بين كافة أنواع سرطانات الدماغ، يعتبر «الغليوبلاستوما» الأكثرَ شراسة. وفي هذا السياق، يفيدنا الباحثون الألمان في مركز «ماكس ديلبروك» للطب الجزيئي (MDC)، أن خلايا المنشأ، الموجودة في الدماغ، تتمتع بآلية قادرة على التحكم في نمو خلايا» الغليوبلاستوما». وفي العادة، يصيب الأخير أولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 50 و69 عامًا. وما زال جزء كبير من أسباب الإصابة به مجهولا، لكن الاعتقاد يسود حالياً أن خلايا المنشأ العصبية، من جراء ضلوع بعض العوامل، تصاب بتشوه، ما يجعلها تتحول إلى خلايا سرطانية. وتعمل خلايا المنشأ العادية في الدماغ على تحرير بروتين ينتمي إلى عائلة البروتينات المعروفة باسم «بي إم بي» (bone morphogenetic protein) القادرة على حفز عملية تكون الأنسجة، العضلية والغضروفية، ونجد هذه البروتينات في كافة أنحاء الجسم، ومن ضمنها الدماغ. وتشير نتائج الدراسة الألمانية، التي تم تطبيقها على خلايا بشرية وحيوانية في المختبر، إلى أن خلايا المنشأ السليمة في الدماغ تقوم بإفراز بروتين «BMP-7» بالقرب من خلايا «الغليو بلاستوما» السرطانية، ما يجعلها تؤثر على تكتل صغير من هذه الخلايا السرطانية، هي خلايا المنشأ السرطانية التي يحتاجها السرطان للتوسع. من جانبه، يقود هذا البروتين مجموعة من الإشارات الجزيئية التي تحفّز عملية التمييز لدى خلايا المنشأ السرطانية، ما يجعل الأخيرة تفقد طبيعتها السرطانية تدريجياً. في مطلق الأحوال، يؤكد الباحثون أن إمكانات خلايا المنشأ السليمة الوقائية تجاه تطور السرطانات تفقد بريقها مع التقدم في السن، ما يفسر مخاطر الإصابة ب»الغليوبلاستوما» لدى المسنين وحدوث إصابات نادرة به لدى الأطفال والبالغين.