لن تخسروا شيئا إن أرخيتم عضلات وجوهكم المتقلصة دوما، وشفاهكم المنقبضة، وجباهكم المتشنجة وتخليتم عن نظراتكم الملتبسة الحادة، وابتسمتم.. ليست هناك ضريبة على البسمة حتى تصبح مستعصية إلى هذه الدرجة، إنها حركة بسيطة عفوية، فلا تقاوموها مهما كانت مبرراتكم.. اختفت البسمة من على الوجوه، في كل مكان.. في الشوارع والأسواق والبيوت والقطارات وسيارات الأجرة ومن على محيا الممرضات، من ملامح الفقراء والأغنياء على السواء، وكأن عدوى الحزن والترقب والعنف والغضب والانزواء أصابت الجميع وأتلفت خلايا الابتسامة في عقولهم وأفئدتهم.. الأطفال فقط مازالوا يبتسمون إلى حين.. الإحباط مرض مزمن، والكآبة لعنة، والحزن وباء خطير فابتسموا.. انسوا أوجاعكم النفسية والجسدية، حساباتكم الشخصية والبنكية، أعداءكم الحقيقيين والوهميين، صراعاتكم الصغيرة مهما كبرت، ديونكم في حق الله والعباد، وكفوا عن النظر إلى الخلف، التفتوا إلى الأمام وابتسموا.. تدربتم على إخفاء البسمة، واحترفتم التجهم وكأن سوء تفاهم لا حل له قد حلّ بينكم وبين شفاهكم، لم؟ كأن العالم خلا من الأفراح والزغاريد والحكايات المسلية، وعبارات الود والتعاطف والتعارف والتآلف والرحمة.. ابتسموا.. فالابتسامة كقهوة الصباح، كشمس الخريف، كنسمة بطعم الزهر، كرائحة الأمهات.. حينما تبتسم تتقاسم الفرحة مع نفسك قبل أن تمنحها لغيرك، فلا تبخلوا بها على أرواحكم، وتحرموا منها كل عابر سبيل، كلما أحببت الناس أحبّتك الحياة، وكلما ابتسمت في وجوههم ابتسمت الحياة لمحياك.. أصبح الناس كتماثيل نحاسية صامتة، يجاهدون كي لا يبتسموا، في حين لا يخجلون من إظهار كل السلوكات المناقضة المخجلة.. وقعت في فخ الحزن لشهور، داهمتني سحابة كآبة داكنة فجاريت الأيام في حزنها بابتسامة تتسع باتساع جراح لا يندمل أصغرها إلا ليتفتح أكبرها، لأنني أومن بالحب وبسخاء الحياة.. فنحن محتاجون إلى البسمة في كل لحظة وإلى المحبة إلى ما لانهاية.. الابتسامة نسمة من روحك تضعها في طريقك، وفي حديثك وفي كل أعمالك بطيبة وسخاء دون أن تنتظر مكافأة أو مقابل.. الابتسامة يد دافئة تصافحك، طاقة إيجابية تنعشك، رسالة حب لا تخطئ طريقها إليك، دعوة عشاء على ضوء الشموع.. فابتسموا ملء الشفاه.. ابتسموا دون حرج.. لا تعاندوا..