جمعت بين الملك الراحل الحسن الثاني وعبد الحليم حافظ علاقة إنسانية وفنية خاصة، إذ كان الملك الراحل من محبي العندليب الأسمر، الذي حل بالمغرب في العديد من المناسبات والحفلات الخاصة، ووصلت العلاقة القوية إلى حد تخليد عبد الحليم اسم المغرب في العديد من أغانيه، من بينها «الماء والخضرة» و«ليالي العيد» وغيرهما من القطع، كما سجل العندليب أغاني مغربية بصوته، بحضور الملك الراحل، فضلا على مطالبة الحسن الثاني الراحل محمد الحياني بأداء أغاني عبد الحليم، كلما سنحت له الفرصة. ورغم العلاقة المتينة بين الحسن الثاني، الذي كان معروفا بحبه للفن المغربي والعربي وبين عبد الحليم حافظ، فإن العلاقة بينهما شهدت فترات برود بين الطرفين، على خلفية إشاعة قوية اتخذ بعدها الحسن الثاني قرارا بمنع أغاني وأفلام عبد الحليم حافظ من التداول في المغرب. و«تحدثت» الإشاعة في سنة 1962 عن أداء العندليب أغنية «فكوا القيود»، التي اعتبرها البعض دعما للنظام الجزائري ضد النظام المغربي، وهو ما أغضب الملك، إلا العندليب سرعان ما رد على الإشاعة برسالة مكتوبة يشرح فيها موفقه، بالقول: «قالوا إن عبد الحليم غنى في الجزائر ضد المغرب.. صحيح أنني غنيت في الجزائر، لكنْ ليس صحيحا أنني غنيت ضد المغرب.. وللأسف، فقد نجحوا في خطتهم ووشايتهم وأكاذيبهم.. وكانت النتيجة منع نشر أخباري في الصحف والمجلات المغربية ومنع إذاعة أي أغنية من أغنياتي من إذاعة المغرب، وقررت أن أشرح الحقيقة للملك، فكتبت رسالة مطولة أشرح له فيها موقفي، جاء فيها: «سمعت أنهم قالوا لجلالتك إنني غنيت في الجزائر ضد المغرب وهذا غير صحيح. كل ما حدث هو أنني أعددت بعض الأغاني عن كفاح الجزائر ضد الاستعمار والاحتلال الفرنسي.. وهذا واجب وطني.. بل أعلم أن جلالتكم ساهمتم في هذا الكفاح، فهل شعب الجزائر لا يستحق المساندة؟ إن الكفاح الجزائري يشرف العرب جميعا.. وغنائي للشعب الجزائري كان تعبيرا عن مشاعري كإنسان وفنان»... وأضاف العندليب: «انتظرتُ وطال انتظاري، دون أن أتلقى أي رسالة من الملك الحسن.. ولكنني سمعت صوتي بعد ذلك يتردد من جديد في إذاعة المغرب.. وبدأت صوري وأخباري تعود مرة أخرى إلي صفحات الجرائد والمجلات المغربية. سافرت إلى المغرب بعد زوال غيوم الحقد وعاد الصفاء القديم إلى صداقتنا.. فغنيت في الأعياد وغنيت للملك أغنيات أذكره فيها بواجبه نحو فلسطين الجريحة.. وأن تكاثف العرب سيجعل منهم قوة كبري لها شأنها وتأثيرها... وبعد ذلك بشهر، دعانا الملك -نحن المطربين المصريين- إلى إقامة حفل لولي العهد.. وفي هذا التوقيت بالذات، وقع الانقلاب الفاشل ضد الملك، والذي قاده الجنرال محمد أوفقير، وزير الداخلية والقبضة الحديدية التي تحمي النظام، وطلب مني ثوار الانقلاب الفاشل أن أتحدث في الإذاعة فرفضت، فعلاقتي بالملك إنسانية وفنية». وقد تكلف الملك الراحل بعلاج الفنان المصري في العديد من المرات. وبهذا الخصوص، يقول عبد الحليم: «لن أنسي أبدا المرة الأخيرة التي زرت فيها المغرب، يوم هاجمني النزيف اللعين بصورة مفاجئة ومزعجة وكان الملك قلقا جدا من أجلي.. ونقلني فورا إلى المستشفي الفرنسي». وفي ارتباط بإشاعة الغناء ضد المغرب، حمل مقرب من العندليب فنانا مغربيا كان محببا لدى الملك مسؤولية إطلاق الإشاعة وترديدها أمام الملك الراحل.