رفض محامون الترافع في قضايا المعتقَلين على خلفية أحداث 20 فبراير، التي شهدتها مدينة مراكش، يوم الأحد قبل الماضي، بعدما تقدم بعض أفراد أسر المعتقلين بملفات أبنائهم إليهم، مما أثار خوفا كبيرا لديهم على المصير الذي ينتظر فلذات أكبادهم، وقد دفعهم ذلك إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام محكمة الاستئناف في مراكش، أول أمس الخميس. وقد رفع المحتجون صورا للملك محمد السادس، مرددين شعارا واحدا: «ملكنا يا لْحنينْ، ارحم قلبْ الوالدينْ»، وهو شعار ردده عشرات الآباء والأمهات من أجل إطلاق سراح أبنائهم، بعد منعهم من زيارتهم أو معرفة أي شيء عنهم، سوى قرار إحالتهم على الوكيل العام للملك في محكمة الاستئناف في مراكش، خلال الأسبوع المقبل. «فنيدة»، سيدة تبلغ من العمر 65 سنة، كانت من بين المحتجين أمام المحكمة، من أجل معرفة مصير ابنها «خالد ع.»، البالغ من العمر 19 سنة، والذي يعمل في قطاع الصناعة التقليدية. تقول هذه الأم إنه كان يوم أحداث التخريب «في منطقة سيدي غياث، نواحي مراكش، وقد تعرض للاعتقال على يد رجال الأمن، وهو في طريقه إلى البيت». وأكد جيران المعتقل «خالد»، الذين جاؤوا رفقة والدته، حسن سيرة الشاب وعدم تضمُّن سجله العدلي أي سوابق قضائية... تقف «ميلودة»، بدورها، بين المحتجين لنفس الغاية: المطالبة بإطلاق سراح ابنها «حسن ك.»، الذي كان قد بلغ إلى مسمعها نبأ اعتقاله في حي «دار التونسي»، بعدما قضى يومه في العمل. وقد تم اعتقاله مساء الأحد، في خضم الأحداث التي شهدها الحي المذكور». «سفيان د.»، شاب يشتغل في مجال البناء، رفقة والده، كما أكدت ذلك أمه «سعيدة» ل«المساء»، أمام محكمة الاستئناف، تم اعتقاله في نفس اليوم في حي «الداوديات». أما الأم «دامية» فقد دفعتها عاطفة الأمومة إلى القدوم من منطقة سيدي بوعثمان»، التي تبعد عن مراكش ب30 كيلومترا، سعيا وراء إطلاق سراح ابنها «عبد الحكيم ن.»، الذي يشتغل إسكافيا في المدينة القديمة، المتزوج والأب لطفل عمره ثلاث سنوات.. لم تعرف هذه الأم ظروف وملابسات اعتقاله، الأمر الوحيد الذي تعرفه هو أن ابنها معتقَل وأنه مصاب في رأسه، بعد أن تم الاعتداء عليه من قِبَل المتظاهرين. «محمد ز.» مريض بداء القلب، كما أثبتت ذلك أمه وهي تُظهر شواهد طبية.. يبلغ «محمد» من العمر 22 سنة ويتحدر من منطقة «حربيل»، وقد تم اعتقاله في حي «سيدي يوسف بن علي»، حيث يقطن في بيت خالته، عشية أحداث مراكش الأخيرة. أما «الحسن غ.» فيقف والعرق يتصبب من جبينه، نتيجة بقائه لأكثر من ساعتين تحت أشعة الشمس الحارقة. ينتظر «محمد» مصير ابنه «ياسين»، البالغ من 18 سنة، والذي مازال يدرس في ثانوية «حسان بن ثابت» في مراكش، في السنة الأولى باكلوريا، ويقطن بالمدينة القديمة في «عرصة المسيوي».. لم يعلم الأب باعتقال ابنه إلا عندما اتصلت به الشرطة، تخبره أن ابنه قد تم اعتقاله وتطلب منه الحضور إلى مخفر الشرطة، مصحوبا بدفتر الحالة المدنية. كما يوجد ضمن المعتقلين «محمد ج.»، الطالب في السنة الثانية في كلية الحقوق، مراكش، والذي يقطن في «دوار العسكر»، وقد تم اعتقاله، حسب تصريح صديقه ل«المساء»، حين «كان يقوم بتصوير الأحداث وهو يقف بالقرب من رجال الأمن». نفس المصير عرفه «محمد أمين ع.»، الذي يتابع تكوينه في السنة الثانية في مكتب التكوين المهني في مراكش، شعبة التبريد والتكييف، حسب الشهادة التي أدلت بها أمه «خديجة» ل«المساء»، والتي أكدت أنها لا تعرف شيئا عن ظروف اعتقاله، لكونه كان يكتري بيتا في «حي الكدية»، رفقة أحد أصدقائه، إلى أن تم إخبارها باعتقاله من طرف الأمن... وبين المحتجين، تجلس سيدة لا تقوى على الوقوف، لكبر سنها، إلا أن اعتقال ابنها الوحيد، الذي كان يعولها رفقة أخواته، أجبرها على قضاء اليوم ذهابا وإيابا بين المحكمة ومخفر الشرطة. أما عن ظروف اعتقال ابنها فتقول السيدة «هنية»: «كان ابني في البيت, بعد أن تناولنا وجبة العشاء معا، وفي حوالي الساعة العاشرة ليلا، سمعت طرقا في الباب، خرج ابني «حسن» ولم يعد إلى أن أُبلغنا من طرف الأمن أنه معتَقل، ولم أتمكن من رؤيته حتى هذه اللحظة»... هذه نماذج فقط من الذين توصلت «المساء» بأسمائهم وعناوين إقامتهم وظروف اعتقالهم.. يقضي أفراد عائلاتهم يومهم جيئة وذهابا بين المحكمة ومخفر الشرطة، في انتظار أن تقول العدالة كلمتها في حق أبنائهم المعتقلين، الذين ليست لدى أغلبهم سوابق عدلية.