عبر المجمع الشريف للفوسفاط في السنوات الأخيرة، عن تطلعه لرعاية الثورة الخضراء في القارة الإفريقية، عبر المساهمة في تعميم استعمال الأسمدة، في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية، خاصة الحبوب، وما تطرحه من إشكاليات على مستوى الأمن الغذائي في القارة السمراء. وفي الملتقى الثاني من أجل المساهمة في تخصيب إفريقيا، الذي شهدته مراكش بين 9و12 مارس الجاري، شدد المدير العام لمجموعة المجمع الشريف للفوسفاط، على ضرورة وضوح الرؤية لوضع استراتيجية إنتاجية جيدة، مؤكدا على ضرورة تطوير القطاعات الفلاحية، حسب متطلبات السوق الإفريقية، بالاعتماد على البحث العلمي، محبذا عقد شراكات بين الدول الإفريقية سواء على مستوى الحكومات أو الهيئات التشريعية والمهنيين الزراعيين في إطار سياسة القرب، والاستثمار في الميدان الفلاحي وتقنينه بما يلائم الإنتاج ومتطلبات السوق. وحسب وثيقة وزعت خلال المؤتمر عبر المجمع الشريف للفوسفاط عن سعيه إلى المساهمة في تشجيع الثورة الخضراء في القارة السمراء عبر حسن استعمال الأسمدة، حيث يعتبر أنه من الأساسي رفع الإنتاجية والإنتاج الفلاحي في القارة السمراء والحد من تدهور الأراضي الذي يكلف كثيرا على الصعيدين الإنساني والبيئي، وهو ما يساهم فيه ضعف استعمال الأسمدة الذي يفسر بارتفاع تكلفتها، خاصة في ظل ضعف عدد الموزعين في البلدان الإفريقية ، الذي لا يتعدى في المتوسط موزعا واحدا أو اثنين في المتوسط في كل بلد. وقد بلور المجمع مخططا من أربعة أهداف يفترض بلوغها خلال العشر سنوات القادمة، والتي تتمثل، أولا، في المساهمة في خلق سوق للأسمدة والسعي، ثانيا، إلى المحافظة على موقع المجمع باعتباره أول مزود للسوق الإفريقية بالأسمدة، والتموقع، ثالثا، كأحد الرواد في التعاون جنوب – جنوب عبر الدعوة إلى شراكة عمومية وخاصة تعبئ أصحاب القرار العمومي والخاص، والعمل، أخيرا، على تكريس موقع المجمع في إفريقيا لدى مؤسسات المانحين الدوليين والشركات العاملة في الصناعة الغذائية والفاعلين الذين يشكلون سوق الفلاحة في القارة السمراء. وقد اختار المجمع الشريف للفوسفاط أن يتموقع مبكرا في السوق الإفريقية من أجل الاستفادة من آفاق النمو، حيث استطاع الفاعل المغربي أن يؤمن حضورا وازنا في تلك السوق، كمزود رئيسي للقارة السمراء بالأسمدة، وهذا يدفع المجمع إلى تخصيص حيز خاص للسوق الإفريقية في خطوط الإنتاج بالجرف الأصفر، بما يتناسب وطلب تلك السوق، في الوقت ذاته يقترح المجمع على البلدان الإفريقية أسعارا خاصة تحفيزية بالنسبة للقطاع الفلاحي، بما يساهم في التشجيع على الاستعمال المكثف للأسمدة في سبيل تحقيق نمو كبير للإنتاج الفلاحي. وعززت مجموعة المجمع الشريف للفوسفاط حضورها في إفريقيا، حيث إن مبيعات المجموعة في القارة السمراء من الأسمدة تضاعفت عدة مرات في السنة الماضية. ويعتبر بعض الخبراء أن المشكل الذي يطرح بالنسبة للمزارعين الأفارقة يتمثل في التمويل في ظل ارتفاع أسعار الأسمدة الكيماوية في السوق الدولية، فهم يرون أنه يمكن لبعض البلدان أن تلجأ إلى الدعم غير أن ذلك يحد من مواردها التي يفترض أن ترصدها لإنجاز البنيات التحتية التي تعتبر مهمة بالنسبة للمزارعين. لكن يبدو أن مشكل التمويل لا يغيب عن مسؤولي المجمع الشريف للفوسفاط، حيث تم التفكير في آلية تعتمد على تمكين بعض البلدان من الأسمدة الكيماوية وانتظار موسم الحصاد من أجل تحصيل مستحقات المجمع تجاه المزارعين. ويذهب البعض إلى أن اهتمام المجمع الشريف للفوسفاط لا تمليه في المقام الأول الاعتبارات المالية، على اعتبار أن السوق الإفريقي لا يستوعب سوى مليون طن من الأسمدة، أي ما يستهلكه بلد واحد مثل بنغلاديش، وهي كمية ضعيفة إذا ما قورنت بالإنتاج السنوي للمجمع الشريف للفوسفاط الذي يصل إلى 29 مليون طن، غير أن طلب البلدان الإفريقية مرشح للارتفاع في المستقبل، على اعتبار أن البلدان الإفريقية المجتمعة في أبوجا في سنة 2006، اتفقت على رفع متوسط الأسمدة في الهكتار من 17 إلى 50 كيلو غرام، مما سيضاعف بثلاث مرات حجم السوق الإفريقية في أفق 2015. وتستمد الأسمدة أهميتها من كونها تعد عنصرا حيويا لتنمية الزراعة على اعتبار أنها تساهم في زيادة المردودية وإنتاج المواد العضوية التي تغني التربة. في الوقت ذاته تساعد الأسمدة على تحسين نوعية المحاصيل وتعزيز حسن استعمال المياه التي تندر في المناطق الجافة، خاصة في القارة السمراء.