اغرورقت عينا أم بالدموع وهي تتحدث مساء الخميس لصحافيين حضروا أشغال ندوة دعت إليها جمعية آباء المدرسة العليا للهندسة المعمارية بالدارالبيضاء، وقالت إنها تشعر بأن ابنها صار غريبا عنها وقد تغيرت سلوكاته وصار يتعاطى المخدرات بعد أن كان مجدا في دراسته قبل أربع سنوات. وقالت الأم المكلومة ل«المساء» إن ابنها، الذي يتابع دراسته بمعية 106 طلبة بالمدرسة الخصوصية، أخبرها قبل أسابيع بكون إدارة المؤسسة طلبت منهم التوجه إلى الرباط للتظاهر أمام وزارة الإسكان والتعمير والتنمية المجالية للمطالبة بالاعتراف بالدبلوم الذي سيتسلمونه في حفل التخرج، والحرص على التفرق إذا ما شاهدوا رجال التدخل السريع، وقالت الأم منتحبة: «أنا صيفت ولدي يقرا وأصحاب المدرسة خرجو ليا عليه، دعيتهم لله». داخل قاعة مكيفة بفندق «فرح» بالدارالبيضاء، انبرى آباء وأولياء أمور طلبة المدرسة العليا للهندسة المعمارية بالدارالبيضاء يتحدثون عن سلسة معاناتهم مع الطاقم الإداري والتربوي المشرف على مدرسة افتتحت أبوابها قبل أربع سنوات، كأول تجربة في المغرب لتدريس مهنة الهندسة المعمارية في القطاع الخاص. ودعا آباء وأولياء الطلبة السلطات القضائية إلى فتح تحقيق في خروقات وصفوها ب«الخطيرة» بعد أن احتالت عليهم إدارة المؤسسة التعليمية، الكائن مقرها بطريق «الخير» بحي سيدي البرنوصي بالدارالبيضاء. وقال عثمان المرنيسي، رئيس جمعية آباء وأولياء الطلبة الذين يتابعون دراستهم بالمدرسة التي فتحت أبوابها قبل أربع سنوات، إن الآباء يشجبون اعتماد دفتر تحملات جديد من قبل الشركة محدودة المسؤولية في شخص المدرسة العليا للمهندسين المعماريين بالدارالبيضاء. مشيرا إلى أن المدرسة أنشئت بناء على صفقة عمومية بطلب إبداء رأي مهتم وسلمت إلى شركة فازت بالصفقة وهي عاجزة اليوم عن تطبيق شروطها. وأعرب آباء طلبة تلاميذ المدرسة عن تخوفهم من المستقبل الغامض الذي يتهدد أبناءهم رغم أنهم يؤدون سنويا مبالغ طائلة تفوق تكاليف التدريس في جامعة «الأخوين» بمدينة إفران. ودعا الآباء الذين كانوا يتحدثون في ندوة صحفية، عقدت مساء الخميس بأحد فنادق الدارالبيضاء، المؤسسة القضائية إلى فتح تحقيق في إقحام الإدارات العمومية المعنية في العلاقة التجارية بين هذه الشركة وزبنائها، مشددين على أن القانون المنظم للصفقات العمومية والضوابط العقلانية يفرض فسخ العقدة في حالة إخلال المتعهد بالتزاماته، طالما أن الشركة المسيرة للمدرسة تستفيد من غض الطرف عن خروقاتها مما يمس بالمال العام ومصالح الطلبة وشفافية المساطر المتعلقة بالصفقات العمومية وتدبيرها. وقال عمر فرخاني، رئيس المجلس الوطني لهيئة المهندسين المعماريين بالمغرب، الذي حضر ندوة آباء الطلبة، إن منح الدولة رخص تدريس الهندسة المعمارية للقطاع الخاص سينعكس سلبا على مهنة لها علاقة بسلامة المواطنين وأرواحهم، وسيكون على حساب جودة التكوين الملقن لطلبة المدرسة الوطنية للهندسة المعمارية التابعة للدولة. وحذر فرخاني من إقدام الدولة على الترخيص للمزيد من المعاهد الخاصة التي يرغب أصحابها في الحصول على رخصة لتدريس أصول مهنة لها علاقة مباشرة بأرواح الناس وسلامتهم، مشيرا إلى أن الباحثين عن الربح السريع يتلهفون على فتح مدارس خصوصية أملا في تحقيق ربح مادي، تحت ذريعة سد النقص الحاصل في وظائف العمل الشاغرة في قطاع التعمير والإسكان المزدهرين في بلد كالمغرب يشهد فورة في العقار. وشدد فرخاني على أن تدريس الهندسة المعمارية كتعليم الطب أو الصيدلة وطب الأسنان، لذلك، يؤكد رئيس الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين، فإن المهندس المعماري مثله مثل الطبيب، كلاهما مسؤول عن صحة وسلامة الملايين من المغاربة. من جانبه، دعا محمد طارق السباعي رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب، الجهاز القضائي إلى فتح تحقيق حول ما وصفه ب«النوايا الخبيثة» للمشرفين على تسيير المؤسسة التعليمية ملتمسا من وزير العدل إعطاء تعليمات للنيابة العامة للتحقيق في صفقة رست على ستة أشخاص انسحب منهم اثنان وسيطر أربعة على ملك عمومي للمتاجرة في مصير 1118 طالبا وجني أرباح تعادل89.440.00 درهم من جيوب آباء انخدعوا بإعلانات دعائية للمؤسسة، قبل أن يكتشفوا بعد مرور أربع سنوات أن الدبلومات التي ستمنح لأبنائهم لا تصلح لأي شيء ولن تخضع للمعادلة. وأنصت الصحافيون الذين تابعوا الندوة لشهادة آباء تحدثوا عن ممارسات مخلة بالحياء داخل المؤسسة واستعرضوا تفاصيل رحلة دراسية لمدينة برشلونة زج فيها بأبنائهم في عنابر نوم مختلطة، بعد أن تم تسفيرهم عبر حافلة عادت محملة بمشروبات كحولية اقتناها أطر يعملون في المدرسة. إلى ذلك، أعرب الآباء عن تخوفهم من المصير الغامض الذي يتهدد أبناءهم، ملتمسين من وزارة التعليم العالي ووزارة والتعمير والتنمية المجالية التدخل لحماية مستقبل أبنائهم الدراسي من الضياع، بعد أن تأكد لهم أن الشركة المسيرة للمدرسة العليا للهندسة المعمارية بالدارالبيضاء تماطل في فتح باب الحوار مع جمعية الآباء لإيجاد حل يضمن مصالح زبنائها وطلبتها.