المكتب الوطني للمطارات حالة خاصة ضمن المؤسسات العمومية... هذا المكتب يبتلع مئات الملايير لأن بُناه التحتية ثقيلة وتستوجب رساميل كبيرة ولكنه، مع الأسف، ينتج الرداءة. هذا المكتب، الذي يمد يده الآن إلى البنوك الوطنية والدولية من أجل الحصول على قرض يبلغ 120 مليار سنتيم لتمويل مخططه الاستثماري، يعتبر من أكثر المؤسسات العمومية مديونية. وللوقوف على خدمات المكتب الوطني للمطارات، نسرد بعض الأمثلة. نبدأ من عميد المطارات أي مطار محمد الخامس بالدار البيضاء. المكتب أحدث محطة ثانية تستقبلك بلوحات تشكيلية وتودعك وأنت «مفقوص» من هزالة الخدمات... تصوروا أن الرحلات الداخلية خصص لها جناح تحت أرضي به قاعة إركاب واحدة لا تمثل حتى ربع مساحة قاعة إركاب الرحلات الدولية.. مع أنه في بعض الأوقات تجتمع العديد من الرحلات الداخلية في نفس الآن لتصبح القاعة «حماما» حقيقيا. ولنكون أكثر دقة في هذا النموذج، نحيل المدير بنعلو على رحلات أمسية الجمعة، حيث تنطلق ثماني رحلات داخلية دفعة واحدة وفي نفس الوقت هو الحادية عشرة مساء. الذي يحدث هو أن عدد ركاب ثماني رحلات يوازي الألف راكب أو يزيد قليلا. تصوروا أن ألف راكب مكدسون في فضاء صغير، عدد مقاعده لا يتجاوز المائة كأحسن تقدير، ولا يتوفر على مقهى ولا على آليات توزيع الماء. وفوق كل ذلك، تسجل مجمل الرحلات تأخيرا يتجاوز الساعة، مما يزيد من محنة الراكبين. أما الخدمات فهي فعلا كاريكاتورية! فمع ارتفاع وتيرة احتجاج الركاب، مغاربة وسياحا، لا يجد الموظفون بدا من التنصل من المسؤولية رافضين أن يردوا على تساؤلات المسافرين بدعوى أن ذلك لا يدخل في مجال اختصاصهم. الصورة الكاريكاتورية الأخرى والتي على المدير بنعلو أن يعالجها هي الطريقة المهينة التي يُنادى بها على الركاب. فوسط «حمّام» الازدحام، يُعوَّض مكبر الصوت بصياح موظفي الاستقبال بالاتجاهات التي حل وقت إركابها، وهكذا تسمع بين الفينة والأخرى «مراكش» أو «العيون... العيون».. إلخ، وكأنك فعلا في محطة «كيران» أولاد زيان بالدار البيضاء أو القامرة بالرباط أو باب دكالة بمراكش. أما المحطة الثالثة بنفس المطار، والتي تم افتتاحها مؤخرا، فهي فعلا نكتة! ذلك أنها تبعد عن المطار بكيلومترين أو ثلاثة. ولأن الإشارات لا تدل على طريقها، فإن الركاب مازالوا يتوجهون إلى المحطة الأولى أو الثانية ليتم إشعارهم بأن عليهم أن يستقلوا حافلة المكتب (شبه دائمة الغياب) أو التوجه عبر طاكسي، وهو ما يكلف ثلاثين درهما ووقتا مهدورا وأعصابا محروقة. وعندما تصل إلى تلك المحطة... تجد المكان خاليا والمحطة لا تتوفر على مرافق استقبال تليق بمطار دولي. وأتساءل فعلا عن أي فكرة يكونها السائح الأوربي الذي يأتي من مطارات بعض العواصم الأوربية (ألمانيا مثلا)، وهي مطارات أشبه بمدن متكاملة المرافق، وينزل بمطار (السائح لا يرى من مطار محمد الخامس سوى هذه المحطة) لا توجد به سوى مصالح الأمن والجمارك وكأنه مطار إحدى جمهوريات الموز! بأكادير عاصمة السياحة بالجنوب.. إذا صادف وتأخرت إحدى رحلاتك فما عليك إلا أن تمسك أعصابك قدر الإمكان، فركاب الطائرة المعنية لن يجدوا فضاء يكفيهم لأنه لا يوجد بالمطار سوى مقهى واحد بسيط، وقاعة الانتظار بها كراس قليلة، أما قاعة الإركاب فكأنها سجن مؤقت للركاب، كل حسب حظه مع فترة الانتظار التي قد تمتد عدة ساعات إذا صادف وكان الركاب ينتظرون قدوم الطائرة من وجهة أخرى. أما بورزازات فهناك حكاية أخرى مع رحلات السادسة صباحا، حيث يصل حوالي مائة وخمسون راكبا تقريبا ولا يجدون سوى مقهى يكفي بالكاد لعشرة أشخاص ويقدم خدمات رديئة بأسعار فنادق خمسة نجوم! وبفاس ووجدة وطنجة.. و.. و الأمثلة كثيرة، وأنصح المدير بنعلو أن يتفقد تلك المطارات في ساعات الذروة ليقف على مستوى خدمات مكتبه وليعرف الفرق الحقيقي بين الخطاب.. والواقع!