي يتعرض لها الحزب». «الهجومات والنيران التي كان الحزب هدفا لها كانت بردا وسلاما علينا.. أبشر بطول السلامة يا صلاح ويا إلياس ويا حكيم.. واهم جدا من يعتبر أننا لا نعتز بكم ولا نعترف بقدراتكم.. فهذه رموزنا باقية معنا وحتى واحد ما كاين يحيدهم من الساحة» يقول محمد الشيخ بيد الله، الأمين العام للأصالة والمعاصرة، خلال كلمة وجهها إلى برلمان حزبه، وهو يحاول تهدئة نفوس الحاضرين على مآل الحزب وبعض من رموزه بعد أن هدأت نسبيا عاصفة الانتقادات الموجهة إليهم. ويتابع قائلا: «لدينا قوة ضاربة يمكن أن نواجه بها أيا كان، وأن نثبت أننا قطعة مهمة في لعبة الشطرنج، وأن نبقى لبناء مشروعنا». بيد الله اعترف بالمقابل، بارتكاب ما أسماه خطأ تكتيكيا بعد أن اختار حزبه عدم الرد على منتقديه، مشيرا إلى أن مرد صمته على ما أسماها هجمات يائسة هو «رغبتنا في أن نسمو بخطابنا ونرأب بأنفسنا عن الدخول في المتاهات، وعدم وضع العصا في العجلة». وفيما دعا بيد الله خلال انعقاد برلمان الحزب الذي غاب عنه الهمة، إلى الحذر وتحصين البيت الداخلي والنفس، قال قيادي في «البام» ل«المساء» تعليقا على الهجمات التي تعرض لها حزبه من قبل أحزاب سياسية: «لقد فهمنا رسالة تلك الأحزاب والجهات.. ونقول لها إذا كانت عندكم شي حاجة قولوها مباشرة للملك وما تبقوش مخبين في البام». بيد أن القيادي، الذي تحفظ عن ذكر اسمه، آخذ على قيادة «البام» عدم رغبتها في فتح النقاش حول الوضع التنظيمي، وتركها الساحة فارغة، بمناسبة النقاش حول الإصلاحات الدستورية،لأحزاب عرف عنها استعمالها ورقة الإصلاحات لابتزاز الدولة، مشيرا إلى أن «الحزب كان سباقا إلى طرح جيل جديد من الإصلاحات خلال مؤتمره التأسيسي، لكن دون أن يستمر في معركته». إلى ذلك، كشف حكيم بنشماش، نائب الأمين العام ل«البام»، خلال تقديمه الخطوط العريضة لمشروع مدونة الانتخابات وقانون الأحزاب المزمع رفعه إلى وزارة الداخلية قبل 31 مارس الجاري، أن هناك اتفاقا وتوجها عاما داخل المكتب الوطني للمطالبة بحذف المادة 5 من قانون الأحزاب المتعلقة بالترحال السياسي، وأن «ننتصر لمبدأ حرية الانتماء لأن الأحزاب لا يمكن أن تتحول إلى ثكنات عسكرية». وإلى جانب مطلب إلغاء المادة 5 من قانون الأحزاب، التي تمنع المنتخبين باسم حزب ما من الترشح باسم حزب آخر ما لم تنته مدة ولايتهم، والتي اتهم «البام» بخرقها خلال الانتخابات الجماعية الأخيرة، يتجه رفاق الهمة إلى المطالبة برفع العتبة إلى 7 في المائة لضمان حقوق الأقلية لأنه «ليس من مصلحة بلادنا أن تقصي أحزابا تتوفر على نخب دينامية يتعين أن تتاح لها فرصة العمل». ومن بين المقترحات التي يرجح أن يرفعها الحزب إلى وزير الداخلية رفع القيد القانوني عن المتجنسين بالجنسية المغربية فيما يخص الترشح، وإقرار شرطي الانتماء الحزبي وإبراء الذمة المالية كشروط للأهلية الانتخابية، فضلا عن رفع نسبة التمويل العمومي للحملات الانتخابية و«تقنين التمويل الخصوصي». وينتظر أن يحدد المكتب الوطني خلال الأيام القادمة موقف الحزب النهائي بخصوص نمط الاقتراع، بعد أن أظهرت التقارير الجهوية التي توصل بها أن هناك اجتهادات متباينة بهذا الخصوص بين اعتماد نمط الاقتراع الفردي والإبقاء على الاقتراع اللائحي.